مجلة البعث الأسبوعية

فكرة إحياء زراعة الذرة الصفراء في منطقة الغاب ولدت ميتة … والمزارعون يستغيثون

البعث الأسبوعية – محافظات – منير الأحمد :

لم يكتب لخطة وزارة الزراعة بإعادة الألق لمحصول الذرة الصفراء في أراضي منطقة الغاب النجاح لأنه ومع قرب انتهاء الموسم سمعنا الاستغاثات من المزارعين وعلا صراخهم مع بدء عمليات القطاف والتسويق الى المؤسسة العامة للأعلاف التي وضعت شروطا للتسليم اعتبروها تعجيزية ولا تتوافق مع الآمال والوعود التي سمعوها مراراً من الجهات المعنية بدعم محصول الذرة الصفراء كونه بات حاجة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني عبر تشجيع المنتج المحلي والاستغناء عن المستورد.

فمنذ مطلع الشهر الجاري بدأ فرع المؤسسة العامة للأعلاف بحماة عمليات استلام الذرة الصفراء من فلاحي المحافظة وغالبيتهم من منطقة الغاب المشهورة بهذه الزراعة ولكن بعد مرور عشرة أيام لم تتجاوز الكمية المستلمة 200 طن وهو رقم هزيل لا يتناسب مع الانتاج المتوقع لهذا الموسم والبالغ 30 ألف طن وفق تقديرات الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب وهنا يبرز السؤال: لماذا هذه الكمية فقط، ومن المسؤول عن قبول عمليات استلام المحصول، وهل الشروط الموضوعة للاستلام منطقية وتتناسب مع القرار الحكومي بدعم المزارعين ؟؟.

وعود خلبية

وللوقوف على واقع زراعة محصول الذرة الصفراء في منطقة الغاب للموسم الحالي ” البعث الأسبوعية “استطلعت آراء أصحاب الشأن حيث أكد عدد من الفلاحين انهم زرعوا المحصول بكثافة هذا الموسم بناء على وعود وزارة الزراعة بالزام مؤسسة الأعلاف بتسويق المحصول بسعر ١٨٠٠ ليرة للكيلو الواحد ومنح ٢٠٠ ليرة تشجيعية على كل كيلو يتم تسويق وتسليمه وهذا يعني أن ثمن الاستلام يصل الى ألفي ليرة للكيلو غرام الواحد وهو رقم مقبول مقارنة بالتكاليف ولكن بعد سماعنا بشروط الاستلام التي كانت صعبة وخاصة لجهة درجة الرطوبة ونسبة الشوائب والأجرام والحبوب المكسورة أدركنا انا سنبيع محصولنا بعيداً عن المؤسسة ووفق سعر السوق الذي لا يتناسب اطلاقاً مع سعر التكلفة.

المزارع محمد سليمان أشار الى أن مؤسسة الاعلاف عدلت مؤخراً من شروط الاستلام ولكن ذلك غير كاف حيث مازالت الشروط صعبة ولا تتناسب مع الظروف الجوية السائدة لأن عمليات تجفيف الذرة من الرطوبة صعبة حالياً مع بدء هطول الأمطار بكثافة في منطقة الغاب وكان من المفروض أن يكون هناك مجففات في مؤسسة الاعلاف لهذه الغاية وهذا مالم يحدث لذا فان تعديل الشروط ورفع ثمن استلام المحصول هو مطلب حق ومشروع للمزارعين اذا ما أرادت وزارة الزراعة تشجيعنا على تكرار عمليات الزراعة في المواسم المقبلة.

تكاليف باهظة

أما المزارع جعفر سعيد فقد بين أن تكلفة زراعة الذرة الصفراء أصبحت كبيرة في الوقت الحالي وخاصة مع ارتفاع أسعار السماد والمحروقات والأيدي العاملة بشكل لافت هذا الموسم مما يعني أن الخسارة باتت مؤكدة اذا لم يتم استلام المحصول بسعر مجز من قبل مؤسسة الاعلاف سيما مع تلاشي الوعود الحكومية المتكررة لنا بتأمين مادتي المحروقات والسماد بسعر التكلفة على الأقل لذا انتابنا شعور بأننا تورطنا بهذه الزراعة وقد لا نكرر التجربة مستقبلاً لأن بعض المزارعين اضطروا لاقتلاع البذور قبل انتهاء طور النمو لتقديمها علفاً للحيوانات بدلاً من تكبد خسائر اضافية في حال الاستمرار بها سيما وأنها بحاجة الى مابين 4-6 ريات وهذا الامر مكلف كثيراً لأن كل دونم ذرة يستهلك ٢٥ لتر مازوت تقريباً.

ندوات للترغيب فقط

المزارع علي الحماد قال انه قرر زراعة الذرة الصفراء بعد حضوره ندوة ارشادية في قريته عن أهمية زراعة هذا المحصول والجدوى الاقتصادية منه والسعر المجزي الذي ستستلمه مؤسسة الاعلاف منهم لذا قرر خوض هذه التجربة بعد انقطاع عن زراعته لمدة 10 سنوات ولكن الواقع المؤلم الذي عايشه طيلة الموسم لم يتطابق مع الندوة التحفيزية لأنه لن يجد أي شكل من أشكال الدعم الحقيقي حيث لا سماد ولا محروقات ولا قروض من المصرف وعند الاستلام شروط صعبة وتخفيض للسعر مبدياً ندمه على هذه الزراعة المكلفة مادياً لأنه لو استبدلها بزراعة القمح لكانت التكاليف أقل والأرباح أكثر كما حدث لجيرانه في القرية.

الإنتاج المتوقع

وحول واقع زراعة الذرة الصفراء في منطقة الغاب بين مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة إدارة وتطوير الغاب المهندس وفيق زروف أن عمليات حصاد المحصول بدأت أواخر الشهر الماضي وإنتاج المنطقة من محصول الذرة هذا الموسم يقدر بنحو30 ألف طن من إجمالي المساحة المزروعة والبالغة 5500 هكتار مشيراً الى أنها المرة الأولى التي ينتج فيها سهل الغاب هذه الكمية منذ عقود علماً أن المساحة المخطط زراعتها لم تتجاوز 680 هكتاراً موزعة بالتساوي بين العروتين وتشمل جميع أنواع الذرة في منطقة الغاب سواء الصفراء أو المكانس أو العلفية، لافتاً إلى أن الذرة من المحاصيل المهمة وتحتل موقعاً متميزاً على خارطة الإنتاج الزراعي في منطقة الغاب وتحظى بمكانة إنتاجية واقتصادية جيدة كونها تسهم في تحقيق دخل مادي للمزارعين وتأمين مادة أساسية لعدد من الصناعات الغذائية إضافة إلى تحويل قسم منها إلى علف للثروة الحيوانية وخاصة الأبقار والجواميس.

وأشار زروف إلى أن الهيئة تعمل على تشجيع الفلاحين على التوسع بزراعتها عبر تأمين مستلزمات العمل والإنتاج بالتعاون مع الجهات المعنية، مطالباً بتقديم الدعم لمزارعي الذرة الصفراء إذا ما أردنا التوسع بالمساحات وزيادة كميات الإنتاج في السنوات المقبلة ويأتي في مقدمة الدعم منح الفلاحين كميات من مادة المحروقات ولو بسعر التكلفة لزوم الحراثة والسقاية أسوة بما يتم منحه لمزارعي القمح والشوندر السكري كما يمكن دفع تكاليف نقل المحصول إلى مراكز الاستلام خاصة أنه لا يوجد سوى مركزي شيزر وسلحب في منطقة العاب ذات المساحة الواسعة وهذا ما قد يكلف المزارع أعباء مادية كبيرة هو بغنى عنها إضافة إلى أنه يمكن منح المزارعين سلفة مادية أو قروض بفائدة بسيطة من المصارف الزراعية لتمويل عمليات الزراعة والسقاية للمحصول.

الأعلاف ترد

وحول عملية استلام الذرة الصفراء من قبل مؤسسة الأعلاف بحماة بين مدير الفرع المهندس تمام النظامي أن الفرع بدأ باستلام الذرة مطلع الشهر الجاري حيث بلغت الكمية المستلمة لغاية التاسع من الشهر الجاري 200 طن وازدادت بشكل ملحوظ خلال اليومين الماضيين وذلك من خلال مركزي شيزر وسلحب ويمكن الاستلام أيضاً من مركز الإطارات إذا كان المزارع قريب من المحافظة والكمية الأكبر يتم استلامها من مركز سلحب لأن زراعة الذرة بحماة تتركز بمنطقة الغاب، مشيراً إلى أنه ولتخفيف العبء عن المزارعين طلبنا منهم جلب عينة مبدئية من محصولهم لقياس الرطوبة والتجريم لمعرفة اذا كانت المادة مقبولة ويمكن استلامها حتى لا نكلفه عناء جلب المحصول ثم رفض استلامه لأنه مخالف للشروط التي وضعتها المؤسسة للاستلام وفي حال قبولها يتم تحديد موعد الاستلام لمنع حدوث ازدحام أو فوضى أثناء الاستلام.

ولفت النظامي إلى أنه وقبل البدء بعملية الاستلام من المزارعين وضعت المؤسسة العامة عدة شروط لاستلام المحصول وبعدها عدلنا هذه الشروط لاستلام اكبر كمية ممكنة من المزارعين حيث تم زيادة الحد الأعلى المسموح به من الشوائب من 8% حتى 12% وزيادة الحد الأدنى المسموح فيه من الوزن النوعي للمادة من 67% حتى 63% كما تم قبول استلام مادة الذرة الصفراء المسوقة من الفلاحين بدرجة رطوبة كحد أعلى 14% ويتم حسم 1% من السعر في حال كانت درجة الرطوبة أكثر من 13% وترفض في حال الزيادة عن 14% كما يتم استلام المادة بنسبة الشوائب والحبوب التالفة والأجرام 5% كحد أقصى ومقبولة حتى 12% .

مشكلة المجففات

وأشار النظامي إلى أنه يتم حاليا تحديد سعر الاستلام حسب درجة الرطوبة والأجرام التي يتم تحديدها بدقة حتى لا نظلم الفلاح مضيفاً أن الفرع يعاني من مشكلة عدم وجود مجففات لدى المؤسسة وقد أعلنا عن التعاقد مع مجففات لشرائها أو استثمارها مرتين الأولى في 17ايلول والثانية في 7 تشرين الأول لزوم عملية تسويق واستلام مادة الذرة الصفراء ولكننا لم ننجح بذلك وحاولنا الاستفادة من مجففات معمل بصل سلمية لكن لا يمكن ذلك لان مبدأ العمل مختلف ولا يصلح لتجفيف الذرة.

وأضاف مدير الأعلاف أنه بعد استلام الذرة من الفلاحين يتم شحنها إلى فرع المؤسسة ومعاملها بالمحافظات الأخرى وبعد الاستلام يتم دفع ثمن المحصول للفلاحين من خلال المصارف الزراعية خلال مدة أقصاها أسبوع وطبعا سنحاول تصنيع مجففات أو شرائها لتلافي ما حدث معنا هذا الموسم خلال المواسم المقبلة ونحن استلمنا هذا العام بعد توقف دام عدة سنوات حيث كنا نستلم المحصول قبل الازمة مبيناً أن الفرع على استعداد لاستلام المحصول إلى آخر كمية لمن يرغب بعد تجفيفها لأن الهدف الذي وضعته الإدارة العامة لمؤسسة الأعلاف هو استلام أكبر كمية ممكنة من الذرة من الفلاحين ولا غاية أو نية لنا بعرقلة استلام ولو كيلو واحد فقط من المادة.

كلمة لابد منها

إنّ القرار الحكومي بإعادة الحياة لزراعة الذرة الصفراء في سورية يعد قراراً صائباً وله ايجابيات كثيرة ولكنه بحاجة إلى متابعة أكثر وإيجاد حلول للمشاكل التي واجهت هذا المحصول منذ بداية عمليات الزراعة لجهة تخفيض مستلزمات الإنتاج وتوفيرها بوقتها وانتهاء بالاستلام من قبل مؤسسة الأعلاف إذا ما أردنا إقناع الفلاحين الاستمرار بالزراعة خلال المواسم المقبلة فهل سنستفيد من تجربة هذا الموسم ؟.. نأمل ذلك.