في تكريم “الجنود المجهولين”..
نجوى صليبه
في تكريم المجهولين
دأبت بعض المهرجانات والفعاليات الثّقافية الرّسمية والخاصّة والأهليّة، خلال السّنوات الماضية، على تكريم شخصيات بعينها، نظراً لتاريخها العريق في الفنّ والأدب والإعلام مع العلم أنّ هذه الشّخصيات لم تقدّم شيئاً يذكر منذ سنوات طويلة، وطبعاً نحن لسنا ضدّ تكريمهم، ونقّدر كثيراً تاريخهم وعطاءاتهم، لكن لسنا مع اختصار التّكريم بالعمر والماضي والتّاريخ، وتوقّف الحياة عندهم وعند إنجازاتهم، ولأنّ الحياة متجددة، أتت أجيال كثيرة بعدهم، وقدّمت وتقدّم مبدعين فاعلين في مختلف المجالات ومن مختلف الشّرائح العمرية لا يجب تهميشهم، ومن حقّهم ـ ومن واجبناـ أيضاً الاحتفاء فيهم ودعمهم وتكريمهم وتشجيعهم على الاستمرار، مع العلم أنّ كثير منهم لا ينتظر مالاً ـ وإن كان بحاجته ـ وكلّ ما ينتظرنه كلمة “شكراً”.
أمّا مناسبة حديثنا اليوم، فهو تكريم وزارة الثّقافة هذا العام، ضمن احتفالية أيام الثّقافة السّورية لشخصيات فنّيّة وإعلاميّة فاعلة قال البعض إنّه لم يسمع عنها سابقاً، وفي الحقيقة معه كلّ الحقّ في ذلك، لأنّنا اعتدنا أن نسمّي كلّ عامل أو موظّف أو أديب خلف الكاميرا “جندي مجهول”، أمّا الشّخصيات المكرّمة في دمشق فهي: المونتيرة أنطوانيت عازارية، والكاتب الدّكتور حسين جمعة رئيس اتّحاد الكتّاب العرب سابقاً والموسيقي رياض سكر والفنّان مهندس الدّيكور المسرحي زهير العربي والإعلامي والنّاقد سعد القاسم والفنّان سليم صبري والموسيقار صفوان بهلوان والفنّان التّشكيلي عصام درويش والباحث المسرحي مصطفى عبود، وفي اللاذقية الأديبان غازي أبو عقل وناديا شومان والفنان التشكيلي رؤوف بيطار، كما كرّمت الوزارة الأدباء الذين وقّعوا كتبهم خلال معرض الكتاب السّوري، ونذكر منهم الشاعرة والفنانة التشكيلية خلود كريمو.
يداً بيد
لو حصرنا حديثنا في الجانب الثّقافي فحسب، سنتحدّث عن تكامل بعض المهمات بين وزارتي الثّقافة والإعلام، وعن ضرورة تمتين العلاقة بينهما من خلال الاجتماعات والمناقشات والحوارات والاستشارات، لكن هذا الأمر لم نلحظه خلال سنوات طويلة، ونادرة المرّات التي اجتمع فيها وزيرا الوزارتين، وخرجا بقرارات وقوانين من شأنها تنظيم هذه العلاقة، أو حتّى الاعتراف فيها.
لكن وكما يقال “دوام الحال من المحال”، وما سبق لا ينطبق على الوزيرين الحاليين، الدّكتورة ديالا بركات، والأستاذ زياد غصن، الذين وقفا جنباً إلى جنب يكرّمان شخصيّات أدبية وفنّية سوريّة خلال فعاليات أيّام الثّقافة السّورية التي افتتحت في الرّابع والعشرين من الشّهر الماضي واختتمت في الثّامن والعشرين منه، لذا نقول بداية موفّقة للوزيرين ونأمل أن يتبعها خطوات حثيثة وجدّية وسريعة تكلل بإنجازات مهمّة على الصّعيد الثّقافي خصوصاً.
مهرجانات عربية
وغير بعيدين عمّا سبق وبدأنا فيه حديثنا، لكن هذه المرّة عن المشاركة السّورية في المهرجانات العربية، فأوّل ما يخطر على بالنا عند مشاهدة صور المهرجانات الرّسمية التي تقام في بعض الدّول العربية هو لماذا يدعون في معظم الدّورات الأشخاص ذاتهم، لماذا لا تتغير الأسماء والشّخصيات، لماذا لا يبحثون في هذه الدّول على الشّخصيات المؤثّرة والفاعلة أكثر في الاختصاص الذي يحتفي فيه المهرجان، من عاملين فنيين ومهندسين وموظفّين وإعلاميين وربّما ناشطين وجمهور، ويبتعدون قليلاً عن المدراء وأصحاب المناصب؟ لماذا لا يتاح لهؤلاء “الجنود المجهولين” السّفر والاطّلاع على آخر التّطوّرات في مجال أعمالهم واختصاصاتهم؟.