قصور تصنيف المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر يربك السوق المصرفية
دمشق – محمد العمر
يتفق خبراء الاقتصاد اليوم على أن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر أحد القطاعات الاقتصادية المهمّة التي تحظى باهتمام الحكومة والمنظمات الدولية، لكن ضبابية التعامل مع هذا النوع من المشاريع، وخاصة المتناهية الصغر ما زال يربك السوق المصرفية في طريقة تصنيفها ودخلها غير الواضح، في وقت لا يزال تعريفها قاصراً أيضاً في التمويل وماهية المشروعات المصنّفة، ويأتي ذلك في ضوء نقص التمويل وتضاعف مخاطر الضمان في ظلّ هذه الظروف، علماً أن المصارف المحلية، سواء الحكومية أم الخاصة، ما زالت مقصّرة في تمويل تلك المشروعات ودعمها، وخاصة لجهة الفائدة المرتفعة التي تتقاضاها من أجل منح القروض، ويطالب العديد من المستثمرين أو مقدّمي هذا النوع من المشاريع الصغيرة أن تبسط المؤسّسات المالية والمصرفية إجراءاتها التمويلية لمنح القروض، مع ضرورة تنويع المنتجات المصرفية، وتسهيل شروط الحصول عليها.
لغة الأرقام
النائب الأول لحاكم البنك المركزي ميساء صابرين أكدت أن المركزي يعمل اليوم على دعم هذا النوع من المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ويقدّم لها جميع أنواع التسهيلات ولكن بشكل مضبوط ومتوازن، حيث إنه منذ صدور رقم 8 لعام 2021 الخاص بإحداث مؤسّسات التمويل الأصغر تمّ توجيه الدعم والتمويل لهذه المشاريع، والمركزي بلغة الأرقام وجّه تمويلاً بمنح ٨٠٠ مليار ليرة سورية منذ عام 2021 إلى 2024، مقارنة مع 297 مليار ليرة في نهاية عام ٢٠٢١، وأن القطاعات الأكثر استهدافاً كانت القطاعات الزراعية والخدمية، وهو ما تمّ منحه من قبل المصارف العامة ومصارف التمويل الأصغر والباقي من بقية المصارف، إلا أن آلية العمل وضمان المخاطر هو ما يأخذ حيّزاً من الوقت لتأمين ضمانات للمؤسّسات المالية والتمويلية بمساعدتها في استرداد أموالها وحقوقها، والبنك المركزي ملتزم بتقديم ضوابط وإجراءات معيّنة لتمويل هذا النوع من المشاريع، بما يتناسب مع سعر الفائدة وارتفاع التكاليف للبرامج المستهدفة.
مهمة صعبة
بدوره الخبير الاقتصادي محمد شريفة أكد أنَّ العقبة الرئيسية أمام نمو المشاريع الصغيرة جداً تكمن في آلية التمويل والخاضع لتعليمات وإجراءات البنك المركزي، إذ إن قروض المؤسّسات المالية تصعّب المهمّة على هذه المشاريع قبل بدئها من جراء نسب الفائدة المفروضة على القروض وشروط الحصول عليها، عدا عن إجراءات الترخيص المقيّدة، فرغم صدور القانون رقم 8 المتعلق بمصارف التمويل الأصغر، إلا أن هذه المصارف لم تقم بالدور المطلوب منها لهذه الشريحة، وما زالت التسهيلات دون المستوى المطلوب، في وقت تطلب مؤسّسات التمويل من إقامة أي مشروع ألا تقلّ قيمة الموجودات في مشروع متناهي الصغر عن 15 مليون ليرة، وأن تصل قيمة المبيعات إلى 20 مليون ليرة، ولغاية 175 مليون ليرة للمشروعات الصغيرة، وهذه الأرقام تعتبر صعبة للذين يلجؤون لهذا النوع من المشاريع . وبيّن شريفة أن المشاريع الصغيرة أكثر ما تعاني منه اليوم، فضلاً عن مشكلات التمويل والقروض ذات الفوائد المرتفعة، هو عدم توفر الكهرباء والمحروقات، وهذه الأمور تعتبر العامل الرئيسي في إنجاح المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة على أرض الواقع تناسباً مع حجمها المتواضع.