دراساتصحيفة البعث

هل تتوقف الولايات المتحدة عن التدخل في قضية تايوان؟

عائدة أسعد 

إن تحطيم السلام والاستقرار عبر المضيق هو آخر ما تريده بكين، في حين أن تحيّز واشنطن ضد بكين المنعكس في التغيير في سياسة واشنطن تجاه تايوان هو ما أدى إلى تدهور العلاقات الصينية الأمريكية.

لقد شدّدت واشنطن سياستها تجاه بكين، وأجرت تغييرات ملحوظة في سياستها تجاه تايوان لثلاثة أسباب رئيسية هي:

أولاً: تعتبر واشنطن أن بكين هي العامل الذي يخلّ بالتوازن الاستراتيجي المصمّم من قبل الولايات المتحدة عبر مضيق تايوان والمنطقة الواقعة فيما وراءه، لكن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، والمجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة يدرك هذه الحقيقة.

ثانياً: على الرغم من التحريض على الصراع الروسي الأوكراني، تشعر الولايات المتحدة بالإحباط لأن الأحداث لا تسير وفق خطتها، لذلك فهي تريد ترسيخ وجودها حول تايوان والسيطرة عليها. ومع ذلك، فإن أزمة أوكرانيا تختلف عن قضية تايوان، فمسألة تايوان شأن داخلي من شؤون الصين ومعظم دول العالم تؤيّد مبدأ الصين الواحدة القائل بوجود صين واحدة وتايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وكذلك قرار الأمم المتحدة رقم 2758 لعام 1971 الذي يقرّ بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل القانوني الوحيد للصين بأكملها.

ثالثاً: تشعر الولايات المتحدة بالإحباط أيضاً، لأن الاتجاه الذي سلكته التنمية الاجتماعية والسياسية في الصين هو عكس توقعات واشنطن تماماً، فقد كانت توقعات الولايات المتحدة ولا تزال قائمة على تفسيرها الخاطئ للتعديلات التي أجرتها الصين على سياساتها الداخلية والخارجية في العصر الجديد، من أجل تحسين رفاهية الشعب الصيني وحماية حقوقه ومصالحه.

من المؤكد أن العلاقات الثنائية قد تدهورت بسبب تحيّز الولايات المتحدة العميق الجذور ضد الصين، وهذا التحيّز هو الذي يجعل الولايات المتحدة تعتقد أنها تمثل الديمقراطية، لكن تحيّز الولايات المتحدة ضد الصين يمنعها من فهم أهداف التنمية الحقيقية للبر الرئيسي.

أما بالنسبة للغرب فقد أثاروا بقيادة الولايات المتحدة العديد من الثورات الملوّنة التي دفعت العديد من البلدان إلى الفوضى ودفعت شعوبها إلى البؤس والفقر والجوع، مما أجبر الكثيرين على الفرار من بلادهم أو أن يصبحوا لاجئين في بلادهم. وبعد أن فشلت بعض القوى الغربية في إحداث ثورة ملونة في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، تحاول الآن أن تفعل الشيء نفسه في تايوان لكن مصيرها الفشل.

بفضل تطورها الشامل، تعكس دبلوماسية الصين اليوم التطور السياسي للبلاد من الوقوف إلى القوة، وهو أمر مقلق للولايات المتحدة، ولهذا السبب تحاول الولايات المتحدة إجبار الصين على قبول شروطها للمشاركة، لكن المشكلة الحقيقية هي أن الولايات المتحدة تفشل في إدراك أن دبلوماسيتها متعجرفة وعدوانية.

ومن أجل منع العلاقات الصينية الأمريكية من التدهور أكثر من ذلك، يجب على الولايات المتحدة تصحيح موقفها من قضية تايوان، والتخلص من انحيازها ضد الصين، وأن تدرك أن الصين لم تعد الدولة النامية الضعيفة كما كانت قبل أربعة عقود، فاليوم لديها القدرة والتصميم على حماية سيادتها وسلامة أراضيها بشكل أفضل، وإحباط أي محاولات لفصل جزيرة تايوان عن الوطن الأم.