أخبارصحيفة البعث

عن أي نجاح يتحدث نتنياهو ؟

سنان حسن

بعد قرابة شهرين من العدوان الإسرائيلي على لبنان، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو موافقته على وقف إطلاق النار، مدعياً أنه حقق جميع أهداف حربه. ولكن، قبل أن ينهي خطابه المسجل، تعرض لانتقادات حادة من السياسيين والإعلام الإسرائيليين، الذين اعتبروا خطابه بمثابة اعتراف بالهزيمة أمام المقاومة، وليس انتصاراً كما ادعى، وأكدوا أن المنتصر في هذه الحرب هي المقاومة اللبنانية التي ما زالت تقاتل على الجبهة الأمامية للحدود اللبنانية، مانعةً قوات الاحتلال من تثبيت مواقعها.

عند بداية العدوان على لبنان، خرج نتنياهو ووزير حربه المُقال، يوآف غالانت، ليعلنا أن أهداف الحرب هي: عودة سكان مستوطنات الشمال إلى منازلهم، إبعاد المقاومة عن الحدود، نزع سلاحها، وفرض أجندات سياسية “إسرائيلية” على الداخل اللبناني، بهدف منع العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل بداية العدوان. لكن مع مرور الأيام، بقيت المقاومة ورجالها ثابتين في مواقعهم، حيث منعوا جيش الاحتلال من احتلال أي قرية، بل حتى من الوصول إلى نهر الليطاني كما كان مخططاً له. وحتى الصورة التي بثها الإعلام الإسرائيلي قبل توقيع الاتفاق بساعات كانت مفبركة، كما كشفت المقاومة.

واستمرت وحدات المقاومة الصاروخية والجوية في تنفيذ عمليات نوعية داخل العمق الإسرائيلي، من أشدود التي تبعد أكثر من 165 كم عن الحدود اللبنانية، مروراً بـ”تل أبيب الكبرى”، وصولاً إلى القواعد والمعسكرات الصهيونية على الحدود مع لبنان، محققةً إصابات نوعية. وكان استهداف قاعدة “الكرياه” في قلب “تل أبيب”، مقر وزارة الحرب الصهيونية، ومنزل نتنياهو، ومعسكر لواء غولاني، من أبرز الأمثلة على ذلك. وبالتالي، عن أي نجاح يتحدث نتنياهو وعصابته المجرمة في لبنان؟

بالطبع، الإنجاز الذي حققه كيان الاحتلال في عدوانه الهمجي على لبنان كان يتمثل في ارتكاب المجازر، وقتل الأبرياء، وتدمير البنية التحتية والبلدات اللبنانية، بحقد وإرهاب غير مسبوقين. ولعل ليلة إعلان نتنياهو عن توقيع الاتفاق، وجنون الطيران الحربي الصهيوني، كانت دليلاً على أن “إسرائيل” كانت تنفذ هذه الغارات بهدف الانتقام من اللبنانيين وعاصمتهم بيروت، حيث أعلن جيش الاحتلال تنفيذ أكثر من 200 غارة جوية على كامل الأراضي اللبنانية، وهذا ما أكده رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي: “إن استهداف بيروت يثبت حقد العدو الإسرائيلي عليها بما تمثله حاضنة لكل اللبنانيين”.

وربما الشيء الوحيد الذي يفاخر به نتنياهو في حربه على لبنان هو اغتياله قادة بارزين من المقاومة اللبنانية، وعلى رأسهم القائد الشهيد السيد حسن نصر الله ورفاقه، لكن المقاومة استوعبت هذه الصدمة وخرجت أقوى وأكثر عزيمة في مواجهة العدو وآلته الحربية الإرهابية، وتمكنت بفضل قيادتها السياسية والميدانية من إعادة توجيه هذه المعركة، وإجبار الاحتلال على التراجع وإخضاعه. والدليل على ذلك هو تنازل الاحتلال عن الشروط التي أعلن عنها في بداية العدوان، وعودته إلى تطبيق القرار 1701 الذي أقره مجلس الأمن في عام 2006 عقب عدوان تموز.

لا شك أن إعلان نتنياهو عن وقف الحرب هو إنجاز يحسب للمقاومين على الجبهات، ولكن يجب عدم التسرع في الحكم قبل أن تُكشف كامل بنود الاتفاق الذي وافق عليه، فقيادة المقاومة أكدت أنها لن تسمح له بتمرير أي فخ عبر الاتفاق، ولن تسمح له بتحقيق ما عجز عن فعله في الميدان. وتبقى اللقطات الأولى لوصول أبناء الجنوب المقاوم إلى بوابة فاطمة في كفركلا، والتي شهدت مواجهات أسطورية مع العدو الصهيوني بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق، تختصر المشهد برمته.