أحياء منسية في حلب.. مطالب بتحسين الواقع الخدمي وتشديد الرقابة على الأسواق
البعث الأسبوعية – معن الغادري
“على الوعد يا كمون”.. هذا هو حال لسان سكان الأحياء الشرقية بعد ستة أعوام على تطهيرها من الإرهاب، إذ يواجهون صعوبات معيشية وخدمية متزايدة ومتفاقمة، لا تلقى أي اهتمام أو متابعة من الجهات المعنية الغائبة تماماً عن المشهد العام لهذه الأحياء والمدينة بشكل عام.
وفيما يكرر المعنيون مقولتهم: “ليس بالإمكان أفضل مما كان”، يعزو البعض منهم سبب هذا التقصير إلى ضعف الإمكانات، ما يحول دون استكمال الخطط والمشاريع المقرر تنفيذها على الصعيد الخدمي، ناهيك عن قلة اليد العاملة والنقص بالآليات والتي تؤخر عملية ترميم وتأهيل الشوارع والمرافق العامة، وتحسين الواقع الكهربائي لهذه الأحياء على وجه الخصوص.
أعطال مزمنة
يقول أهالي هذه الأحياء في شكاويهم المتكررة: إن عدم إصلاح الشبكة الكهربائية يفاقم من المشكلات اليومية، ويزيد الأعباء على المواطنين، على اعتبار أن البديل هو مولدات الأمبير، التي تأكل الأخضر واليابس، على حد قولهم، سيما وأن هذه الخدمة لا تخضع للرقابة من قبل حماية المستهلك، حيث يقوم أصحاب المولدات بتحصيل الأجور على مزاجهم وهواهم، دون أي رادع قانوني أو أخلاقي، إذ وصل سعر الأمبير الواحد أسبوعياً في هذه الأحياء إلى 40 ألف ليرة، يضاف إلى ذلك فوضى الأسواق والأسعار، والاستغلال الواضح والبشع من قبل كبار وصغار التجار الذين يتحكمون بالسوق والأسعار كما يحلو لهم دون أي ضابط، وعلى مرأى من دوريات الرقابة.
النظافة غائبة
ويشتكي آخرون من انتشار القمامة والأنقاض، وعدم قيام المديريات الخدمية بترحيل القمامة وترميم وتأهيل المرافق العامة وتزفيت الشوارع الرئيسية والفرعية، والتي تحولت إلى حفر وبقع لتجمع المياه الملوثة.
وأشار عدد من الأهالي إلى أن الجمعيات الخيرية والأهلية غائبة تماماً عن المشهد، إذ لم تف بوعودها ولم تقدم الدعم المطلوب والمأمول منها سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، كإنجاز مشاريع خدمية وتنموية تعود بالنفع على هذه الأحياء.
الأهالي في أحياء الأعظمية وصلاح الدين وسيف الدولة والمشهد والزبدية والأنصاري ناشدوا المديريات الخدمية بضرورة ترحيل القمامة بشكل يومي، وتثبيت مواقع تموضع الحاويات، وتكثيف الرقابة على الأسواق وإلزام أصحاب المحال والبسطات بترحيل مخلفاتهم من القمامة أولا بأول، كما طالبوا بإيجاد آلية مناسبة للحصول على الخبز وتخفيف الازدحام على أبواب الأفران.
تخديم بوسائط نقل
وطلب أحد المواطنين نيابة عن جيرانه في حي السكري بتأمين الكهرباء وتحسين واقع النظافة وتخديم الحي بوسائط نقل لتمكين الموظفين والطلاب من الوصول إلى أماكن عملهم وكلياتهم في جامعة حلب، كما لفت إلى خطورة انتشار الدراجات النارية داعياً إلى ضرورة التدخل لقمع هذه الظاهرة التي باتت مصدر خوف وقلق للأهالي.
غياب الرقابة على الأسواق
في سياق متصل، أجمعت الشكاوى الواردة من معظم المناطق والأحياء السكنية على وجود هوة واسعة بين الدخل والأسعار المستعرة في الأسواق، ومرد ذلك غياب الرقابة وعدم الالتزام بالنشرة التسعيرية لحماية المستهلك التي تصدر أسبوعياً أو بشكل نصف أسبوعي.
ويقول أبو محمد، من حي الأعظمية: هناك تفاوت واضح في الأسعار بين سوق وآخر ومحل ومحل مجاور على الرغم من تشابه السلعة، وهو أمر مستغرب لم نجد له إجابة من قبل البائعين الذين اعتادوا ترديد عبارة “الأسعار متحسنة هاليومين”. وتشير سيدة تتجول في سوق الأعظمية إلى أن معظم المحال لا تخشى الرقابة، وتبيع على مزاجها وهواها دون أي رادع، ولا نستطيع أن نجادل أو نناقش البائع خشية من أن يطردنا ويمتنع عن البيع، كما حدث معي أكثر من مرة لدى سؤالي عن أسباب إرتفاع الأسعار.
وفي سوق الجميلية، حدّث ولا حرج، إذ يروي أحد ساكني الحي أن أحد التجار – وهو متعهد ومستثمر السوق – ينشر عرباته الجوالة وبسطاته طولاً وعرضاً، ويتحكم بالأسعار، والتي غالباً ما تكون موحدة على مختلف السلع المعروضة، خاصة بما يتعلق بالخضار والفواكه والمجففات، وهو ما ينسحب على محال الأجبان والألبان التي لا تخضع للرقابة، بالرغم من حالات الغش المتكررة في صناعة الأجبان ومشتقات الألبان، مضيفاً بأنه غالباً ما يرى دوريات حماية المستهلك وشرطة البلدية تتجول في السوق، ولكن دون أن تغير من الحال شيئاً، بل على العكس يزداد الامور سوءاً غشاً وارتفاعاً بالأسعار.
نائب رئيس مجلس مدينة حلب، المهندس جميل كنيفاتي، أوضح أن العمل الخدمي مستمر بشكل يومي، والمديريات الخدمية تعمل بكامل طاقتها، ونحاول قدر المستطاع، ووفق ما هو متاح من إمكانات، النهوض بالواقع الخدمي في كافة المناطق والأحياء، ومنها الأحياء الشعبية والمكتظة، داعياً الأهالي إلى التعاون مع القطاعات الخدمية والالتزام بمواعيد رمي القمامة في داخل الحاويات وذلك حفاظاً على النظافة وعدم انتشار القمامة، مشيراً إلى أنه تم مؤخراً إقرار حزمة من المشاريع الخدمية التي ستسهم في تحسين الواقع الخدمي.
وفيما يتعلق بفوضى سوق الجميلية وانتشار العربات الجوالة طولاً وعرضاً، بين المهندس كنيفاتي أنه سيتم التنسيق مع قسم شرطة البلدية لمعالجة هذه المشكلة، مشيراً إلى أن مجلس المدينة يدرس حلولاً لهذه المشكلة عبر إحداث بقع جديدة للأسواق الشعبية.
كوات لبيع الخبز المباشر
وفيما يخص الازدحام على الأفران وصعوبة حصول المواطنين على مخصصاتهم اليومية من مادة الخبز، بين مدير فرع مؤسسة المخابز بحلب، المهندس محمد جميل، أن المؤسسة بصدد البدء بتطبيق مبدأ البيع المباشر من كوات الغرف المسبقة الصنع، حيث تم تجهيز غرف مسبقة الصنع عدد 2 ليتم وضع الأولى في حي السريان القديمة والأخرى في منطقة باب جنين، وهاتان الغرفتان مخصصتان لبيع مادة الخبز بالسعر المدعوم وفق البطاقة الذكية بسعر 250 ل. س للربطة الواحدة، وغير المدعوم بسعر 1300 ل. س للربطة الواحدة، على أن توزع ربطتان من غير المدعوم لكل شخص، موضحا أن الـ 50 المضافة للسعر هي أجور نقل. ولفت مدير المؤسسة السورية للمخابز بحلب إلى أنه سيتم مستقبلا زيادة عدد هذه الغرف لتشمل البقع الجغرافية الأكثر كثافة سكانية في مدينة حلب، وذلك بغية التخفيف عن المواطن عناء الحصول على مادة الخبز.
حماية المستهلك حاضرة
فواز هارون، رئيس شعبة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية بحلب، أوضح أن دوريات حماية المستهلك تكثف رقابتها على كافة الأسواق، للتأكد من تطابق الأسعار وجودة المنتج، مبيناً أنه يتم يومياً تنظيم الضبوط بحق المخالفين وسحب عدة عينات من محال مختلفة لبيع الأجبان والألبان والمونة في سوق الجميلة وغيره من الأسواق، ويطبق القانون رقم 8 بحق أي مخالف، مشيراً إلى أن أي شكوى ترد إلى حماية المستهلك يتم التعامل معها فوراً.
حل لم يف بالغرض
أما بما يتعلق بواقع الشبكة الكهربائية وزيادة عدد ساعات التقنين إلى أكثر من 20 ساعة، وإمكانية تخفيضها لاحقاً، أفاد مصدر مسؤول في شركة الكهرباء أن الأمر يبقى مرهوناً بزيادة حصة حلب من التغذية الكهربائية من المصدر، مضيفاً أن ورشات العمل تقوم بإجراء أعمال الصيانة اليومية على الشبكة، وتعالج أي شكوى ترد الى الشركة فوراً.
وكانت شركة الكهرباء بحلب قد بدأت بجمع ساعات الوصل دفعة واحدة، في مسعى منها لتمكين الأهالي من الاستفادة من التيار الكهرباء أكبر مدة ممكنة للأعمال المنزلية، إلا أن ذلك لم يف بالغرض حسب شكاوى عدة وصلتنا من الأهالي، بالنظر إلى كثرة أعطال الشبكة والتي تحرم مناطق كثيرة من حصتها اليومية، وهو ما نحيله إلى شركة الكهرباء بحلب، لإعادة النظر ببرنامج التقنين، وبما يحقق العدالة للجميع.
أخيراً
نجد لزاماً على المعنيين والمسؤولين في حلب تكثيف تواجدهم في الأحياء والأسواق، والتواصل مع المواطنين لملامسة همومهم ومشكلاتهم والعمل على إيجاد الحلول لمجمل الأزمات، لا أن يترك الحبل على الغارب، خاصة في مثل هذه الظروف والتي تستدعي استنفاراً كاملاً من قبل الجهات المعنية للتخفيف من أثر الأزمات المعيشية والاقتصادية وضعف توريدات الطاقة.