أوروبا.. غوصٌ في الأزمات وفشلٌ بفرض العقوبات
تقرير إخباري:
تتابع أوروبا سياساتها الفاشلة في فرض العقوبات والاستمرار بدعم النظام الأوكراني لإطالة أمد الحرب على روسيا، وكأنها تستخدم سيفاً صدئاً من دون فائدة تُذكر سواء لجهة تحقيق أي تقدّم لقوات النظام، أو لجهة تحقيق أي تأثير سلبي في الاقتصاد الروسي، وقد اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لكنهم فشلوا في فرض الحزمة التاسعة من العقوبات ضدّ موسكو، ومع ذلك أجمعوا على دعم النظام الأوكراني بملياري يورو، في وقتٍ تشهد فيه مخزوناتهم الاستراتيجية من السلاح نقصاً حاداً، وتجتاح شوارعهم إضراباتٌ واحتجاجات شعبية ونقابية، ناهيك عن تعالي بعض الأصوات للساسة الأوروبيين ضدّ ما يحدث، وتصرّفاتهم هذه توحي بأنهم يلتمسون الحصول على نتيجة من وراء هذا الاستنزاف، رغم دفعهم الثمن الأكبر، محاولين التهوين على مواطنيهم بالقول: إن أوكرانيا تدفع ثمناً أكبر، وإن أزمة الطاقة لن تحصل هذا العام، متناسين حجم التدهور الذي سيحمله لهم العام القادم في هذا الصدد، وخاصةً إن أوقفت روسيا تدفّق الغاز بشكل تام.
كذلك تعاني أوروبا الآن مجموعة أزمات تتجاهلها، آخرها فضيحة فساد البرلمان الأوروبي وتوقيف نائبة رئيسه وثلاثة أعضاء في سابقة خطيرة تشير إلى حجم الفساد الموجود ضمن أعضاءٍ انتخبهم الشعب الأوروبي ليتخذوا قراراته الحاسمة والمصيرية، ما يزيد نار الفُرقة الأوروبية والانقسام ليواصل اليمين المتطرّف زحفه نحو استلام السلطة في دول القارة العجوز، ناهيك عن التمايز الواضح في المصالح مع الجانب الأمريكي في ظلّ سياسات الرئيس جو بايدن التي تجاهلت وبشكل واضح الحليف التقليدي.
ومع ذلك أوروبا تبدو مرغمة على ما تمثله من أدوار ولديها خيارات أخرى، لكن التاريخ أثبت أنها لن تسلك خياراً معاكساً للتيار الأمريكي، والواقع الحالي أثبت بشكل مؤكّد أنه لا إرادة واضحة، ولا سياسة خارجية واضحة لهذا الاتحاد في ظلّ الهيمنة الأمريكية على قراره، بل إن الأمور سارت إلى أبعد من ذلك حيث سلكت أوروبا الآن طريق إقحام إيران في مشهد الحرب الأوكرانية، وتفرض العقوبات عليها وتعمل جاهدةً على التدخل في شؤونها الداخلية وتأجيج المؤامرات إرضاءً للكيان الإسرائيلي الذي شكّل حكومة هي الأكثر تطرّفاً وهمّها الأول محاربة إيران بكل الوسائل، عبر جميع الوسائل بما فيها التخطيط لشنّ ضربات بأدوات دولية.
موسكو من جهتها أكدت أنها تحضّر لردٍّ حاسم على قرار الأوروبيين بوضع سقف لسعر النفط، وإيران فرضت عقوباتٍ كردٍّ على العقوبات الأوروبية وتدخلاتهم في الشؤون الداخلية لطهران.
في نهاية المطاف وبعد نحو عشرة أشهر على بدء الحرب الأوكرانية من الواضح أن العبء أصبح ثقيلاً وحان للشعوب الأوروبية أن تفكر ملياً بالخروج من الرمال المتحرّكة التي أوقعت نفسها بها، ولن يكون ذلك إلا عبر اتخاذهم زمام المبادرة المستقلة عن الإرادة الأمريكية، وانتخاب طبقة سياسية جديدة تتحدّى علاقة التبعية لواشنطن.
بشار محي الدين المحمد