صحيفة البعثمحليات

الخيط الأبيض من الأسود

معن الغادري 

يبقى المعيار الحقيقي لنجاح أي عمل مرهوناً بالقدرة الفائقة على الفهم وهضم الخطط والبرامج الموضوعة لجهة مدخلاتها وأدواتها، يضاف إلى ذلك مهارة ودقة التنفيذ بما يتماهى مع شروط الجودة. وخلافاً لهذه الرؤية، تبقى المعادلة منقوصة وغير مكتملة العناصر، وهو حال مجمل قطاعات وميادين العمل في حلب على وجه التحديد، إذ تؤكد المعطيات والأرقام أن معظم ما أنجز من أعمال لا يتوافق مع ما تمّ تسخيره وتوظيفه من إمكانات وطاقات بشرية ومالية، ومردّ ذلك انحراف بوصلة العمل وبزاوية منفرجة، والإصرار على إعادة إنتاج التجارب الفاشلة وبالأسلوب والنمط ذاته والذي ضرّ ما نفع، وهو ما أنتج بيئة فاسدة إدارياً ومالياً، كشفت وبما لا يدع مجالاً للشك عورة منظومة العمل المؤسّساتي، وعجز الجهات الرقابية عن حسر مساحة الفساد أو القضاء عليه.

والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما خسرته حلب من وقت ومال منذ تطهيرها من الإرهاب نهاية عام 2016 وحتى الآن، هو: هل ما أنجز من مشاريع خدمية وتنموية، وما يتمّ التصديق عليه في اجتماعات المكتب التنفيذي تباعاً، يمكن تصنيفه وإدراجه تحت مسمّى التحول الاستراتيجي، أم أن هناك لبساً في هذه التسمية والتوصيف؟ وهو ما نحيله إلى الوزارات المعنية، لتبيان الخيط الأبيض من الأسود ولإجراء مراجعة حقيقية وشفافة، لعمل مديرياتها ومؤسساتها، تفضي بالنتيجة إلى كشف ما يعتري جوانب العمل من فساد وقصور وترهل وضعف واضح في إدارة العمل في مجمل المشاريع المنفذة والجاري تنفيذها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات رادعة وحازمة، تجاه كلّ أشكال الفساد والفاسدين، وتصويب ما تمّ إعوجاجه.

وبما أننا على أبواب عام جديد، نرى أن الحاجة أكثر من ماسة لإجراء تغيير جذري في النهج والإدارة، والبدء بإعداد خريطة عمل جديدة تتوافر فيها المصداقية والشفافية وتُدار من قبل متخصّصين وفرق عمل مدرّبة ومؤهلة مدعمة بالإمكانيات المطلوبة، والسعي بكل جدية لتنقية أجواء العمل المؤسساتي، وإنهاء مصطلح ما يُسمّى “المعلم” وتعميق ثقافة العمل الجماعي والتشاركي، بدلاً من سياسة التعطيل والتفشيل وابتداع وابتكار الأزمات.