الشمّاعة الروسية لن تنقذ الحكومة البريطانية
تقرير إخباري:
دأب المسؤولون البريطانيون على التهرّب من الاعتراف بالمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تسبّبت بها حكوماتهم المتعاقبة، وذلك من خلال التناوب على توجيه الاتهامات إلى روسيا وعمليّتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، متجاهلين القرارات الحمقاء التي ساهمت في إيصال اقتصادهم إلى هذا الحال، وتظهر حماقة القرارات الحكومية البريطانية بشكل واضح من خلال تعنّتها في المواقف المعادية لروسيا وفرض العقوبات على الأشخاص والمؤسسات فيها، حيث بدا واضحاً أن المسؤولين البريطانيين يعتقدون أن جواز مرورهم إلى قلوب الناخبين يمرّ عبر استعداء هذا البلد، وبالتالي قضوا على جميع الفرص للحلول الدبلوماسية والناعمة مع أعظم دولة لإنتاج النفط والحبوب في العالم، ناهيك عن التهجّم الدائم على الموقف الروسي والتحيّز في نقل الأخبار لمصلحة أوكرانيا التي لم تعُد قادرة على مواجهة روسيا لولا الدعم الأوروبي الذي بدوره انعكس على حياة المواطن في أوروبا وبريطانيا تحديداً، هذا فضلاً عن قيام أجهزة الاستخبارات البريطانية بالتخطيط لجميع الهجمات التي يقوم بها المتطرّفون الأوكرانيون على الأراضي الروسية.
وكل ما يحدث في بريطانيا من مظاهرات وحملات مندّدة بالأوضاع الاقتصادية المتردّية وضعف الأجور وغلاء المعيشة لم يفتح الآذان الصمّاء التي تمتاز بها حكوماتهم، بل زادها ذلك حنقاً وتشدّداً في الوقوف ضدّ مصالح شعوبها واقتصادها، ويبدو أن هناك حقداً دفيناً منذ ما قبل مرحلة الحرب العالمية الثانية على كل ما يمتّ بصلة إلى الإمبراطورية الروسية، رغم أن الاتحاد السوفييتي كان الحلقة الأقوى في التصدّي للنازيين الذين كادوا يحتلون أوروبا بالكامل لولا تضحيات الجيش الأحمر السوفييتي.
هذه الخلفية المبنية أصلاً على وضع روسيا شمّاعة يعلّق عليها المسؤولون البريطانيون أسباب فشلهم، جعلت زعيم حزب المحافظين البريطاني ناظم زهاوي يدعو المضربين في قطاع الصحة إلى وقف إضرابهم وعدم “مساعدة بوتين في تفريق البريطانيين”.
واعتبر زهاوي أنَّ إضرابات ما قبل أعياد الميلاد تُظهر “الشِّقاق في المملكة المتحدة، في وقت نحتاج فيه إلى جبهة موحّدة ضد روسيا”، هكذا تماماً يتم توجيه الرأي العام البريطاني واستغباء الشارع، عبر تحميل المشكلات الاقتصادية التي تسبّبت بها الحكومات البريطانية المتعاقبة إلى روسيا، وذلك لتحويل الشارع إلى مكان آخر بعيد عن صلب المشكلة وتشويش الرؤية نحو صلب الموضوع، الأمر الذي أثار غضب الرأي العام البريطاني والأوساط النقابية، حيث شدّد بات كولين الأمين العام للكلية الملكية للتمريض على أنه من غير المقبول استخدام النزاع في أوكرانيا ذريعةً لخفض أجور الممرضين في بريطانيا.
أما زهاوي فعاد ليقول: إنّ الحكومة البريطانية تدرس الاستعانة بالجيش للمساعدة في ضمان استمرار الخدمات العامة في حال أضرب العاملون في قطاعات رئيسية أبرزها هيئة الصحة العامة، ما يؤكد عدم الاهتمام بمشكلات القطاع الصحي.
وتشهد بريطانيا إضراباتٍ في عدد من القطاعات، ولا سيما الإضراب الذي أعلنه آلاف الممرضين والممرضات وموظفي الإسعاف في بريطانيا وويلز على خلفية ضعف الأجور وظروف العمل.
أما الحكومة فقد دعت العمال مراراً إلى وقف الإضراب قائلةً: إنّها لا تستطيع تحمّل أي زيادات في الأجور بما يتماشى مع التضخّم، وإن هذه الخطوة في حال مضت فيها ستزيد معدّلات التضخّم في البلاد.
ويبدو أن الوضع في بريطانيا شأنه شأن سائر الدول في القارة الأوروبية، ذاهب إلى النتيجة ذاتها، وهي الركود الناتج عن تضخّم الأسعار، وبالتالي لن تستطيع أيّ حكومة مقبلة الاستمرار طويلاً تحت هذا الضغط، أي أن حكومة ريشي سوناك ذاتها ستلاقي مصير سابقتها.
ميادة حسن