يبصمون ولا يفهمون!
غسان فطوم
تحاولُ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومعها إدارات الجامعات الحكومية والخاصة، “دفش” ترتيب جامعاتنا إلى الأمام في محاولة لحجز مراكز متقدمة. وعلى الرغم من هذه “الجهود”، لكن لغاية اليوم لا تزال المحاولات خجولة قياساً بجدول الترتيب الذي يُظهرنا متأخرين كثيراً حتى على المستوى العربي. وعلى الرغم من أن القاعدة العلمية لضمان ديمومة التطوير العلمي والارتقاء بمستوى المنظومة التعليمية واضحة المعالم والمتمثلة بتحديث المناهج، إلا أن جامعاتنا ما زالت في طور البحث عن المفاتيح لتحاكي الجامعات المتقدمة، فلو نظرنا إلى واقعها نجد أنها لا تمتلك النظم أو البرامج الدراسية المرنة وعالية الجودة في مناهجها الدراسية المعتمدة، ومن يدقق من أهل الاختصاص سيلاحظ بشكل واضح غياب التوازن الأفقي والعمودي بين المواضيع السائدة والمكملة في المناهج المتبعة التي لا تفي لغاية اليوم بمتطلبات مجتمع المعرفة، ما يعني أنها غير قادرة في محتواها ومستواها على المنافسة.
وعلى ما يبدو، فقد غاب عن ذهن المعنيين في الأمر أن مهام الجامعات تغيّرت، وبدأت تسعى نحو تخريج متخصّصين أو متعلمين موسوعيين على مستوى متقدم قادر على منافسة جامعات العالم، والدليل أن عجلة التحديث والتعديل الجوهري في المناهج الدراسية ما زالت بطيئة، وهذا ما يجعلها تخسر الرهان في مخرجاتها سواء كانت بحثاً علمياً أو خريجاً.
بالمختصر، إن جامعاتنا بإمكانياتها العلمية والبشرية الحالية المتواضعة يصعبُ عليها المنافسة عالمياً، لذا عليها في أول خطوة أن تعمل على تطوير برامج الدراسات العليا والبحث العلمي وفق معايير علمية وأكاديمية صحيحة معتمدة عالمياً، وأن تنفض عن ثوبها غبار أساليب الحفظ والتلقين، فالطلاب لغاية اليوم يبصمون المقررات بدلاً من فهمها، عدا عن استمرار نسخ ولصق رسائل الماجستير والدكتوراه دون مساءلة أو محاسبة، بمعنى أن على جامعاتنا أن تعيد ترتيب أوراقها بأسلوب علمي وموضوعي يمكنها من تقديم مخرجات من طراز القرن الـ 21 ، فنحن بتنا بحاجة ماسة لإعادة هيكلة منظومتنا التعليمية علمياً وحتى إدارياً لتنسجم وتتوافق مع معايير المنافسة العالمية، وتزداد كفاءتها واستجابتها في تقديم خدمات بحثية عالية الجودة من خلال توفير برامج تعليمية متطورة ومتميزة، تتضمن كل ما هو جديد يناسب متغيرات هذا العصر.