اختصاصيون يطالبون بترشيد التصدير لصالح المنتج والمستهلك والدولة
اللاذقية – مروان حويجة
مع ارتفاع الأصوات المطالبة بتصدير فائض الإنتاج الراعي للأسواق الخارجية، يعتبر الباحث الأكاديمي المتخصص بالتسويق الزراعي، الدكتور محمود عليو، أنّه لا بد أن يكون ترشيد التصدير لصالح كل الأطراف (المنتج والمستهلك والدولة)، من حيث تأمين احتياجات المواطنين وإحداث توازن بين العرض والطلب وتحقيق استقرار الأسعار التي تناسب المنتج وتكون ضمن نطاق القدرة الشرائية للمستهلك.
ويرى عليو أنّه لا توجد منطقة في العالم تستطيع تغطية كل احتياجات سكانها من المنتجات الزراعية على مدار العام، لأسباب بيئية، وبسبب الطبيعة البيولوجية للإنتاج الزراعي الذي يرتبط بظروف مناخية محددة.
ولتجنب حصول الفائض، دعا عليو إلى ضرورة تخطيط الإنتاج وفق حاجة السوق المحلية وإمكانيات التصدير مع هامش يراعي الطبيعة البيولوجية للإنتاج الزراعي، معتبراً أن تصدير الحمضيات حالياً شبه مستحيل في ظلّ المنافسة الشديدة، وتفوق الجهات التقليدية المنتجة للحمضيات، وتعذّر إمكانية الدخول لأسواق الدول المستوردة، لاسيما من ناحية النوعية والمواصفات والتعبئة، وحتى السعر، وتوفر لوجستيات النقل والتخزين ودعم الصادرات، إضافة إلى الحرب الاقتصادية والحصار مع عدم وجود متطلبات ومستلزمات التسويق الخارجي.
وحول جدوى التصنيع كحلّ ملائم، أوضح الدكتور عليو أنه في كل موسم تعلو الأصوات التي تشكو من كساد الحمضيات، وتطالب بالتصنيع، إلا أن هناك من يعزو عدم إمكانية التصنيع – بحسب عليو – إلى عدم وجود أرض لإقامة المصنع، أو غياب المستثمرين، أو أن الشروط والقواعد الجاذبة للاستثمار غير متوفرة، وهناك من يرى أن الأصناف المزروعة غير ملائمة للتصنيع، فأغلبها غير عصيري وغير متجانس النوعيّة، وأن كميات الإنتاج من الأصناف المختلفة غير كافية لتشغيل المصنع في دورة إنتاجية كاملة، وهناك درجة الحلاوة وبقية المكونات، مع صعوبات التجميع والنقل والتخزين والتعامل مع أعداد هائلة من المنتجين وأصحاب الحيازات القزمية.
ولفت عليو إلى أن حل جزء من هذه المشكلة يتم عبر المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والمنشآت الأسرية أو المنزلية، لاستيعاب جزء من الفائض، ولربما حتى بصناعة منتجات منزلية بما هو متاح من إمكانيات، وإنتاج العصائر والشرابات والمكثفات والمربيات، وتسويقها محلياً مباشرة، وقد تكون هناك فرصة للتسويق بكميات صغيرة للدول المجاورة او كهدايا للمغتربين.
ويعتبر عليو أن ترشيد التصدير يجب أن يوازن بين مصلحة المنتج ومصلحة المستهلك، مع توفير الأرقام الإحصائية الدقيقة لكل ما يتعلق بالإنتاج والاستهلاك، ليعتمد عليها صاحب القرار في تخطيط الإنتاج للوصول إلى أسعار ضمن حدود لا تنخفض بحيث تؤدي لخسارة المنتج ولا ترتفع إلى حد يفوق القدرة الشرائية للمستهلك، وتحسين القدرة التنافسية للمنتج الزراعي السوري من خلال إتباع الطرق العلمية السليمة في الإنتاج والاهتمام بمعاملات ما بعد الجني والفرز والتوضيب والتعبئة والتخزين والنقل، والتي تضمن الوصول لمنتج عالي النوعية يكون مرغوبا محلياً وقابلا للتصدير، والسعي لتوفير مواد ومستلزمات الإنتاج ومعداته وتأمينها للمزارع في الوقت المناسب. وفي هذا المجال، يجب تشجيع المزارعين على إنشاء تعاونيات إنتاجية أو تسويقية أو شركات مساهمة وقيام المنظمات الفلاحية باستيراد وتصنيع هذه المستلزمات محلياً، وتوفير الأطر القانونية اللازمة لما سبق، والسعي لعقد اتفاقيات تجارية تسهل عمليات المقايضة، أو التصدير، وبالتعاون مع المنظمات الدولية والهيئات، والترويج للمنتجات السورية وفتح الأسواق الخارجية أمامها
وبخصوص الدعم، شدد الدكتور عليو على ترشيد الدعم والحرص على أن يستخدم في الغايات المرجوة منه، لمستحقي الدعم الحقيقيين، وليس بالضرورة أن يكون الدعم حكومياً، بل يمكن للمزارعين مساعدة أنفسهم وعدم الاعتماد الكلي على الدعم الحكومي وحده من خلال التعاون فيما بينهم، كما يمكن للتنظيم الفلاحي أن يلعب دورا مؤثراً في هذا المجال.