فعاليات ثقافية وعروض فنية غنية في “أيام الثّقافة” باللاذقية
اللاذقية ـ آلاء حبيب
اغتنت احتفالية “أيام الثّقافة السّورية” التي أقيمت تحت شعار “الثّقافة رسالة حياة”، بفعاليات وعروض ونشاطات غنية شملت الفنون الموسيقيّة، والتّشكيلية والمسرحية والأدبية، لترسم لوحةً من الإبداع، وإعادة إحياء الجذور الثقافية، في أجواءٍ تليق بعراقة الثّقافة السّورية،
وافتتح المايسترو زياد عباس وفرقته الموسيقية الفعالية، بحفلٍ مميّزٍ على مسرح دار الأسد للثقافة، وسط تفاعلٍ كبيرٍ من الجمهور، تخللها مجموعة من الأغاني التراثية، التي تحمل عبق الماضي وروح الانتماء، منها أغنية “سنرجع يوماً إلى “حيّنا” وأغنية من “قلبي سلام لبيروت”، ووجه تحيّة حبٍ وإجلال إلى سورية ولبنان، مؤكداً أنّ الموسيقى قادرة على مد الجسور بين الشعوب وتعزيز قيم الحب والسّلام.
وأقامت الفنانة التّشكيلية عدوية ديوب، ورشة عملٍ فريدة للأطفال بعنوان “المفردات التراثية”، والورشة كانت منصة لتعريف الجيل الجديد بأدوات الماضي، التي استخدمها الأجداد مثل الفخارة، ومدق الزيتون، وببور الكاز، ودلوة القهوة، وأبدع الأطفال في رسم هذه المفردات والتّعرف على المواد التي صنعت منها، في محاولة لتعزيز صلتهم بتراثهم وتاريخهم، وأوضحت ديوب أنّ الهدف من الورشة ليس فقط تعريف الأطفال بالتراث، بل أيضاً غرس قيم تربوية، تعزز من ارتباطهم بهويتهم الثقافية.
وتضمنت الفعاليات العرض الأول لمسرحية “الأخوة” من إخراج فايز صبوح، واحتضنت دار الأسد للثقافة، ملتقى زكريا شريقي للفن التّشكيلي، بمشاركة نخبة من الفنّانين، وخريجي مركز الفنون التّشكيلية باللاذقية، وضم الملتقى 30 عملاً فنياً تنوّعت موضوعاتها بين الطّبيعة والتّراث والمرأة.
وعلى هامش الاحتفالية، أقيم معرض الكتاب، الذي ضم أكثر من ألفي عنوان، تغطي مختلف المجالات الأدبية والعلمية والفكرية، بالإضافة إلى كتب الأطفال، واجتذب المعرض عدداً كبيراً من الزوار، الذين استفادوا من حسومات وصلت إلى 50% على الكتب، ما يعكس حرص الوزارة على جعل المعرفة في متناول الجميع.
واختُتمت الفعاليات بندوةٍ ثقافيةٍ، نظمتها مديرية الثّقافة وجمعية العاديات في اللاذقية، تحت عنوان “اللاذقية.. من هنا انطلقت الحضارة”، وشارك في الندوة مجموعة من الباحثين والمختصين، الذين سلطوا الضوء على الجوانب التّاريخية والثقافيّة والفنيّة للمدينة.
الباحث الموسيقي زياد عجان استعرض ولادة كلمة الموسيقا، مشيراً إلى أول اكتشاف لأول نوتة موسيقية، وأول سلم موسيقي كانا من مدينة أوغاريت، وتحدّث عن الآلات الموسيقية القديمة كالدُف والصنوج، مع تقديمه مقطوعات موسيقية أوغاريتية أثارت إعجاب الحضور.
الدكتور سراج إسكندر تناول العلاقة بين اللغة الأوغاريتية واللغة العربية، مبرزاً أوجه الشبه والاختلاف بينهما، من حيث الأصوات والصّرف والألفاظ، ما أضفى بُعداً لغوياً مميزاً.
وقدّمت الدكتورة بثينة الخيّر عرضاً تاريخياً، عن دور مدينة اللاذقية في تأسيس الحضارة الإنسانية، مسلطةً الضوء على التّراث الأدبي للمدينة عبر العصور، ومشدّدة على أهميّتها كمركز إشعاع ثقافي.
الأب الدكتور اسبيردون فياض، ألقى الضوء على الكنيسة في اللاذقية، كجزء أساس من التّراث والحضارة فيها، كما تناول إسهامات شخصيات بارزة من أبناء الكنيسة في مجالات الأدب، والموسيقا، والصحافة، والسياسة، ما أضاف بُعداً روحياً وثقافياً للنقاش.
بينما ركّز الدكتور هاني ودج على التطور العمراني والمادي للمدينة، حيث قدّم عرضاً تصويرياً، تناول تطور اللاذقية عبر الزمن، مستعرضاً صوراً وثائقية تعكس، التّغيرات التي شهدتها المدينة وصولاً إلى يومنا هذا.
مدير الثقافة مجد صارم، أكّد نجاح فعاليات الاحتفالية بتعاون المجتمع المحلي والأهلي، وما قدموه من لوجستيات ومساعدات لإنجاح الفعاليات، مشيراً إلى تنفيذ الأنشطة وفق برامجها، وفي المراكز الثقافية على امتداد المحافظة، مع التواصل المستمر لإنجاح جميع الفعاليات، مبيّناً أنّ الندوة الختامية تسلّط الضوء على إسهامات اللاذقية الحضارية، مثل النوتة الموسيقية والأبجدية الأولى، مع التأكيد على شغف الجمهور المحلي بالثقافة والفنّ، وسعي المديرية الدائم لتقديم فعاليات نوعيّة.