اقتصادصحيفة البعث

التنظير في حلول التسعير والدعم والتمويل..!

قسيم دحدل

في مؤتمره الصحفي الأخير، والذي أعلن فيه صراحة أن التسعير هو الشغل الشاغل لوزارته حالياً، رمى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عدة حجارة في مياه الوضع القائم للأسعار والتمويل والدعم، لعلّه يخرج بنتيجة تنشلُ هذا الوضع من تقليدية ورتابة الحلول التي لم تفلح حتى الآن في الوصول لمخارج واضحة يمكنها ضبط إيقاع الأسواق وإحداث تغيير جوهري في آلية التسعير والتمويل والدعم.

فعلى الرغم من أن السيد الوزير أقرَّ بارتفاع الأسعار المطرد في ظلّ رفض التّجار للتسعيرة الرسمية، كما أقرَّ بشح المواد في الأسواق، إلاَّ أن وزارته لم تفلح بالشكل المطلوب لا في ضبط الأسواق ولا في ضبط الأسعار، ولا في معالجة آلية تمويل المستوردات كونها أحد الأسباب في زيادة الأسعار وعملية الاحتكار، وذلك لأن الآلية عبر المنصة تؤدي لتأخير وخسائر نتيجة لانتظار المستوردين شهوراً قبل استرجاع قيمة البضاعة، ما يضطرهم لرفع الأسعار تجنباً للخسارة!.

وبرأينا أن كثرة لقاءات الوزير مع الصناعيين والتّجار، تعكس رغبة التماس المباشر معهم للوقوف على آرائهم بحضور الإعلام، حيث محاولات البحث فيما يمكن بحثه متاحة للوصول إلى مخارج تحدُّ من الواقع الشائك وعلاجه بشكل يرضي كلّ الأطراف.

الجديد في اللقاء أن الوزير كشف عن تغيير في آلية الدعم وآلية التمويل دون أن يوضح تفاصيل ما يكتنف ويترتب على التغيير من منعكسات سلبية!.

فبحسب ما طرحه بالنسبة لما يخصّ موضوع الدعم، حيث الاقتراح أن يكون مبلغاً مالياً عبر بطاقة يستطيع المستهلك أن يشتري بواسطتها من الأفران ومؤسسات السورية للتجارة ما يشاء، نجد أنه قد غاب عن ذهن الوزير موضوع عدم عدالة التوزيع الجغرافي لمؤسّسات التجارة الداخلية، الأمر الذي يشكل مانعاً من الاستفادة الكاملة من المبلغ الذي سيُحدّد له في البطاقة العتيدة، وخاصة لناحية تحمُّل “المدعوم” مبلغاً مالياً قد يعادل ثلث المبلغ المخصص له، إذا ما أراد أن يستجرّ ما يحتاجه من سلع من مؤسّسة خارج الحيز الجغرافي لسكنه، ناهيك عن عدم توفر السلع والمواد التي يرغب فيها فعلاً في أحايين كثيرة، لا مجرد صرف المبلغ في غير الاحتياجات المُرادة، حيث تجارب التسوق من مؤسسات السورية تؤكد ذلك وتؤكد ضيق الخيارات ومحدوديتها. كما يعني تخلي الوزارة عن تأمين السلع المدعومة كالرز والسكر والزيت مثلاً، والتي تشكل 30% من احتياجات “المدعوم” الاستهلاكية، وهذا ما يُفهم من تصريح الوزير بشراء أي شيء يحتاجه.

وعليه كيف يكون الدعم “الكاش” أمراً صعباً غير ممكن تطبيقه مع أن عدد البطاقات محدّد ومعلوم!، بينما تحديد مبلغ نقدي وعبر البطاقة أمر سهل..؟!.

أما بالنسبة للتمويل، حيث أحد الحلول المقترحة هو السماح لكل مصنِّع يستطيع التصدير أن يستورد المواد الأولية دون منصة، ويعيد تصدير المنتجات، وناتج التصدير يستورد به مواد للسوق المحلية، فنسأل كيف سيؤمّن المُصنّع القطع الصعب، وكيف ومن أين وبأي سعر صرف؟، إذا كان ما سيستورده من مواد أولية سيكون بالعملة الصعبة ثم ما سيبيعه من منتج سيكون بالليرة السورية (دورة القطع)؟!، وماذا عن تعهد إعادة القطع نفسه، خاصة وأن التمويل سيكون ذاتياً؟.

برأينا أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلولها المقترحة تبحث حوالي المشكلة الرئيسية لا في صلبها، وأن ما يتفضّل به من حلول لن ينفع، إن لم يتمّ زيادة الدخل وبشكل مجزٍ.

Qassim1965@gmail.com