حالتنا حالة…!!
وائل علي
“حالتنا حالة”.. عبارة تختصر المعاناة التي وصلنا إليها على كل الصعد، والمشكلة أننا لا نزال نغرق في هذا الخضم الذي يزداد ويتسع ، وكل ما نراه ونسمعه من حلول ووعود وآمال لا يعدو تشكيل المزيد من اللجان والهيئات الاستشارية وفرق التقصي والاستدلال التي تطورت، هي الأخرى، وتوسعت منذ مدة لمؤتمرات حوارية.
وعلى ما يبدو فإن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أطربت للفكرة فأطلقت جلسات حوارية على مستوى المحافظات لمدة شهر من باب تعزيز مبدأ التشاركية لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي والقوانين الناظمة لعملها، فيما الأسواق وفوضاها تغلي وتعج بما هب ودب، أما الأسعار فلها صولات وجولات وحكايات، وتلك مفارقة ما بعدها مفارقة، ولا ندري إن كان حبل الحوارات لا يزال على الجرار بعد.. !!
وطالما أن الكل يحب أن يتحاور فمن المنطقي السؤال عن مصير مخرجات المتحاورين السابقة والقائمة والآتية ، وأين ذهبت وتذهب، إذ ليس من المعقول أن نبقى نتحاور ونتحاور ونروج للحوار المجرد وعقد الجلسات الحوارية إلى ماشاء الله بلا طائل أو جدوى، وإلا فسيكون حوارنا شبيها بحوار الطرشان – رغم أننا لا ننكر أهميته وإيماننا بالفكرة كفكرة – لكننا نؤمن أكثر بالنتائج الملموسة، والقرارات التي ننتظرها على جمر الحال والأوجاع.. ولا تأتي مع الأسف!!
وعليه فإن ما نخشاه أن لا تنتهي تلك “الملهاة” ويطول عمرها ، لأننا بأمس الحاجة اليوم لننام ونصحو على وقع قرارات جريئة تنسف العوائق التي صنعها التجريب وأوجدتها الرؤيا القاصرة التي تنقصها الخبرة “ربما” ، وتستبعد صبغة النفعية المحضة المقيتة، وتطلق العنان للأفكار والعقول الألمعية، بعيدا عن التشكيك والتخوين والاتهام.. جربوا مكافحة الفساد بأشكاله ولاحقوا الفاسدين علانية وعلى رؤوس الأشهاد وأمام الرأي العام كائنا من كانوا، وارفعوا أيدي النافذين والمتنفذين بين ظهرانينا ، وامنحوا الفرص لأصحاب العقول والخبرات والمهارات الاستثنائية واسترجعوا من خسرناهم بدواعي الهجرة والبحث عن حظوظ أفضل في الداخل والخارج، وسترون كيف سننهض من هذا العجز والتخبط المتشظي الذي طال كل المرافق.
وها هي التجارب ماثلة أمامنا لأمم وشعوب انتقلت في سنوات قليلة من حال إلى حال بإرادتها وتصميمها وإصرارها لتتصدر قوائم الرفاهية والفاعلية والمنعة الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وإلا ستظل “حالتنا حالة” ونظل ندور في حلقة مفرغة لا خلاص ولا برء منها!!