“سوبر ماركت” في مهرجان الهيئة العربية للمسرح في المغرب
تشارك مسرحية “سوبرماركت”، إخراج الفنان القدير أيمن زيدان، والتي أعدها بالتعاون مع الكاتب محمود الجعفوري ضمن فعاليات الدورة الثالثة عشرة لمهرجان الهيئة العربية للمسرح الذي سيقام في الدار البيضاء بالمغرب العربي من الـ 10 إلى الـ 17 من كانون الثاني الحالي.
وشارك في بطولة المسرحية كل من حازم زيدان ولمى بدور وقصي قدسية وسالي أحمد وحسام سلامة وخوشناف ظاظا، والعمل الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة وعرض على خشبة مسرح الحمراء بدمشق، عام 2021، عبر عن مجموعة من المواقف المتتالية التي اختلطت فيها قساوة الحياة بواقعيتها المؤلمة مع كوميديا الموقف النابعة من عمق المعاناة، وقد قدمها للمرة الثالثة على التوالي بعد تقديمها لمرتين متتاليتين بين عامي 1992 و2008، وهو مأخوذ عن نص مسرحية “لا تدفع الثمن” للكاتب المسرحي الإيطالي داريو فو. وفي هذه المقاربة يسعى المخرج إلى نقل حكاية النص الأصلي من مدينة ميلانو الإيطالية إلى مدينة دمشق، لكن من دون تغيير في أسماء شخصيات المسرحية وأماكنها الأصلية، وهذا ربما نوع من التمويه والمواربة لمخاتلة الرقابة ورغبة في تحقيق عرض لاذع وسليط اللسان ضد أرباب الفساد وطمع التجار، وتصوير مدى صعوبة الأزمة المعيشية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ سنوات دونما أفق لحلول قريبة.
تبدأ القصة من عودة كل من زوجتي عاملين صالحين من العمل، وقد سطتا كالأخريات على ما طالته أيديهن من بضائع، لنكتشف أن بعضها مخصص كطعام للكلاب والقطط، وتحت ضغط الخوف ورهبة السيدتين من افتضاح أمرهما من قبل زوجيهما، تقوم أنطونيا (لمى بدور) بإخفاء المسروقات في حقيبة قماشية معلقة على صدرها، فتبدو وكأنها حامل، لتضطر جارتها مارغريتا (سالي أحمد) إلى مجاراتها في ما ذهبت إليه، لاسيما بعد وصول الزوجين الصديقين، وتطويق البوليس المنزل بحثاً عن البضائع المسروقة.
تبدأ هنا مجموعة من المفارقات والقفشات الضاحكة التي اعتمد عليها مخرج العرض ومُعده لتقديم جرعة عالية من الكوميديا الشعبية ذات الطابع السياسي، فالنساء يحبلن بالمعكرونة والجيران نعرف ما يأكلونه من صوت شد (السيفون) في دورات مياه تعلو أنابيبها رؤوس الممثلين على الخشبة، فيما تحبل نساء المدينة دفعة واحدة في تورية لتخبئة الطعام المسروق تحت فساتينهن.
وبين ذهاب وإياب كل من جيوفاني (حازم زيدان) ولويجي (قصي قدسية) بين مستشفى التوليد والبيت والشارع ومحاولة زوجتيهما إخفاء أو تخبئة أكياس الرز والسكر والمعكرونة تارة تحت السرير، وتارة أخرى تحت فساتيهن، تتداعى ملابسات عدة يدعمها دخول وخروج حسام سلامة (رجل الأمن) الذي تنقل بين أدوار رجل البوليس وشرطي المرور وعنصر الشرطة العسكرية، ومنها إلى شخصيتي الحانوتي ووالد جيوفاني، لتكون هذه الشخصية بمثابة صلة وصل ماكرة بين أحداث ووقائع ضاحكة لم تخل من السخرية المريرة، ومن تلك النبرة القوية في توجيه سبابة الاتهام لشخصيات نافذة في الحكومة والأحزاب، وتجار الأزمات، فعلى الرغم من إصرار المخرج على تظهير الأحداث وكأنها تجري في مدينة إيطالية، إلا أن اللهجة الشامية البيضاء التي وظفها العرض هنا لتمرير إسقاطات ماهرة على الوضع المحلي كانت كفيلة لتسمية الأسماء بمسمياتها، والتملص من حذافير البيئة الأصلية للنص الإيطالي.
“سوبر ماركت” أراد مخرجها إعادة صياغة المشروع لأنه أحس أن المشكلة التي يطرحها ما تزال ساخنة وتحاكي الواقع الراهن والموضوع يمس قطاعاً كبيراً من الناس البسطاء الذين يجب أن يرافع عنهم المسرح لأنهم يواجهون تحديات قاسية في الحياة.
وقدمت المسرحية أثناء عرضها في 2021 بوح البسطاء بصيغة فرجة مسرحية مختلفة عن تلك التي قدمها في المرتين السابقتين “فابريكا” و”3حكايا” وحمل العرض رؤية بصرية وفنية جديدة ومعاصرة مع كادر جديد من الفنانين والفنيين.