دراساتصحيفة البعث

نتنياهو مجرم حرب.. بقرار دولي

هيفاء علي

في مواجهة الإبادة الجماعية والمذابح الإسرائيلية في فلسطين المحتلة ولبنان، قدّم الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار يهدف إلى فرض وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. ومن بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، صوّتت الولايات المتحدة فقط ضد القرار واستخدمت حق النقض (14 صوتاً مقابل صوت واحد)، ما أعطى “إسرائيل” الضوء الأخضر لمواصلة إبادة الفلسطينيين. وبذلك، تؤكد الولايات المتحدة خضوعها الذليل للمصالح الإسرائيلية، وتؤكد عزلتها وانفصالها عن الضمير الإنساني.

ومن أجل مساعدة “إسرائيل” على مواصلة الإبادة الجماعية، خصّص لها الكونغرس الأميركي مؤخراً، بالتصويت، مساعدات جديدة بقيمة 20 مليار دولار. ولكن هناك بعض الأخبار التي تثلج الصدور، فعلى الرغم من الضغوط والتهديدات الأميركية الهائلة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد نتنياهو ويوآف غالانت، وكان هذا أقل ما يمكنها فعله للحفاظ على الحدّ الأدنى من المصداقية في مواجهة العالم. لذلك، يجب أن يواجه مجرما الحرب هذين صعوبة في السفر داخل الدول الـ 124 الموقعة على معاهدة روما.

بطبيعة الحال، ليس من المستغرب أن ترفض الولايات المتحدة و”إسرائيل”، اللتان اعتادتا على انتهاك القوانين الدولية، مذكرات الاعتقال هذه، والتسليم بأن العدالة الدولية هي من أجل الآخرين، وليست لهم. ووفقاً للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، فإن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية هي “قرار ملزم” لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما أثار ردود أفعال مستنكرة من قبل مؤيدي الإبادة الجماعية، الذين لا تفتقر إليهم النخب ووسائل الإعلام الصهيونية في غرب الناتو.

فيما تواصل “إسرائيل” استهداف النظام الصحي في غزة بشكل منهجي بثلاث طرق: الأول هو تدمير المستشفيات وإخراج 34 مستشفى عن الخدمة من خلال القصف والتدمير المتعمد. أما الثاني فهو استهداف الطواقم الطبية، حيث استشهد أكثر من 1000 طبيب وممرض، واعتقل 310 آخرين، وأعدم عدد منهم تحت التعذيب في سجون الاحتلال. وتتمثّل الطريقة الثالثة في منع المستلزمات الطبية ومنع دخولها إلى المستشفيات الميدانية، بالإضافة إلى منع وصول الأدوية والمعدات الطبية، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتضاعف عدد الوفيات.

إن نشر الرعب عن طريق القتل دون إحصاء لدفع السكان إلى الهروب والاستيلاء على أراضٍ جديدة، هو الأسلوب الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلية بموافقة ودعم النخب الأمريكية الفاسدة، والصمت المتواطئ لسياسات الاتحاد الأوروبي الخاضع لديكتاتورية الإعلام الصهيوني، ولكنهم ما زالوا يمثلون في ضمير العالم.

إن جزاري تل أبيب، الذين لم يكتفوا بارتكاب المجازر الشنيعة التي لا تُحصى في فلسطين ولبنان، يعتدون اليوم على سورية، بجنونهم القاتل، ويستهدفون المناطق السكنية، كما جرى مراراً وتكراراً وكان آخرها ما حدث في العشرين من تشرين الثاني، حيث قُصفت مدينة تدمر، مما أسفر عن سقوط 36 شهيداً وإصابة أكثر من خمسين آخرين.

وبالعودة إلى الوراء قليلاً، فقد كسرت حركة المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول 2023، الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بإطلاق عملية “طوفان الأقصى” البطولية، وبما أن الحصار هو عمل من أعمال الحرب، فإن للمقاومين كلّ الحق في القيام بكسر هذا الحصار.

ووفقاً للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، وحتى معظم المراقبين العاديين، فقد تحوّل هذا المشروع “مشروع الحرية” إلى إبادة جماعية وتطهير عرقي، تمّ تنفيذه ضد ما تبقى من أصحاب الأرض الأصليين. وبفضل هذا الكائن المتواطئ الذي يعيش في واشنطن العاصمة، واستخدامه حق النقض ضد القرارات الأربعة الأخيرة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة -ولجنة العمل السياسي التي تسيطر عليها- لم يقم أحد بأي تحرك ملموس لثنيهم عن ذلك.

وها هو رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو قد أدين بارتكاب عدة جرائم، ومن المرجّح أن يذهب إلى السجن بمجرد انتهاء المذبحة الحالية التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال.