شيرين ليست الأولى ولا الأخيرة
نجوى صليبه
لا تزال قضية المغنية المصرية شيرين عبد الوهّاب محطّ أنظار إعلاميين وفنّانين وأطباء نفسيين، ولا نزال نقرأ كلّ يوم تقريباً خبراً جديداً عن حالتها الصّحية التي وصلت إليها بسبب علاقتها بزوجها المغني حسام حبيب، والتي لا تزال – على الرّغم من كلّ تلك الأخبار – حتّى اليوم غير مفهومة في كثير من تفاصيلها، ولاسيّما في ظلّ وجود تضارب كبير بين تصريحات أسرتها وأسرة طليقها، وامتناع المحامي والطّبيب المعالج عن الإدلاء بمعلومات شافية، كذلك الأمر بالنّسبة لنقابة المهن الموسيقية في مصر، ففي وقت سابق اكتفى المستشار الإعلامي للنّقابة طارق مرتضى بالقول: لا نريد أن نسبق الأحداث، الموضوع قيد التّحقيق لدينا.
وأيّاً تكن الأسباب والنّتائج، فإنّ شيرين ليست الفنّانة الأولى ولا الأخيرة التي تتلقى صفعةً كبيرةً من زوج أحبّته، وكثيراً ما تباهت فيه أمام عدسات الكاميرات في المناسبات المحلية والعربية، لقد سبقتها فنانات كثيرات، نذكر من “الزّمن الجميل” -الذي لا نعرف عن خفاياه إلّا القليل القليل- الفنّانة الرّاحلة مريم فخر الدّين التي اعترفت في لقاء إعلامي بتعرّضها للضّرب الشّديد من قبل زوجها قبل انفصالهما، كاشفةً حينها عن أنّ الغيرة القاتلة من كلّ شيء هي السّبب، وهذه الغيرة ذاتها التي أودت بحياة المطربة ذكرى، في عام 2003. وحسب الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام المصرية وغيرها – حينها – فإنّ زوجها وهو رجل أعمال معروف قد قتلها مع الأشخاص الأربعة الذين كانوا موجودين، وكذلك الأمر بالنّسبة للمغنية اللبنانية الرّاحلة سوزان تميم.
ونذكر أيضاً الممثلة الأردنية أميرة نايف – مقيمة في مصر – التي تعرّضت للضّرب من زوجها ضابط الشرطة، وعانت خطر تهديده بالقتل بسبب غيرته الشّديدة ورغبته في أن تترك التّمثيل، فطلبت الانفصال وغيّرت قفل منزلها لكنّه استطاع كسره، ولولا جيرانها الذين اتّصلوا بالشّرطة لكانت في عداد الرّاحلين.
رجال كثُر لم يستطيعوا تحمّل فكرة استمرار زوجاتهم بهذه المهنة الصّعبة والقاسية، سواء أكانوا من الوسط الفنّي والثّقافي أم لا، وإن بحثنا في الأسباب فكثيرة جدّاً، ولعلّ الغيرة منها وعليها أكثرها، ويليها حبّ التّملك والسّيطرة. وفي مقابل ذلك، يرغب بعضهم بإنهاء سلطة زوجته المادية والمعنوية، فتكون ردود أفعالهم جنونية لا تمتّ للثّقافة والفنّ والأدب بصلة، من إهانات وضرب وتهديد بالقتل وتفنّن بالتّعذيب، إذ تروي الممثلة المصرية إيمان العاصي كيف كان زوجها يحبسها ويمنعها عن الطّعام على الرّغم من حملها بابنته، إلى أن علم أهلها بذلك وأبلغوا الشّرطة وحصلت على الطّلاق.
كذلك الممثلة علا غانم عانت تعنيف زوجها، لكن ما زاد “الغيرة بلّةً” وجود ابنتين من زواج سابق، وعلى ما يبدو كانت الغيرة مضاعفة أوّلاً من التّمثيل وثانياً من رجل آخر يراه في عيني الابنتين، فكان يتعمّد ضربها وتعنيفها أمامهما، لذلك تركت المنزل وطلبت الطّلاق.
وفي مقابل ذلك، تعترف المطربة نجوى كرم بإحساسها بالسّعادة عندما “أكلت” الصّفعة الوحيدة من زوجها السّابق لأنّها رفعت صوتها عليه، تقول في إحدى المقابلات الإعلامية: انبسطت كثيراً لأنّه كسر عنادي، مع العلم أنّي كنت أنسى نجوى كرم الفنانة خارج المنزل، مضيفةً في الوقت ذاته: أنا ضدّ العنف، لكن على الزّوجة ألا تفعل ذلك أمام زوج يحميها ويقدّرها.
وللأسف، يبدو أنّ التّقدير كلّه ذهب مع الرّيح أمام تفضيلها الفنّ على حياتها الزّوجية، وكان الانفصال الحلّ الوحيد، وعلى عكسها تصرّفت فنّانات كثيرات اعتزلن الفنّ لأجل أسرهنّ ومنازلهنّ مخيّرات حيناً ومجبرات حيناً آخر، ولن نتحدّث ها هنا عن فنّانات تلقّين تهديدات من أزواجهن بنشر فيديوهات خاصّة من بيت الزّوجية إنّ هنّ لم يرضخن ويعتزلن الغناء أو التّمثيل أو الرّقص الشّرقي.
ولعلّ الجانب الجيّد في مثل هذه القضايا هو التّعاطف الذي يبديه فنّانون وفنّانات دعماً لزميلتهم، سواء أكانوا تعرّضوا لحوادث مشابهة أم لا، ونذكر هنا المطربة ماجدة الرّومي التي عانت في زمن مضى من زوجها حتّى قيل إنّه طردها من قصره بملابس المنزل ولم يسمح لها بأخذ شيء معها، واليوم ها هي توجّه رسالةً مفتوحةً إلى شيرين عقب دخولها إحدى المستشفيات لمعالجتها من الإدمان، نقتبس منها: من منّا لم تجلده الحياة يوماً، من منّا لم يدم قدميه على دروبها.. أيّاً تكن مواضيع حياتنا، ألم نتعب؟ ألم نتحامل على أجنحتنا المحترقة؟ اسمعي شيرين، اسمعيني.. اسمعي صوتي القادم إليك من بيروت.. قومي.. أنت ابنة المسارح لا العتمة والانكسار.. قومي وانزعي عنك ثوب الأسى، وافرحي، وافتحي للشّمس أبوابك، وللسّنونوات دارك.
الأمر المثير للاهتمام هو أنّ “طاقة الفرج” تفتح أمام بعض الفنّانات بعد هكذا حوادث، ولأنّ قضية شيرين وبحسب القنوات الفنّية هي الـ”تريند” في هذه الأيام، نشير إلى ما يتردّد حول نيّة إحدى الشّركات العالمية التّعاقد معها مدّة سنتين لإنتاج ما لا يقلّ عن ثماني أغنيات، شريطة أن تكون شيرين قد حصلت على وقتها الكافي للتّعافي.
ولأنّ الشّيء بالشّيء يذكر، لابدّ من أن ننوّه بحوادث مماثلة في عالم الأدب، إذ كثيراً ما نشاهد ونلاحظ التّعنيف اللفظي والمعنوي الذي تتلقفه أديبة ما أو مثقّفة كما الفنّانة إمّا بالتّصريح واللجوء إلى القانون، وإمّا بالرّضوخ حفاظاً على أبنائها، فتترك الأدب لزوجها الذي يصفّق لشابات جديدات في السّاحة الثّقافية، بل ويعرض عليهنّ خدماته ويشدّ على أياديهن ويأخذ بها إلى منبر الأمان!