في رياضة طرطوس.. نوادٍ يهجرها أبطالها وأم الألعاب بلا معيل والكرات إلى تقهقر الرياضة المدرسية تئن والأندية تعاني نقص الدعم المادي والمنشآتي
البعث الأسبوعية-مكتب طرطوس
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان لرياضة طرطوس حضور متميز، فكان لكرات القدم “نادي الساحل وشقيقه العمال” والطائرة “ناديا السودا وحصين البحر” تواجد ناجح محلياً، وكان للسباحة أبطالها والقائمة تطول، حتى الرياضة المدرسية التي كانت منبعاً للخامات الواعدة خبت حتى صارت في خبر كان فما الذي جرى وتغير.
ولماذا خبا نجم الرياضة الطرطوسية، ولماذا هذا التقهقر والتراجع ومن المسؤول عنه؟، رغم وجود الملاعب والصالات والنوادي والقامات الرياضية والمشجعين الذين لا يبخلون في متابعة نواديهم وفرقهم وألعابهم التي يحبونها.
أسوأ حالاتها
يمكن القول أن رياضة طرطوس تعيش في هذه المرحلة أسوأ حالاتها نظراً لغياب الدعم المادي والاستثمارات الكفيلة بضخ الدماء في شرايين ألعابها المختلفة، ومع ذلك وبالرغم من كل هذه الظروف إلا أن المحافظة تزخر بالطاقات والخامات والأبطال الرياضيين المصممين على مواصلة تحقيق المزيد من الإنجازات سيما في ألعاب القوة والقوى والسلة والقدم والكرة الطائرة واليد وغيرها الكثير.
رئيس اللجنة التنفيذية في طرطوس عماد حماد أشار لـ”البعث الأسبوعية” إلى جملة من الصعوبات والمعوقات التي أثّرت سلباً على واقع الحركة الرياضية في المحافظة خاصة الحالة المادية كون الرياضة صناعة تحتاج لدعم مالي وهذا بطبيعة الحال لن يأتي إلا من خلال توفير البنية التحتية للاستثمارات الجاذبة لتحريك العجلة الرياضية إلى الأمام.
وكشف حماد أن عدد الأندية الرياضية في المحافظة 25 نادٍ سبعُ أندية منها تتبع للشبيبة والعمال والشرطة والمصفاة ومجلس مدينة بانياس وغيرها، والباقي يتبع المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام حيث تعمل اللجنة التنفيذية على تمويلها مادياً بمبالغ محدودة من قبل المكتب التنفيذي.
حضور قوي
وحول طريقة تمويل الأندية حسب أحقيتها يقول حماد : توجد عدة مستويات لواقع الأندية الموجودة منها في حال سبات ومنها ما هو نشِط وله حضوره على ساحة المحافظة المحلية ومنها أندية حققت حضوراً فاعلاً على مستوى القطر أو المستوى الخارجي ، ولدينا أكثر من 135 لاعبة ولاعباً حصلوا على مراكز متقدمة هذا العام في عدة ألعاب ، وهذا يدل على أن طرطوس محافظة ولاّدة للأبطال رغم كل الظروف ووسط غياب الاستثمارات التي تؤثر سلباً على واقع الأندية كون العصب المالي هو الأساس ومتى توفر المال توفرت الظروف للحديث عن رياضة حقيقية وفاعلة تلبي طموحنا.
لغز المسبح الشتوي
يبدو أن مسبح طرطوس الشتوي العائد للاتحاد الرياضي العام مؤجل حتى إشعار آخر، والسباحة رغم التطمينات ليست بأفضل حالاتها وهي بحالة “مراوحة في المكان ” رغم الآمال الكبيرة التي كان يعلقها سباحو طرطوس باكتمال مسبحهم الشتوي الذي بدأ العمل به في عام ٢٠٠٤ في موقع الصالة الرياضية من قبل مؤسسة الإسكان، ولا يزال حتى الآن قيد التنفيذ…!
ويظهر أن آمال اكتمال بنائه ليكون بيئة تدريب مثالية للاعبين والسباحين تبددت وتلاشت حتى إشعار آخر، خاصة بعد الدراسة التي قدمها فرع الاتحاد الرياضي بطرطوس التي بينت وجود منصة مبنية بشكل خاطئ.
وفي هذا الخصوص يقول حماد أنه ومن خلال عدة جولات مع رئيس المنظمة فراس معلا تم تأكيد موضوع خطورة المنصة كونها تعرض السباح للخطر وحتى للوفاة.
وأكد أنه وحتى إشعار آخر لا جديد في هذا الملف، حيث تم أخذ موافقات للسباحين للتدرب في مسبح اللاذقية الشتوي.
نتائج جيدة
رغم التطمينات التي قدمتها زينة الشيباني رئيسة اللجنة الفنية لسباحة طرطوس ما تزال المحافظة دون سباحين ممثلين في المنتخب، رغم أن رياضة السباحة نشطة في المحافظة من حيث المشاركات والبطولات مبينة أن نتائج المحافظة كل عام جيدة على مستوى الجمهورية وفي كل صيف يتم انتقاء فريق للمشاركة في بطولات الجمهورية من خلال بطولة المحافظة من مختلف مدارس تعليم السباحة والأندية الممارسة للعبة ، مشيرة إلى أن أرقام السباحين في المحافظة ونتائجهم تعتبر ممتازة لعدم وجود مسبح شتوي حيث يقتصر التدريب على فترة الصيف فقط وبعض السباحين يتدرب في مسابح مدينة الأسد الرياضية باللاذقية يوم واحد بالأسبوع.
خصوصية مفقودة
في ذات السياق يبدو أن الخصوصية لوجود بحر في محافظة طرطوس وإمكانية تدريب السباحين فيه مازالت دون الطموح والإمكانات والاستثمار فيه غير مجدٍ لمتطلباته الكثيرة حيث تبين الشيباني أن السباحة البحرية تتطلب تجهيزات عديدة من مرافقة لمراكب بحرية ومدربين كما هناك اختلاف بنوع السباحة فالمياه المالحة مختلفة عن المسابح ، مضيفة: رغم ذلك المشاركة في بطولات الجمهورية للسباحة الطويلة التي تقام من جزيرة أرواد إلى شاطئ طرطوس تكون بعدد جيد من السباحين والسباحات ، حيث تستضيف طرطوس بطولة الجمهورية للسباحة الطويلة من جزيرة أرواد إلى شاطئ طرطوس، وهو أمر ينعكس بشكل إيجابي على السباحة وواقعها.
حاجة حقيقية
وبالانتقال لواقع الأندية لا تبدو الأمور مشجعة حيث كشف رئيس نادي الساحل السابق سنان درغام تحدث عن حاجة النادي للدعم مالياً سيما وأنه حقق الحلم ولأول مرة بوصول نادي في كرة القدم من طرطوس لمصاف الأندية الممتازة ، مطالباً القيادات الرياضية وأصحاب القرار بدعمه لضعف الإمكانات المادية وقلة الواردات والمتبرعين الداعمين التي كانت سبباً في تراجعه إضافة لوجود بعض المتدخلين الذي دوماً يسعون للسيطرة عليه أو أذية الإدارات التي تأتي إلى جانب بعض الجمهور الذي يفرض نفسه كوصي على النادي.
أندية مجتهدة
وإضافة لنادي الساحل تواظب فرق أندية الدريكيش وصافيتا ومشتى الحلو تمارينها بظروف مادية وإنشائية صعبة ومعدومة وسط غياب الدعم، فهجرها بعض لاعبيها وتوقفت بعض الألعاب تزامناً مع عدم قدرتها على المشاركة بالبطولات ليتلاشى الحلم.
رئيس نادي الدريكيش علي الزعيم كشف أن النادي يعتمد حالياً لعبتي كرة اليد والشطرنج لأسباب مادية بحتة ، وحالياً تراجع النادي على مستوى كرة اليد الأنثوية بسبب هجرة تسع لاعبات إلى أندية المدن علماً أنهن لاعبات منتخب وطني ، مبيناً أن النادي حاول عام ٢٠١٩ أن يشارك في الدوري العام بلاعبات الصف الثاني فأحرز المركز الأخير، وهذه النتائج أدت إلى عدم المشاركة بأعوام ٢٠٢٠ وحتى ٢٠٢٢ ، مشيراً إلى أن النادي حالياً يعيد هيكلة كرة اليد الأنثوية، ويستكمل الفئات في الذكور ويشارك في الدوري العام ويحقق حضوراً جيداً رغم عدم وجود صالة رياضية وعدم وجود استثمارات ثابتة ما ينعكس على الوضع المادي سلباً علماً أنه يوجد أرض بمساحة ثلاثة دونمات مخصصة لبنائها ،وتمت جميع الدراسات الهندسية والجيولوجية ولم تبن منذ صدور قرار إنشائها عام ٢٠٠٣.
جمهور كبير
وأوضح رئيس نادي صافيتا الرياضي صلاح بلقيس أن النادي يمارس ألعاب كرة الطائرة والقوى والشطرنج والكاراتيه والجمباز والملاكمة والزومبا واليوغا ، لافتاً إلى أن أكتر الألعاب انتشاراً هي الجمباز والزومبا ولها جمهور كبير وعروض على مستوى المنطقة والمحافظة ، ولفت “بلقيس” إلى أن أبرز الصعوبات تتجلى في عدم تقديم الدعم المالي من الاتحاد الرياضي والفعاليات الاجتماعية ، وعدم وجود مدربين بمستوى عالٍ لبعض الألعاب، إضافة إلى عدم تقديم وسائل التدريب من قبل الاتحاد بالرغم من المطالبات المتكررة خصوصاً ما يتعلق بلعبة الجمباز والكاراتيه والملاكمة ، مشيراً إلى أن النادي وقبل استلام مجلس الإدارة الحالي منذ أربع سنوات ، كان شبه مقفل ولا يوجد أي حراك رياضي فيه ،وبعد استلام المجلس الحالي تطور بشكل سريع.
مستلزمات مفقودة
وأشار رئيس نادي مشتى الحلو جورج متري إلى أن النادي يعاني من نقص الإمكانيات المادية مع وجود جهود لتأمين مستلزمات الألعاب الرياضية خاصة كرة القدم والسلة لجميع الفئات العمرية، لافتاً إلى عدم حصول النادي على أي دعم أو تكريم ، كما لم يتمكن من المشاركة خلال العامين الماضيين بسبب ضعف الإمكانيات المادية وارتفاع تكاليف السفر..
وتجلت صعوبات النادي حسب متري بالإمكانيات المادية المعدومة وهجرة الشباب من اللاعبين وعدم وجود مقر للنادي ، مطالباً بتأمين مقر وتزويده بمستلزمات الألعاب من كرات وتجهيزات، وتخصيص ملعب للنادي.
معاناة متشابهة
الأندية العمالية لا تبدو في أحسن حال كونها تعاني من ضعف في الموارد وقلة في المنشآت، رئيس الاتحاد العمالي في طرطوس علي مصطفى أوضح أن واقع الأندية الأربعة التي تتبع لاتحاد عمال طرطوس مقبول والنتائج الجيدة التي حققتها في السنوات الماضية (نادي مصفاة بانياس- عمال طرطوس- عمال اسمنت طرطوس -عمال المحطة الحرارية) دليل على ذلك حيث حصلت هذه الأندية على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في بطولات مختلفة على مستوى الجمهورية وفي ألعاب عدة (الأثقال- السباحة- الطاولة- ألعاب القوى- الكاراتيه) لكن لكل من هذه الأندية شجونها والصعوبات التي تعاني منها فمثلاً يعاني نادي عمال طرطوس عدم وجود منشأة خاصة بالنادي وقلة في السيولة المادية لتغطية متطلبات النادي، ومثله نادي عمال طرطوس الذي يعاني ضعف التجهيزات في ملاعبه خاصة ملعب كرة القدم ، ويعاني نادي المصفاة عدم وجود آلية لنقل اللاعبين وعدم وجود صالة مغلقة للألعاب.
للرياضة المدرسية همومها
ومع أهمية الرياضة المدرسية وكونها الحجر الأساس واللبنة الأولى في بناء جسم الطفل وتنشئته تنشئة صحية سليمة، إلا أن واقع الرياضة المدرسية متفاوت من منطقة إلى أخرى ومن مدرسة إلى أخرى في المحافظة حسب ما بيّنه رئيس دائرة التربية الرياضية بطرطوس محمود درغلي مشدداً على أن الرياضة المدرسية تعتمد على مدى نشر ثقافة الرياضة المدرسية أو الأهلية ضمن هذه المجتمعات وتعود أيضاً إلى اهتمام مدير المدرسة ومتابعته لمدرس التربية الرياضية وتحفيزه وتشجيعه للمشاركة في النشاطات التي تعممها دائرة التربية الرياضية.
وأضاف درغلي: لابد من إيلاء الرياضة المدرسية الاهتمام الأكبر كحصة أساسية في المنهاج من خلال تعيين الخريجين الاختصاصيين وقيام الموجهين بجولات على المدارس وتتبع سير قيام الحصة بالشكل الأمثل ، ولدعم الرياضة المدرسية وتفعيلها كبقية الحصص الدراسية تسعى وزارة التربية من خلال مديرية تربية طرطوس ( دائرة التربية الرياضية ) إلى اتخاذ عدة إجراءات لتنفيذها بهذا الخصوص أهمها ملء شواغر التدريس من المدرسين والمدرسات للتربية الرياضية بمسابقة التعيين للتدريس التي أنجزتها وزارة التربية للفئتين الأولى والثانية 93 مدرساً ، كما تم تكليف مدرسين ومدرسات من خارج الملاك.
متابعة مستمرة
ولفت رئيس دائرة التربية الرياضية أنه يتم متابعة عمل المدرسين من قبل رئيس الدائرة وشعبة التوجيه الرياضي التي وضعت خطة تعمل على تنفيذها وتتضمن متابعة عمل الموجهين الاختصاصيين وتقييم أداء عمل مدرسي التربية الرياضية، إضافة إلى المتابعة الميدانية ودراسة التغذية الراجعة من الميدان ومتطلباته واحتياجاته بما يضمن حسن سير العملية التعليمية وعدم جعلها حصة فراغ .
وبخصوص شكاوى الأهالي من نقص الألعاب الرياضية من كرات وغيرها في بعض المدارس بيّن درغلي أن نقص الأدوات والتجهيزات الرياضية يرجع إلى غلاء الأسعار، موضحاً أن مديرية التربية ـ دائرة التربية الرياضية ـ قد قدمت إعانات مالية استفادت منها 400 مدرسة على مستوى المحافظة ووزعت على المدارس التي لا تملك ندوات مدرسية.
وعن رعاية الموهوبين من التلاميذ وتهيئتهم للالتحاق بنوادي المحافظة من أجل احتضان المواهب ورفدها بالأندية الرياضية، أكد درغلي أن دائرة التربية الرياضية قامت بالتعميم على مدارس المحافظة للبدء بالبطولات المدرسية على مستوى المحافظات بالألعاب المنهجية العشرة من بداية العام الدراسي ليتم اكتشاف المواهب الرياضية من التلاميذ والطلاب ورفد الراغبين من الأندية الرياضية بهم.
تجهيزات معدومة
ويرى وسيم كامل عيسى رئيس نادي الصفصافة الرياضي أن واقع الرياضة المدرسية مزري علماً أن الرياضة المدرسية هي أساس الرياضات في أي مكان بالعالم، واعتبر أن ذلك يعود لعدم وجود اهتمام بالتربية الرياضية في المدارس حيث أن التجهيزات الرياضية بالمدارس تكاد تكون معدومة.
وأضاف عيسى: أنه لا يوجد أي نشاط رياضي في منطقة الصفصافة باستثناء كرة القدم فهي موجودة بقوة في كل قرى المنطقة تقريباً ويتم تنظيم دورات مستثمرة وخاصة بعد إنشاء ملعبي منشأة الأسد الرياضية بالصفصافة ومنشأة الزين بالحميدية ، لا يملك النادي مقراً له ولا يملك أي استثمار وهذا يضعنا أمام تحدي الاستمرار.
وأوضح عيسى أن أهم الصعوبات التي تواجه النادي عدم وجود مقر علماً أنه يملك عقار بمنطقة حيوية وتجارية في الصفصافة مع وجود مخاطبات للجنة التنفيذية لبناء محلات تجارية ومكاتب كي توضع بالاستثمار.
خبرات رياضية
من جانبه الخبير في كرة الطائرة ومدرب نادي السودا رائد موسى أكد أن كرة الطائرة في المحافظة شهدت نقلة نوعية على مستوى القطر وحققت لاعباتها في أندية السودا وحصين البحر وغيرهما نتائج ممتازة نظراً لكون هذه اللعبة تعتبر من الألعاب الريفية المميزة وتمتلك عدة لاعبات في صفوف المنتخب الوطني الذي شارك مؤخراً في بطولة غرب آسيا في الأردن.
فيما تحدثت البطلة والمدربة رانيا سليمان عن تجربتها المميزة في لعبة رفع الأثقال وحصولها على أكثر من ميدالية ذهبية على المستوى العربي والقاري إضافة للمستوى المحلي مبينة أن لعبة رفع الأثقال للسيدات تحتاج لنظام غذائي خاص وتدريب جيد ومستمر للمحافظة على اللياقة المطلوبة والتميز.
كما لفت المدرب محمود أحمد رئيس اللجنة الفنية لبناء الأجسام إلى تميز أبطال اللعبة على مستوى القطر والمستوى الخارجي فتم تتويج عدة أبطال على المستوى القاري لأكثر من مرة وحققت اللعبة حضوراً واسعاً محلياً.