هل كانت الصواريخ البولندية رافعة للخروج الغربي من الحرب؟..
تقرير إخباري:
ما معنى أن يحرّض الغرب النظام الأوكراني على قصف الأراضي البولندية، ثم يعود لاتهام هذا النظام بأنه كاد أن يتسبّب في حرب عالمية ثالثة بعد أن اكتشف “مصادفة” أن هذه الصواريخ أوكرانية؟.
ومن أجل ذلك يشنّ حملة واسعة على روسيا لأنها قامت بالقصف حسب زعمه، ثم يأتي الرئيس الأمريكي جو بايدن “لينقذ” العالم من حرب عالمية وشيكة بكشفه أن الصواريخ التي سقطت على بولندا لم تكن صواريخ روسية، ثم لماذا يقوم النظام الغربي بكل هذه المسرحية في هذا التوقيت بالذات؟.
إن المتابع للمواقف الغربية من الحرب الدائرة في أوكرانيا يدرك جيداً أن الموقف الغربي تغيّر بشكل واضح بعد سقوط “الصاروخين” على الأراضي البولندية، حيث بدأت أصوات المسؤولين الغربيين تتعالى هذه المرة في انتقاد رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلنسكي متّهمة إياه بمحاولة جرّ “الناتو” إلى حرب مباشرة مع روسيا، مع أن الغرب يعلم قبل غيره أنه مشترك بشكل مباشر في الحرب الدائرة هناك، ولكن دون الإعلان عن ذلك، فإمداد نظام زيلنسكي بهذا الكم الهائل من السلاح بغية إطالة الأزمة، ودعمه غير المحدود له على أمل هزيمة روسيا، يؤكدان أن الغرب هو الذي يحاول هزيمة روسيا، وأن زيلنسكي مجرّد دمية في يد الإدارة الأمريكية تحرّكه كيفما تشاء، وبالتالي فإن أيّ حديث الآن عن أن الغرب كان مخدوعاً بالنظام الأوكراني هو مجرّد استغباء للشعوب الغربية التي أدركت أن أموال الضرائب المجموعة منها إنما تنفق في حرب خاسرة، ولا فائدة مطلقاً الآن من الهجوم المنظّم الذي نشاهده يومياً على نظام زيلنسكي في الصحف الغربية، إلا القول: إن الغرب قرّر التبرّؤ من مسؤوليته عن هذه الحرب وتحميل زيلنسكي المسؤولية المباشرة عنها، تمهيداً لرفع الدعم عن النظام وتركه لمصيره، بعد أن تحوّلت أوكرانيا إلى ثقب أسود يستنزف الموارد الغربية بالجملة، حتى لو كانت شركات السلاح الأمريكية هي المستفيد الأول منها، لأن سائر القطاعات بدأت تتعرّض للخسائر، فضلاً عن أن العقوبات الغربية على روسيا لم تضعفها بل جعلتها أقوى من السابق.
وبالتالي ليس غريباً أن يصف سياسيون فرنسيون الرئيس الأوكراني بـ”الشخص الخطير”، ويتّهموه بالسعي لتأجيج حرب عالمية ثالثة، ويدعوا حكومة بلادهم للكف عن تزويد نظامه بالأسلحة، حيث طالب عضو البرلمان الفرنسي وزعيم حزب Arise France، نيكولاس دوبون إينيان، عبر “سبوتنيك”، فرنسا بالكف عن تزويد قوات كييف بالأسلحة، ووصف زيلينسكي بـ”الشخص الخطير” وغير المكترث بمصير شعبه، واتهمه بالسعي لتأجيج حرب عالمية ثالثة.
كذلك دعا دوبون إينيان، السياسيين الغربيين إلى التحلي بالحكمة، اقتداء بالجنرال ديغول خلال حرب الولايات المتحدة على فيتنام، وجاك شيراك خلال حربها على العراق، وعدم الانخراط في شباك الصراعات الدولية، وممارسة دور الحكم والوسيط، لتحقيق السلام مع روسيا، وضمان حماية السكان الناطقين بالروسية في دونباس، وقبول وضع أوكرانيا كدولة محايدة.
وكان عضو البرلمان الأوروبي السابق، فلوريان فيليبو، قد دعا في تغريدة عبر “تويتر” الرئيسين الأمريكي والفرنسي، جو بايدن، وإيمانويل ماركون، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى مطالبة زيلينسكي بإعادة المليارات التي قدّمها له الغرب، والتحقق من وجهات إنفاقها.
وما قام به السياسيون الفرنسيون ينسحب على أغلب المسؤولين الغربيين الذين بدؤوا بإيعاز من حكوماتهم، أو من غير ذلك، بالتنصّل تدريجياً من دعم النظام الأوكراني، تمهيداً للخروج من الحرب وتحميل زيلنسكي مسؤوليتها، ما يعني أن الحكومات الغربية قد أقرّت ضمنياً بنصر روسيا، ولكنها غير مستعدّة للاعتراف بذلك، وأفضل وسيلة لذلك طبعاً هو جعل زيلنسكي كبش فداء لها.
طلال ياسر الزعبي