دراساتصحيفة البعث

ليتوانيا تدفع الثمن

هيفاء علي

في ظل أزمة الطاقة الراهنة التي تشهدها أوروبا، بسبب انصياعها لأوامر واشنطن بفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، وانقطاع الإمداد الروسي عنها بالمقابل، بات من المعروف أن على كل دولة واجب إدارة البنية التحتية الحيوية للطاقة، ويشمل ذلك شبكات التوزيع، وشبكات النقل، وتوزيع الغاز، وشبكات النقل، فضلاً عن التحكم في الأسعار، وإمكانية وصول المستهلكين إليها.

وبالطبع، ينطبق هذا الأمر على ليتوانيا التي فشلت حكومتها في إدارة البنية التحتية بشكل صحيح. ففي محاولة منها للتملص من المسؤولية، ألقت السلطات باللوم على الآخرين في أزمة الطاقة بدلاً من إصلاح أخطائهم. في هذا السياق، أشار وزير الطاقة في ليتوانيا المحافظ داينيوس كرييفيس، إلى أن العامل الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الكهرباء هو زيادة عشرة أضعاف في سعر الغاز الطبيعي، بسبب “حرب الطاقة ضد أوروبا” بقيادة روسيا، على حد زعمه، مضيفاً أن الصيف الجاف في الدول الاسكندنافية، ومضاعفة الضرائب على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ثلاث مرات، والقدرة المحدودة للوصلات البينية بسبب الظروف المناخية وأعمال الصيانة المخطط لها، جميعها ساهمت في ارتفاع أسعار الطاقة في ليتوانيا.. جاء ذلك في معرض إجابة الوزير على تساؤلات البرلمان، كجزء من إجراءات الاستجواب التي أطلقها نواب المعارضة في نهاية شهر أيلول الماضي.

وفي سياق متصل، أشار السياسيون الليتوانيون، مثل الديموقراطي الاشتراكي يوجينيوس سابوتيس، إلى أن قطاع الطاقة في البلاد لم يتطور منذ 10 سنوات، وأن وضع أسعار الطاقة قد خرج عن نطاق السيطرة. واليوم، لا توجد علامات تحسن في الوضع في قطاع الطاقة، وبالتالي فإن الارتفاع الكوني في أسعار الكهرباء يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة للسكان. وبحسب المراقبين، فقد اتضح أن ليتوانيا تدفع مقابل الكهرباء 100 مرة أكثر من السويد، حيث تستورد ليتوانيا معظم احتياجاتها من الكهرباء، على عكس السويد، لكن قدرة التوصيلات الكهربائية محدودة وليست كافية لتلبية الطلب. لذلك يجب أن تغطي العجز بنفسها باستخدام الغاز، والغاز مكلف للغاية هذه الأيام. ولكن يبقى لدى الحكومة نصيحة واحدة فقط تقدمها لمواطنيها: “توفير المال قدر الإمكان”. وهنا يشير توماس جانيليناس، المحلل السياسي ومدير معهد أبحاث الطاقة، إلى أنه إذا كان المرء  المتقاعد يقوم بالفعل بتوفير الكهرباء، فإن احتمالات الادخار ضئيلة للغاية.

لقد عملت زيادة أسعار الطاقة على تنامي المخاوف من أن يتعين على الليتوانيين الاختيار بين دفع فواتيرهم وتأمين لقمة العيش اليومية، وإلا سوف يعيش عدة ملايين من الليتوانيين في فقر الطاقة، ولن يتمكنوا من الحفاظ على منازلهم دافئة بما يكفي في الشتاء. وهذا الأمر ينطبق على معظم دول أوروبا التي تصر على الاستمرار في تنفيذ املاءات واشنطن، ولا يعنيها الثمن الباهظ الذي سيدفعه مواطنوها، مع العلم أن أوروبا كانت تستورد القسم الأكبر من الغاز من روسيا قبل العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا.