هل باتت العقوبات الغربية على روسيا عبثيّة بالفعل
تقرير إخباري:
ربما باتت السمة الأساسية التي تميّز العقوبات الغربية التي يُعاد فرضها على روسيا مجدّداً، هي التخبّط في تحديد الجدوى منها، كما لو كانت مجرّد فقاعات إعلامية، في الوقت الذي يؤكّد فيه مراقبون أن مزيداً من العقوبات المفروضة على روسيا يعني مزيداً من الآثار السلبية على الاقتصادات الأوروبية المتداعية أصلاً، حيث طالت هذه المرة البلد الذي يتم فرض العقوبات بسببه، وهو أوكرانيا.
فقد اعتبر سيرغي كويون، مدير المجموعة الاستشارية الأوكرانية A-95، أن بلاده ستواجه نقصاً في المنتجات النفطية وزيادة في تكلفتها بسبب فرض دول الاتحاد الأوروبي قيوداً على أسعار النفط الروسي.
وفي منشور على صفحته في “فيسبوك”، ضرب الخبير أمثلة على المشكلات المتعلقة بتوريدات النفط وإنتاج المنتجات البترولية في بلغاريا واليونان وإيطاليا، وبولندا ورومانيا وتركيا، وأضاف: “هناك مشكلات مشتركة للجميع. يتم استبدال النفط الروسي بأنواع أخرى، معظمها أخفّ منه”.
وأشار إلى أن ذلك قد أدّى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة خدمات نقل الوقود بحراً وبراً، لتقترب هذه المؤشرات ممّا كانت عليه في الربيع، وكتب: “لكن حتى أولئك المستعدّين لدفع 100 دولار، لا يمكنهم الحصول على البضاعة لأنها ببساطة غير متوفرة”.
وحسب الخبير الأوكراني، فإن “أمامنا شهرين أو ثلاثة من الاضطرابات حتى تتكيّف السوق الأوروبية مع العقوبات على النفط أولاً، ثم على المنتجات النفطية. وفي الوقت الحالي، يبدو أننا سنكون أول من سيشعر بهذه العقوبات”.
وأوضح أن المشكلة الرئيسية تكمن في نقص المنتجات النفطية في السوق: “لذلك، يجب ألا نتسرّع في إدانة حلفائنا بسبب سقف 60 دولاراً لبرميل النفط الروسي. المشكلة ليست في السعر، لكن في كيفية تجنّب النقص. فنحن سنواجه كليهما، النقص والأسعار الهائلة”.
ونهاية الأسبوع الماضي اتفق الاتحاد الأوروبي على تحديد سقف سعر شراء النفط الروسي المنقول بحراً بـ60 دولاراً للبرميل. وانتقد الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي هذه الخطوة باعتبارها “غير جدية وتعبّر عن موقف ضعيف”.
والغريب في كل ذلك أن ردّ الفعل الروسي جاء معاكساً للتوقعات، حيث أعلنت موسكو أنها لن تبيع النفط للبلاد التي تفرض سقفاً لسعر النفط الروسي، ما يعني أن روسيا ليست مضطرّة أصلاً لبيع النفط لهذه الدول، وبالتالي فإن فرض سقف للسعر سيؤدّي تلقائياً إلى نقص المعروض وبالتالي ارتفاع الأسعار وتعميق الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي.
وما يؤكد أن العقوبات الغربية على روسيا أصبحت عبثيّة بالفعل، وأنها تُفرض فقط لمجرّد الدعاية، هو عودة المفوضيّة الأوروبية إلى الإعلان مجدّداً عن حزمة تاسعة من العقوبات ضد روسيا تطول القطاع المالي ووسائل الإعلام، سيبحثها وزراء خارجية دول الاتحاد الشهر الجاري.
وواضح أن العقوبات الغربية شملت سابقاً هذين القطاعين، حيث إن هناك حرباً واسعة النطاق في الغرب على وسائل الإعلام الروسية وخاصة “روسيا اليوم” و”سبوتنيك”، كما أن المصارف الروسية نالت نصيباً وافراً من هذه العقوبات، ولكن ربّما يحاول الأوروبيون استجداء التفاوض مع موسكو عبر الدعاية لمجموعة أخرى من العقوبات، وربما تكون أيضاً محاولة ثانية لإقناع الشارع الأوروبي الغاضب من سياسات حكوماته، بأن العقوبات لها ما يبرّرها، وبالتالي الاستمرار في الهروب إلى الأمام، وهو ما يشير إلى أنها تحوّلت بالفعل إلى عبثيّة.
طلال ياسر الزعبي