اقتصادصحيفة البعث

“بيان عملي”!!

علي عبود 

نُسجّل لوزارة الكهرباء نجاحها في تنفيذ بيان عملي لـ “سيناريو العتمة” دون أيّ تذمّر من المواطنين باستثناء “فشات الخلق” على صفحات الفيس بوك!
نعم، اقتصار ساعات “الوصل” على ساعتين متقطعتين أو أقلّ في بعض المناطق، لا يُقلّل من “سيناريو العتمة”، والذي تقصّدت وزارة الكهرباء تنفيذه مع أول منخفض قطبي في الشتاء، وكأنّها رسالة تحذيرية لملايين السوريين: استعدوا لـ “العتمة”، لا تدفئة من البرد القارس إلا بالوسائل التقليدية، والملابس الصوفية السميكة أو بالحرامات!!
وقد تفاجأ من دفع ما لا يقلّ عن 20 مليون ليرة لمنظومة طاقة بديلة مثل بطاريات “الليثيوم أو الجل والأنبوبية” لتأمين الإنارة وتشغيل الأجهزة الكهربائية الضرورية، بعجزه عن شحنها بطاقة كافية بعد أول يوم من تنفيذ بيان سيناريو “العتمة”!
قد يكون من قام بتركيب الألواح الشمسية أقل تأثراً بهذه “العتمة”، لكنه سيكتشف سريعاً أنه بحاجة إلى دعمها بألواح جديدة كي يستمر بالتمتّع بالنور والتشغيل المستمر لتجهيزاته المنزلية!
ولعلّ المستفيد الوحيد من سيناريو “العتمة” هم تجار المولدات الذين تعرّضت بضاعتهم للكساد بعد انتشار “موضة” البطاريات والألواح، وهم يتمنّون أن تسود “العتمة” سورية بكاملها كي تنتعش أسواق مولداتهم من جديد!
ولا نبالغ بالقول إن كلّ من ركّب بطاريات، مهما كانت طاقاتها منخفضة، سيحتاج قريباً، إذا تحوّلت “العتمة” من بيان عملي إلى حالة دائمة في فصل الشتاء، إلى شراء المولدات وإلا خسر حتى منظومته الشمسية التي ستضعف فعاليتها في ذروة المنخفضات القطبية!

لاحظوا جيداً أنه على الرغم من إعلان وزارة الكهرباء عن إدخال طاقات جديدة في مولداتها في الخدمة، وعلى الرغم من تباهيها بتنفيذ صيانات دورية، وإعادة تأهيل لأقسام معطلة في محطات التوليد، وعلى الرغم من إلزام الفعاليات الصناعية والتجارية باستخدام الطاقات البديلة، فإن الوضع الكهربائي يسير “بنجاح” من الأسوأ إلى “العتمة الشاملة” تقريباً!
طبعاّ، الذريعة لتطبيق “العتمة الشاملة” جاهزة لدى وزارة الكهرباء: نقوم بتشغيل محطات التوليد وفق كميات الغاز والفيول التي تردنا من وزارة النفط!
ولا تُقصّر وزارة النفط بنفي مسؤوليتها عن تطبيق “العتمة الشاملة”، فذريعتها أيضاً قوية: نوزع المشتقات النفطية حسب جدول التوريدات!.
وقد أضافت وزارة الكهرباء ذريعة جديدة وهي “الاعتمادات المالية”، بمعنى إذا كان تحسين الوضع الكهربائي وتجنّب “العتمة” يتوقف على تنفيذ أعمال الصيانة للشبكات وشراء ما تحتاجه من مواد، فإن الإمكانات المالية لدى الوزارة غير كافية، وربما هي في حدّها الأدنى، وهذا يعني أن وزارة المالية مسؤولة أيضاً عن دخول سيناريو “العتمة الشاملة” حيّز التنفيذ.

الخلاصة.. لم يتسبّب نقص المشتقات النفطية بانخفاض ساعات الوصل الكهربائي وصولاً إلى “العتمة الشاملة” تقريباً، وبانعدام التدفئة لملايين الأسر السورية فقط، بل تسبّب هذا النقص أيضاً بنتائج كارثية على القطاعات الإنتاجية وبخسارة مساحات واسعة من الغابات والحراج بهدف استخدام أشجارها كوقود لدرء البرد، وتحديداً في الجبال العالية، والسؤال: إلى متى سيستمر هذا الوضع دون حلول ملموسة وفعّالة؟!