سهام “حماية المستهلك” لا تصيب الحيتان ومطالبات بفكرتي التشهير والمقاطعة!!
بات ارتفاع الأسعار في الأسواق سيرة المواطنين اليومية، ولاسيما بما يتعلق بالمواد الأساسية والغذائية في ظل زيادة الأسعار الخيالية، وعجز دوريات حماية المستهلك عن وضع حد لجشع التجار وفلتان الأسواق، ليصبح غلاء الأسعار “مالئ الدنيا وشاغل الناس” وخاصة أن فوضى الأسعار طغت مع اختلاف سعر مادة معينة بين محل وآخر “فكل تاجر يبيع على ليلاه”، إضافة إلى فقدان سلع بحجة كثرة الطلب أو غلاء أسعارها؛ مما يمنع من استجرارها من تاجر الجملة، حسب أقوال أصحاب المحال، ولم يتردد هؤلاء في رمي كرة الاتهام في ملعب تجار الجملة والمنتجين الذين يسعرون على مزاجهم تاركين بائعي المفرق في وجه دوريات حماية المستهلك، مكررين مطالبتهم بملاحقة المنتج وحيتان السوق وعدم الاستقواء على محال البائعين.
“البعث” كانت شاهدة على كيفية تلاعب أحد المنتجين بالفواتير، وتقديم فاتورتين، واحدة رسمية وفق تسعيرة “حماية المستهلك” وأخرى مكتوبة بخط اليد بسعر مرتفع، لمحال المفرق، ما يضطر أصحاب المحال الصغيرة لبيع المادة بهامش ربح زائد عن المحدد بالفاتورة النظامية، وبشكل مخالف لتسعيرة “التموين”، وفق تأكيدات أحد أصحاب المحال في ريف دمشق الذي زودنا بصورة عن فاتورتين لمواد تتضمن مادتي السكر والمتة، معتبراً أن فأس الضبوط التموينية ستقع برأسه في نهاية المطاف، لاسيما مع عدم قدرة دوريات حماية المستهلك على ملاحقة المنتجين الكبار!!.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد حددت تسعيرة كيلو الغرام الواحد لمادة السكر غير المعبىء بـ 4400 ليرة سورية والمعبئ بـ 4600 ليرة لكن على الواقع المبيع مختلف ومخالف، إذ يباع غير المعبئ بـ 5000 ليرة، والمعبئ 5500 ليرة، كما حددت الوزارة سعر المتة وزن 500 غرام بـ 10 آلاف في حين أنها على أرض الواقع تباع بـ 15 ألف ليرة.
مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود أوضح أن الأسعار تعدل وفق التكاليف الفعلية والسعر يبنى على هذه التكلفة، لافتاً إلى أنه أية مخالفة للأسعار الصادرة من التجار سيتم ضبطها من مديريات حماية المستهلك وفق التعميم على مديريات “حماية المستهلك” في كل المحافظات بمنع تحريك أي سعر غير مبرر وضبط الأسعار بموجب النشرات السعرية أو بيانات الكلفة الصادرة والموثقة والمعتمدة أصولاً من المديريات، وفق أحكام المرسوم 8 لعام 2021، مشيراً إلى أن الوزارة تقوم بالتسعير بالتشاركية مع القطاع الخاص من الموردين للمواد لتحديد التسعيرة وبما يتناسب مع التكلفة الحقيقية للمادة واحتساب هامش ربح للتاجر بما يرضي الطرفين المواطن والتاجر.
ومع تأكيدات المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على ضبط الأسواق وتشديد العقوبات والإغلاقات، بيّن مصدر في وزارة “حماية المستهلك” أن دوريات الرقابة موزعة في الأسواق لتنظم الضبوط وتركز على المخالفات الجسيمة، مشدداً على ملاحقة المنتج والتدقيق على الفواتير والقيام بجولات ميدانية على المنشآت الكبيرة والمعامل للتأكد من سلامة المنتج وعمليات التسعير ومراقبة الفواتير التي تصدر لبائعي المفرق مع هامش الربح اللازم الذي يوضع للسلعة حسب القانون، لافتاً إلى ضرورة تفعيل ثقافة الشكوى لدى جميع المواطنين وخاصة أصحاب المحال الصغيرة من خلال إعطاء تصريح عن مصدر البضاعة واسم المنتج كي يحمي نفسه من المخالفة.
ومع ضرورة تفعيل ثقافة الشكوى يرى خبراء اقتصاديون أن المواطن يفتقد لأكثر من ثقافة، ليس فقط الشكوى بل ثقافة الترشيد ومقاطعة المواد التي ارتفعت بشكل كبيرة، أو احتكرت من قبل تجار يمكن الاستغناء عنها، معتبرين أن الحديث أصبح مكرراً عن هذه المواد، معتبرين أن التاجر استغل غياب ثقافة المقاطعة للمواد غير الأساسية عند المواطن الذي لعب دوراً بغير قصد في تأجيج أزمة الغلاء وفقدان السلع من خلال إصراره على شراء كميات كبيرة من هذه السلع خوفاً من ارتفاعها أكثر أو فقدانها من الأسواق ، مطالبين بإعادة فكرة القائمة السوداء ” التشهير ” بالتجار المخالفين لاسيما أن الفكرة تم طرحها منذ سنوات ولكن لم تجد طريقها للتطبيق.
علي حسون