“قانون غزو لاهاي”!!
أحمد حسن
في الولايات المتحدة الأمريكية قانون يدعى “قانون غزو لاهاي”!! – اسمه الرسمي “قانون حماية أفراد الخدمة الأمريكية” – وبموجبه يتمتّع الرئيس الأمريكي بسلطة استخدام “كل الوسائل الضرورية والمناسبة لإطلاق سراح أي فردٍ من أفراد القوات الأمريكية، أو قوات حلفائها، محتجز أو مسجون من المحكمة الجنائية الدولية أو نيابةً عنها أو بناءً على طلبها”!!.
بوضوح أكبر، يسمح القانون لحاكم البيت الأبيض بغزو هولندا، حيث تقع لاهاي، لحماية المسؤولين والعسكريين الأمريكيين وحلفائهم من الملاحقة القضائيَّة أو إنقاذهم من الحجز.
وهذا القانون تحديداً هو السيف الذي لوّح به، وبسواه من الوسائل القانونية أو البلطجية، بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي خلال الأيام القليلة الماضية ضد محكمة الجنايات الدولية وقضاتها، وكل من ظنّ يوماً أن هناك عدالة دولية في هذا العالم.
ومن هذا “القانون”، وأضرابه الكثر في التشريع الأمريكي، نفهم أموراً عدّة منها، الاستهزاء الرسمي بالعدالة الدولية من خلال الإعلان عن استقبال مجرم الحرب المطلوب دولياً، يوآف غالانت، من كبار المسؤولين في واشنطن خلال الأيام القادمة، ومنها قيام هذه الأخيرة – ودون أي اعتبار لقانون أو عرف أخلاقي – خلال فترة زمنية لا تتجاوز الأربع وعشرين ساعة، بإعادة تعريف، وتأكيد، نفسها كأكبر راعية للإبادة الجماعية عالمياً؛ ففيما استنفر طاقمها السياسي، في “البيت الأبيض / الأسود”، و”الكونغرس / محفل الغرب العلني”، لعملية “الغزو” العلني عبر إسباغ الحماية السياسية والشخصية على مجرمي الحرب، نتنياهو وغالانت، بوجه قرار العدالة الدولية ضدهما، ارتفعت يد مندوبها في مجلس الأمن الدولي معارضة وقف جريمتهما المستمرة في غزة، ومسقطة بذلك أربع عشرة يداً أخرى في المجلس ذاته، ومئات ملايين الأيدي خارجه، كما قدّمت “خدمات” قاعدتها اللاشرعية في “التنف” لينفذا عبرها مجزرة جديدة في مدينة تدمر السورية.
في الوقت ذاته، كان الغرب السياسي بقياداته المنافقة يمارس، بدوره، تنفيذ قانون “غزو لاهاي”، لكن بطريقة أكثر مواربة وخداعاً؛ فتحت غطاء “الحماسة” المزعومة من بعضهم للانصياع لمتطلبات القرار الجنائي الدولي، كان يستتر هدف تبرئة الكيان الصهيوني من جرائم الإبادة عبر إلصاقها بشخص أو اثنين منه، أحدهما وزير سابق والآخر مدان ومطلوب في الكيان ذاته، ومعه هدف إظهار هؤلاء “القادة”، الذين طالما قدموا له كل أنواع المساعدة في جرائمه، بمظهر البريء من كلّ الدماء التي أريقت، ولا تزال، حتى هذه اللحظة.
بهذا المعنى يبدو قرار الجنائية الدولية، على أهميته البالغة، قاصراً عن تحقيق العدالة لأن هناك “قوانين” أقوى من قانونها ومنها مثلاً قانون “غزو لاهاي” الذي يقول للعالم أجمع أن قانون الغابة هو من يحكمه، لا مبادئ الأمم المتحدة، ولا مجلس أمنها، ولا أي تشريع أرضي أو سماوي آخر، وذلك ما يؤكد مرة أخرى أن الرهان الوحيد في هذا العالم، وتحديداً في منطقتنا، يجب أن يكون على “قانون المقاومة” التي تنفّذه بنجاح اسطوري على كامل أرضنا المحتلة هذه الأيام.