منتخبنا الوطني لكرة القدم في معسكر دبي… فشل ذريع فكرة وأداء ونتيجة المدرب الأجنبي ضرورة ملحة ومنتخبات الفئات العمرية أساس المشروع الجديد
البعث الأسبوعية- ناصر النجار
عاد منتخبنا الوطني لكرة القدم من معسكره المغلق في دبي وأجرى ثلاث مباريات ضمن المعسكر مع منتخبات مختلفة المدارس والهوية والقارات، فلعب مع منتخب الجزائر بلاعبيه المحليين وهو يمثل المدرسة الإفريقية، ولعب مع منتخب بيلاروسيا وهو يمثل المدرسة الأوربية الشرقية، وأخر مبارياته لعبها مع المدرسة اللاتينية الممثلة بمنتخب فنزويلا.
في البداية ومن خلال التعريف بالمنتخبات التي لعب معها تبين لنا أنها منتخبات ضعيفة ليست بأفضل من منتخبنا وإن كان أفضلها منتخب الجزائر الذي قدم مباراة جميلة فيها بعض فنون كرة القدم، لكن أكثر ما اقتنعنا فيه من هذه المباريات أن المنتخبات الثلاثة جاءت إلى دبي للسياحة وكأنها تؤدي تمريناً خفيفاً، فلم نجد أي جدية في المباريات وكأن هذه المنتخبات ليست المنتخبات (الأصلية) لبلادها ووجودها في دبي ترفيهي لأسباب يعلمها القائمون على هذه المنتخبات، ولعل أضعف هذه المنتخبات البيلاروسي بتصنيفه الدولي المتأخر عن تصنيفنا ونحن نسبقه بسبع درجات وفوزه علينا عزز موقعه التصنيفي بينما سيتراجع تصنيف منتخبنا من خلال هذا المعسكر كثيراً.
بخلاصة العبارة معسكر دبي كان وبالاً على كرتنا من ناحية التصنيف الدولي، وسيكرس مقعد منتخبنا في النهائيات الآسيوية ليكون ضمن المستوى الثالث وهذا الأمر ليس بمصلحتنا على صعيد القرعة.
تخطيط سيء
الأداء الذي قدمه منتخبنا لم يكن مقبولاً على كل الصعد، ولاقى هذا الأداء اللوم من كل المحللين ، ومن الجمهور الذي أسف على رؤية هذا المنتخب على هذه الصورة السوداء من الأداء والمستوى، بل إن البعض أكد أن منتخبنا فوّت على نفسه فرصة الفوز على هذه المنتخبات لو لعب بتشكيلته المعتادة ولاعبيه المحترفين.
اللوم الأكبر وقع على مدرب المنتخب حسام السيد الذي تعرض للانتقاد الكبير من كل الشرائح الرياضية، لأسباب كثيرة أولها أن المدرب هو من اختار تشكيلته من مجموعة اللاعبين من الدوري الكروي الممتاز مع خمسة محترفين في الدوريات العربية، والملاحظ أن اختيار السيد وقع على لاعبي النخب الثاني مفضلاً الاعتماد عليهم مع استبعاد لاعبي النخب الأول الذين يملكون خبرة أكبر وحضوراً أفضل، وحتى الآن لم ندر ما المبرر لهذا الأمر، خصوصاً أن المدرب كما صرح في بعض الأحيان أن باب المنتخب غير مغلق بوجه أحد، وكما علمنا فإن اللاعبين المستبعدين سيعودون إلى المنتخب في القريب العاجل وسيكونون عماده في البطولة الآسيوية، فمن غير المنطق أن تشارك كرتنا بالنهائيات الآسيوية بغياب عمر السوما وعمر خريبين ومحمود المواس واياز عثمان ومحمد عثمان ، لذا جاء القول: إذا كانت كرتنا لا يمكنها الاستغناء عن هؤلاء اللاعبين النخبة، فلماذا أبعدتهم عن هذا المعسكر ولماذا استدعت لاعبين لن يكون لهم مقعد في احتياط المنتخب؟.
وإذا كانت الفكرة التي اقترحها المدرب بتجديد دماء المنتخب صالحة بمطلق الكلام وظاهره لكنها حققت الفشل الذريع في المضمون، لأن التنفيذ كان خاطئاً وغير ملائم للواقع أو متوافق معه.
فما فعله السيد أنه خلق منتخباً بديلاً ولم يجدد دماء الفريق، والمشكلة أن المنتخب البديل ليس أفضل من المنتخب الأصلي فظهر أن الفكرة غير سديدة وعقيمة وأخذت منتخبنا إلى مسار خطأ وطريق مجهول، والمنطق يقول: إذا أردنا منتخباً بديلاً فها هو المنتخب الأولمبي خير بديل وأكثر لاعبيه من صغار السن ويعدّهم اتحاد كرة القدم للمستقبل، أي علينا الصبر عدة سنوات ليصبح لاعبو المنتخب الأولمبي مؤهلين ليحملوا لواء كرتنا.
أما عملية تجديد دماء الفريق فالطريق إلى ذلك معروف، والجميع بالفعل رأى أن هناك لاعبين بالمنتخب صار من الخطأ استدعاؤهم بعد أن أفل نجمهم، ومن الضرورة بمكان ألا يكونوا ضمن جسم المنتخب وهذا التصرف صحيح، ويمكن في هذه الحالة أن يتم ترميم المنتخب بلاعبين جدد، وهنا يمكن أن نسمي هذه العملية بتجديد دماء الفريق وهذا ما نراه واضحاً في أغلب المنتخبات العالمية والعربية حيث يحافظ لاعبوها على الجسم الرئيسي للمنتخب حتى يعتزل اللاعب أو يصاب أو يهبط مستواه وهنا يتم استبداله بلاعب أخر جديد، فالإضافات في هذه المنتخبات قليلة ونادرة، ولم نسمع أن منتخب الأردن أو اليابان أو فرنسا غيروا منتخبهم دفعة واحدة أو قلبوا المنتخب رأساً على عقب!
أداء عقيم
عملياً على أرض الملعب فإن ما قدمه منتخبنا من أداء وما ظهر من مستوى لا يبشر بالخير مطلقاً، ونحن هنا لا ندري هل العلة من المدرب أم من اللاعبين؟
النظرة الأولى تقول أن مدربنا خائف من الخسارة الثقيلة ومن المنتخبات الأخرى التي واجهها، لذلك لعب بأسلوب دفاعي مركز بحيث أغلق مناطق الدفاع بأكبر عدد من لاعبي الدفاع والارتكاز، وهذا الأسلوب لا يسمح للاعبين بحرية التحرك والإبداع لأن المهام الدفاعية تلغي أي حالة إبداع أو تصرف فردي فاللاعب محاط بتعليمات مدربه بعدم مغادرة مركزه وعدم التصرف الشخصي وعدم المغامرة.
قد يكون المدرب بهكذا أسلوب وصل إلى هدفه بعدم تعرض منتخبه للخسائر الثقيلة إذا فتح الملعب وتحرر اللاعبون، ولكن هذه ليست كرة القدم!
وكدليل على صحة كلامنا فإن لاعبينا لما تحرروا من المهام الدفاعية قدموا بعض اللمحات الجيدة وأثبتوا قدرتهم على الهجوم وإحراج الفريق المنافس، ولولا الحظ وشجاعة حارس بيلاروسيا وخبرته الكبيرة (على سبيل المثال) لكان لاعبونا سجلوا ثلاثة أهداف بظرف خمس دقائق، من هنا نعتقد أن لاعبينا كان لديهم القدرة على التحرك والمناورة وتهديد الخصم ولكن (على ما يبدو) أسلوب اللعب وقف عائقاً أمام هذا المد الكروي.
في المباريات الثلاث خسرنا أداء ونتيجة ولم يرض أحد بما حدث وتحقق، ولو أننا خسرنا نتيجة وربحنا أداء لهان الأمر، فلا تعنينا النتيجة إن خسرنا بهدف أو أربعة مقابل أداء مطمئن ومستوى مقبول ورؤية جمالية كرة القدم يسطر حروفها الذهبية لاعبونا بأدائهم الجيد.
بالمحصلة العامة أشرك مدربنا في المباريات الثلاث أكثر من عشرين لاعباً في مواقع مختلفة وإذا كانت المراكز محفوظة ومن يشغلها من لاعبينا باتوا معروفين، فإن علة الكرة السورية تكمن في مراكز الدفاع والارتكاز، ونأمل أن يقدم لنا هذا المنتخب أكثر من لاعب في هذه المراكز ليتم ترميم المنتخب الأول بعدد من لاعبي هذا المنتخب.
الطريق الصحيح
اتحاد كرة القدم خطا الخطوات الصحيحة في عملية بناء الكرة السورية وتجديد دمائها، الخطوة الأولى أنجزت من خلال التعاقد مع مدربين اختصاصيين من هولندا باشرا مهامهما قبل حوالي الشهرين مع منتخبات الناشئين والشباب والأولمبي، وقد رأى الجميع أن هذه الخطوة سليمة ويمكن أن تكون مبشرة لأنها بذرة صالحة، وهناك أهمية للعناية بالقواعد ورعاية المواهب الشابة، خصوصاً أن الجيل المتميز من لاعبينا على طريق الاعتزال ومن ستتوفر له فرصة المشاركة بالنهائيات الآسيوية فلن تتوفر له بعدها أي فرصة للمشاركة في البطولات الآسيوية والتصفيات المونديالية القادمة بسبب السن.
من هنا استغرب المتابعون التوجه الخاطئ في اتحاد كرة القدم نحو المنتخب الأول، والكثير عقب على ذلك بقوله: ما كان يفترض باتحاد كرة القدم موافقة السيد على مشروعه الجديد، والكل يتحمل معه مسؤولية الفشل الذي لحق بمنتخبنا.
الاهتمام بمنتخبات القواعد أمر محمود ويجب الاستمرار به، بل ومنحه كل الدعم وتوفير كل مستلزمات النجاح لتستمر هذه المنتخبات في الجاهزية وصولاً إلى الحالة التي يرضى عنها كل عشاق كرة القدم.
وكلما ازدادت قاعدة هذه المنتخبات وتنامت المواهب وأخذت موقعها الصحيح وبلغت حد النضوج كلما انعكس هذا الأمر خيراً على المنتخب الوطني الذي يجد ضالته بين مجموعة جيدة من اللاعبين المؤهلين، من جهة أخرى يواجه اتحاد كرة القدم حرباً ضروساً من مجموعة من المنتقدين وغيرهم يوجهون سهام النقد إلى الاتحاد جراء تعيينات المدربين، فكل مدرب ينضم إلى أي منتخب تجد من يهاجمه لمجرد أنه صار في المنتخب ونجد آخرين يرشحون أسماء عديدة من هنا وهناك، وهذه الصورة التي تنتشر بكثرة على الفيسبوك غير سليمة وغير صحيحة لأن كل المنتقدين يتحدثون من خلال خلفيات شخصية ولمصالح خاصة.
لذلك نتمنى من اتحاد كرة القدم أن يغلق هذا الباب وأن يسعى للتعاقد مع طاقم تدريبي أجنبي للمنتخب الأول وأن يمنحه الثقة وحرية اختيار اللاعبين، حتى لا تكون للواسطة أي طريق نحو أي منتخب.
الوقت اليوم متاح لاختيار المدرب الأجنبي، وكلما طال الانتظار ضاقت السبل وخسرنا الكثير، فالموقعة القادمة في النهائيات الآسيوية أكثر من مهمة ونأمل أن ندخلها بقوة وأن نخرج منها ببصمة وأن نعيد صياغة تاريخنا الكروي بدءاً من هذه البطولة القارية المهمة.