البيئة الاستثمارية.. قوانين مضطربة وإجراءات غير حاضنة للأموال والنتيجة تنامي اقتصاد الظل
دمشق – ميس بركات
أثار الحديث عن حجم التراخيص الممنوحة هذا العام للاستثمارات في عدد من الدول العربية، كمصر والسعودية، الكثير من الأسئلة، وخاصّة مع تفوق حاملي الجنسية السورية على غيرهم من الجنسيات بالحصول عليها، الأمر الذي يستدعي فتح الطريق أمام رؤوس الأموال المحلية للاستثمار المحلي، ليؤكد سعد بساطة، الخبير الاقتصادي والاستشاري الدولي، أن الوقت آن لتطوير قانون الاستثمار والتشريعات الضريبية والمالية، بما يضمن مصلحة الدولة من جهة والمستثمر من جهة أخرى، كذلك إزالة العقبات الروتينية التي تقف في وجه الاستثمار، فشروط بيئة الاستثمار الزراعي والصناعي الناجحة في بلد نامٍ بعد الحرب تتطلّب إعادة بناء الاقتصاد من خلال مجموعة من العوامل المتداخلة لخلق بيئة استثمارية جاذبة، أبرزها الاستقرار الأمني، كذلك تأهيل البنية التحتية بإعادة بناء الطرق والجسور والموانئ والمطارات لتسهيل الحركة والتجارة، وتطوير شبكات الطاقة والمياه والصرف الصحي لتلبية احتياجات الصناعة والزراعة، مع الاستثمار في الاتصالات لتسهيل التواصل وتبادل المعلومات. وفيما يتعلّق بالإطار القانوني والتشريعي، لفت بساطة إلى أهمية وضع قوانين واضحة وشفافة لحماية الملكية الفكرية والاستثمار، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية وتقليل التكاليف، كذلك مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، مشيراً إلى أهمية الاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير الكفاءات المطلوبة في السوق، ودعم ريادة الأعمال وتوفير التمويل اللازم للشركات الناشئة.
الخبير الاقتصادي تحدث عن البيئة الاستثمارية الجاذبة والمشروطة بتقديم حوافز استثمارية للمستثمرين المحليين والأجانب، مع توفير الضمانات اللازمة لحماية الاستثمارات، كذلك إنشاء مناطق صناعية حرة، وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد ودعم الصادرات بإعفاءات جمركية، مع الإلزام بتقديم بضائع بكميات بالمثل ضمن البلد بأسعار مدروسة للمواطن لعدم رفع الأسعار العشوائية. أما في مجال الزراعة، فيجب دعم الزراعة المستدامة وتوفير التكنولوجيا الحديثة للمزارعين، وتطوير سلاسل القيمة الزراعية وتشجيع الصناعات التحويلية، مع توفير التمويل اللازم للمشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة الزراعية. وفيما يتعلّق بالاستثمار الصناعي، أشار بساطة إلى ضرورة التركيز على الصناعات التي تعتمد على الموارد المحلية الزراعية والخيرات من أرض البلد، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، كذلك تطوير البنية التحتية الصناعية وتوفير الأراضي الصناعية، مؤكداً أهمية التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي من خلال خلق قيمة مضافة للمنتجات الزراعية وتوفير فرص عمل جديدة، إضافة إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على صادرات المواد الخام.
بدوره، وجد ياسر إكريم، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، أن من الخطأ ترك المال مجمّداً دون أي استثمار، إلّا أنّ أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة ما زالوا يخشون حتى اليوم الخوض في أي مشروع استثماري محلي بسبب اصطدامهم بالقوانين المضطربة والمشاريع السابقة الخاسرة، والتي تأتي من صدمات الضرائب والجمارك. ولم ينفِ إكريم وجود الكثير من رؤوس الأموال غير المستثمرة، والتي يجب نقلها إلى مشاريع رابحة، فأي عقار أو قطعة أرض أو حتى إسوارة الذهب يمكن لمالكها تحويلها إلى مشروع ربحي في ظلّ قوانين حقيقية ومستقرة تحمي وتضمن نجاح المشروع، أي أن من الخطأ فرض ضرائب على المشاريع الصغيرة، وخاصة تلك التي يشترك عليها أكثر من عشرة أشخاص ما يجعلهم يضطرون للاتجاه إلى اقتصاد الظل هرباً من الضرائب، فلو فكر المواطن بالقيام بمشروع صغير في المنزل تأتي الجهة المختصّة وتطالبه بترخيص إداري من منطلق البيئة غير الصالحة للعمل، وضرورة التوجّه إلى عدرا للقيام بمشروعه هناك، أو الدخول بسلسلة معاملات تحتاج إلى معقب معاملات بمبالغ كبيرة، أو ضرورة الدفع لسجل تجاري وغيرها من المتاهات التي لا تنتهي إلّا بانتهاء المبلغ المخصّص لهذا المشروع، لذا نحن اليوم أكثر حاجة إلى إشراف الدولة أسوة بتخديمها التعليم والطب يجب أن تخدّم الاقتصاد.