محليات

بين قوسين “سائق ومرافق”

كثيراً ما تتباهى بعض موظفات القطاعات الحكومية والمتأفّفات منهن تحديداً بما يرتدينه من ملابس “آخر طراز”، ليشكّل الموديل والاكسسوار الهاجس الأساسي عند من “استقتلت” للفوز بلقب موظفة دولة تحت وابل من التسوّل والحاجة والطلب من هذا الوسيط أو المسؤول القادر والواصل وذوي المعارف، ومن بوابة تأمين مورد عيش يضمن اللقمة المغمّسة بالدم –كما يدّعين- تتدافع نون النسوة بحثاً عن فرصة من ذهب لأنها بحاجة حتى لو كانت مكتنزة مادياً، فالمؤسسات العامة مرتع لممارسة النرجسية والفوقية وتطبيق سلوكيات الفرز الطبقي، وما شابه من مظاهر مرضية أضنت المجتمع وزادت من حنق الكفاءات المحرومة من فرصة العمل المطلوبة لهم؟!.
وفي الحقيقة أن أوّل من سيتّهمنا بمعاداة “حواء” وحقوقها هم الذين ينطبق عليهم ما تطرّقنا إليه من متسلّقين ومتسلّقات ولاهثين ولاهثات للهو في ملاعب الدوائر والوزارات، وقد تحوّلوا إلى عبء وعمالة مقنّعة مستهلكة وغير فاعلة وسارقة لفرص غيرها المستحق ممن يستأهلون الوظيفة ولديهم المؤهلات والكفاءات ولم يستطيعوا إلى العمل سبيلاً، فالأولوية والميزة لصاحبات الحظوة والمقتدرات وذوي الواسطات والمعارف وأبناء المسؤولين الذين يأكلون البيضة والتقشيرة، وما حصل ويحصل في مسابقات واختبارات بعض الجهات الحكومية أكبر دليل على فضائحية هذا الجانب المخترق الذي أخذ طريقه إلى المساءلة والتفتيش رغم أن تجارب أخرى سارت كما يريد أبطالها الفاسدون؟!.
يأتيك الباحث أو الباحثة عن عمل على أن له أو لها الحق في العمل والحصول على فرصة لإظهار جدارتها وبراعتها وقدراتها على تحقيق خرق في الأداء المهني والوظيفي، وهي من الرائدات في صياغة أنموذج مختلف لتحصل الواقعة بالطقوس والاتصالات والفيتامينات المعروفة والمحفوظة عن ظهر قلب عند العارفين كيف تؤكل الكتف في أجهزة المؤسسات، ولا تمضي أسابيع وأشهر معدودات حتى تجد المؤسسة أنها في ورطة جديدة وكارثة بشرية جديدة لا يمكن التخلص منها بتلك السهولة التي يظنها بعضهم، لأن البقاء والتمسك بات حقاً مكتسباً اجتماعياً وقانونياً حتى لو كانت من فئة مؤقت أو موسمي..؟!.
يسأل سائل: كيف تستوعب بعض الجهات أسطولاً وجيشاً من النساء بعضهن مخصّص لعرض الأزياء وأخريات للتواصل الاجتماعي المباشر أو الفيسبوكي، ومنهن من جاءت “لتقطّع” وقتاً بفنون التشويش والهدر الكبير، ومع ذلك تخرج عليك واحدة من هؤلاء لتطالب بزيادة الرواتب وفي يدها أكثر من موبايل من أحدث الطرازات يصل سعر الواحد إلى نحو 80 ألف ليرة وما فوق، ولا تأتي إلى عملها إلا بسيارة خاصة وربما مع سائق ومرافق والوجهة الوظيفة العامة، في وقت يمكث فيه مئات لا بل آلاف من الخريجين والخريجات الأكفاء والكفؤات في المنازل دون عمل أو يمارسون نشاطات لا علاقة لها بدراستهم، فقط لأنهم “لا سند أو داعم لهم أو لهن”، وهذا ما دفع بعضهم إلى البوح همساً حتى لا تحلّ عليه لعنة زوجته الموظفة: “لو استبدلت معظم الموظفات بشباب لحلّ الجزء الأعظم من أزمة البطالة في البلد…”.
علي بلال قاسم