التضخم يرتفع ويضرب القوة الشرائية.. وفجوات كبيرة في واقع السوق
دمشق – ميس بركات
خرجت محاولات تخفيض نسب التضخم المتزايدة شهراً تلو الآخر عن السيطرة؛ فمع التدخل الحكومي الخجول لضبط آلية السوق والتحكم بالعرض، كانت عجلات معدلات التضخم متسارعة، وبات علاجها أكثر تعقيداً بدخول الاقتصاد المحلي في ركود طال أمده، وإحجام الناس عن الشراء لضعف القدرة الشرائية واضطرار معظم الشركات إلى تخفيض إنتاجها وتفاقم البطالة، إذ لا يمكن أن ننكر أن التضخم المرتفع في سورية أوصلنا إلى الركود في الأسواق، ليؤكد دكتور الاقتصاد في جامعة دمشق سامر المصطفى، في تصريح لـ “البعث” أن التضخم المرتفع في سورية أدى إلى الركود في الأسواق، لأن العملة أصبحت أقل قيمة وانخفضت قوتها الشرائية ما جعل الناس ينفقون أقل، وبالتالي انخفاض الطلب على السلع والخدمات، وحدوث الركود في بعض الأسواق، مستهجناً اعتقاد بعض المستهلكين بأن الادخار للشراء في المستقبل أفضل من الشراء في الوقت الحالي، وأنهم سيشترون أكثر مما بإمكانهم شراؤه اليوم في المستقبل.
المصطفى أشار إلى أنّ الركود في السوق السورية حدث مع التضخم، ما جعل بعض الاستثمارات غير مجدية للشركات والمستهلكين، ففي السوق المحلية عندما حدث التضخم وارتفعت تكاليف الحصول على النفط والغاز والنقل وغيرها قامت الشركات برفع الأسعار وحوّلت تكاليفها المرتفعة إلى المستهلكين دون المساس بأرباحها، لافتاً إلى ارتباط التضخم والانكماش ارتباطاً وثيقاً بالسياسة النقدية، وهذه مهمة البنك المركزي، فأهم أدواته هي سعر الفائدة والمعروض النقدي، لكن المشكلة في السوق السورية هي أن السياسة النقدية والمالية أصبحت تتبع للجهة نفسها “وزارة المالية”، ما سبّب فجوات كبيرة في واقع السوق السورية، مؤكداً ضرورة استخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم ومعدلاته المرغوبة للحدّ الأدنى، واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض.
ولم يخفِ الدكتور المصطفى انخفاض ديون الدولة عندما يكون هناك تضخم، وقد يبدو الأمر مغرياً في البداية، إلّا أن التضخم يقلّل في الوقت نفسه من قيمة المدخرات، وبالتالي يشعر الناس بقلق متزايد بشأن ارتفاع الأسعار وفقدان مدخراتهم، كما يمكن أن تفقد الثقة في قيمة المال تدريجياً، وهذا ما حدث في السوق السورية لأسباب متعدّدة، لذلك يجب أن يكون التضخم عند أدنى مستوى ممكن.
وقدم المصطفى حلولاً لمشكلة التضخم الاقتصادي بالاعتماد على تطبيق السياسة النقدية الانكماشية ورفع معدل الأموال، كذلك زيادة متطلبات الاحتياطي، كما يمكن أيضاً خفض معدل التضخم باستخدام أدوات السياسات المالية من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي وزيادة معدلات الضرائب والرسوم، أي أنه يجب الاستمرار باستخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم ومعدلاته المرغوبة للحدّ الأدنى واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض، والتي قد تؤدى إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة.