عجائب وغرائب!
وائل علي
من المفارقات التي تكاد لا تصدق في بلاد تعاني ما تعاني من ويلات تبعات الحرب الاقتصادية المجنونة، التي تشن على أرض الشام والحمام والسلام والياسمين من بلاد العالم المتحضّر المتوحش، أن تتجاوز قيمة بطاقة حفلات الميلاد ورأس السنة في مرابع السهر واللهو العامرة في مطاعم وفنادق الـ “فايف ستارز”، للشخص الواحد، الـ 750 ألف ليرة من درجة الـ “VIP” و550 ألف ليرة وما دون للدرجات الأولى والثانية التي تستضيف عدداً من مطربي وفناني لبنان وغيره (..وبطبيعة الحال فناني بلدنا الجريح…!)، وهذا يعني أن تكلفة السهرة لطاولة واحدة بأربعة أشخاص لن تقل عن ثلاثة ملايين ليرة، يضاف لها النفقات الجانبية المرافقة التي لا تقل عن ذات الرقم على أقل تقدير…!
طبعاً، لا نود أن يفهم من كلامنا أننا ضد السهر والفرح و”الفرفشة”، أو أننا ضد أن يستمتع “أولو النِعَمْ: بمن فيهم حديثو النِعمْة، بنعمهم أبداً ، لكننا ضد المغالاة والمبالغة والاستئثار بكل تأكيد.. فجميل أن تسمع أن تلك “القلّة” اهتمت، أو تهتم، بدعم جمعية خيرية، مثلاً، تستهدف شريحةً مجتمعيةً محددةً، أو تتبنى مشروعاً بحثياً أو تعليمياً أو ربما صحياً أو خدمياً أو اقتصادياً أو نقلياً أو كهربائياً – من وحي الحالة السائدة – يعود ريعه ويستفيد منه الناس.. ولا نعتقد أن ما نقوله بغريب عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا طالما أننا “خيرَ أُمّةٍ أُخرِجَتْ للناس”، كما أننا لا ننكر في ذات الوقت أن هناك الكثير من الإضاءات والمساهمات والسلوكيات التي تحكي عن نفسها أكثر مما يحكي عنها أصحابها – وهذا طبع النبلاء – لأننا فُطِرْنا عليها، لكن لا بأس من التذكير والتأكيد، من باب “علَّ الذكرى”، في هذه الظروف البالغة القساوة التي يعيشها السوريون ليس أمراً عسيراً ولا خطأً ، بل سيجعلُ مِظَلّةَ الفرح بالأعياد أعمُّ وأشملُ وأوسعْ وأكثرَ معنىً في بلد العجائب والغرائب…!!
ALFENE1961@yahoo.com