تجارة الحطب .. أسواق نشطة في غياب المحروقات ..وتهديد متزايد للبيئة وصحة الناس
البعث الأسبوعية_ بشير فرزان
يزداد الطلب على حطب التدفئة الذي تضاعفت أسعاره لتصبح هي الأخرى عصية على جيب ذوي الدخل المحدود ومن ليس لديهم دخل ويعتمدون على مواسمهم الزراعية لتدبر أمر معيشتهم, وخاصة في الريف والمناطق الجبلية حيث لا تستطيع 50 ليتر مازوت “مدعوم” إن توفرت,أن تلجم البرد القارس عن سكان تلك القرى الذين ما يزالون يفضلون الحطب رغم ارتفاع أسعاره على المازوت إيمانا منهم بأنه يمنحهم الدفء أكثر , ناهيك انه أوفر وأسهل من ناحية تأمينه وتخزينه, خاصة مع عدم ضمان الحصول على مخصصات المازوت إضافة إلى عدم ضمان استقرار التيار الكهربائي أو توفر الغاز طيلة الشتاء.
تربعّ الحطب على عرش التدفئة يستمر في المناطق الجبلية إذ أجمع أغلبية من التقيناهم على أن الحطب ورغم ارتفاع أسعاره خلال هذه الفترة إلا انه يبقى أفضل و ارخص من المازوت في حال توفره لأن الحطب قادر على تدفئة مساحات كبيرة يعجز المازوت عن تدفئتها, مؤكدين أن الحصول عل الحطب سهل جدا حيث يتم شراؤه ببداية الشتاء او قبله وتركه طول فصل الشتاء في المنزل أما باقي وسائل التدفئة تتطلب توفر سيولة مالية لشرائها تباعا واللهاث وراء الحصول عليها.
باسل ابو حسن اشتكى من الارتفاع الكبير بأسعار الحطب مقارنة بأسعاره خلال الشتاء الماضي, مؤكداً في الوقت ذاته أن الكثير من الأهالي يستخدمون الحطب كوسيلة للتدفئة رغم ارتفاع أسعاره لان مدفأة الحطب تستخدم أيضا في الطبخ وتسخين الماء مما يوفر على الأسر استخدام الغاز المنزلي حتى لو كان هذا التوفير شيئا بسيطا.
من جهته منير سرحان يدخر طيلة العام من مصروف منزله حتى يستطيع شراء حاجة أسرته من الحطب في وقت مبكر قبل أن يداهمه برد الشتاء, ويقول : اشتريت 3 أطنان من الحطب أوائل فصل الشتاء بحوالي 3ملايين ليرة، فالحطب كفيل بتحويل البرد إلى دفء, ولذلك اشتري أي نوع من الحطب فكل ما يمكن إشعاله يمكن شراؤه، مضيفا: يبقى الحطب ارخص من المازوت ومتوفر طوال الوقت وليس كالمازوت الذي نسمع عن توزيعه مؤكدا أن كمية المازوت المخصصة له لم يحصل عليها منذ العام الماضي. ولو كانت الحكومة أعطتني مخصصاتي من المازوت كما هو المفروض فإنها لا تكفيني لأكثر من شهر ونصف في هذا البرد.
ويؤكد رواد ابو فخر أن رغم ارتفاع أسعار الحطب غير المبرر إلا انه سهل المنال إذ يتم شراؤه في بداية الفصل وتركه طول فصل الشتاء في المنزل أما باقي وسائل التدفئة تتطلب توفر سيولة مالية لشرائها تباعا.
أما تجار الحطب فكان لهم رأي أخر حيث سهيل طريف يؤكد أن لديه قائمة بأنواع الحطب وأسعاره التي تتفاوت بحسب النوع والجودة, وليس على الزبون سوى انتقاء النوع الذي يناسبه فهنالك الحطب المرخص وغير المرخص وكل له سعره, موضحا أن الطن الواحد المرخص من حطب الزنزريخ و الكينا والسرو
ويضيف : ليست لنا مصلحة بتخزين الحطب لأنه كلما طالت فترة تخزين الحطب في المستودعات كلما جف أكثر وخف وزنه كما انه إذا تعرض للمطر فان الماء يحل بدلا من الزيوت الموجودة فيه, ولذلك نسعى لبيعه مباشرة فور تقطيعه لان تخزينه في المستودعات يعرضنا للخسارة .
عمار اليوسف أشار إلى أن حطب التدفئة يتنوع بين سرو وتوت وكينا وليمون وسنديان وصنوبر وزيتون وغيره, ويلجأ بائعوه إلى تخزينه في مستودعات كبيرة بهدف وضع الأشجار فيها وتشحيلها وتقطيعها قبل بيعها، ويؤكد استمرار الطلب على الحطب وتربعه على عرش التدفئة, مؤكدا أن أسعار الحطب يحددها العرض والطلب في السوق.
الجهالت الحراجية بيّنت أن هناك نوعين من الحطب, الأول حراجي يضم أصناف عدة مثل الصنوبر والسنديان والسرو يكون بعضها مزروعا في أراضي ملكية خاصة, والنوع الثاني حطب مثمر كأشجار الليمون والزيتون يقوم أصحابها بقطعها إما بسبب هرمها أو لاستبدالها بأنواع أخرى, مشيرا إلى أن كافة أنواع هذه الأشجار تطرح في الأسواق للبيع كحطب للتدفئة.
وأكد ت أنه لا توجد أسعار محددة للحطب وإنما يخضع للعرض والطلب, فكلما زاد الطلب عليه كلما زاد سعره, ناهيك أن كل نوع من الحطب له سعر معين, عازية السبب وراء ارتفاع أسعار الحطب إلى ارتفاع أجور النقل وارتفاع أجور اليد العاملة بالإضافة إلى التكلفة العالية التي يتكبدها
وأوضحت أن وزارة الزراعة أجازت لمديرية الحراج بيع كمية من الحطب حيث يجوز الانتفاع بحطب التدفئة بالتنسيق مع كوادر مراكز الحراج المنتشرة في المحافظات, والأشجار المثمرة إذا لم يكن مرخص قلعها من قبل الجهات المعنية فان صاحبها يتعرض للمساءلة القانونية
تتسبب بالوفاة
الدكتور والباحث البيئي نهاد المحمد أكد أن مدافىء الحطب المنتشرة في القرى والأرياف من اخطر وسائل التدفئة حيث تتسبب الغازات الكثيرة السامة المنبعثة عند اشتعالها في الاختناق والتسمم والتسبب بحروق شديدة وذلك نتيجة الغاز السام المنبعث عن عملية الاحتراق وهو غاز أول أكسيد الكربون, موضحا أن الكثير من الناس لا يشعرون به مباشرة لأنه لا لون له ولا طعم ولا رائحة.
وبيّن انه عند إشعال الحطب داخل المنزل وإغلاق فتحات التهوية يقوم الحطب بسحب الأكسجين الموجود داخل الغرفة وإنتاج ثاني أكسيد الكربون سوية مع غاز أول أكسيد الكربون إذ يتولد هذا الغاز جراء الاحتراق غير الكامل للمواد الكربونية ويسبب هذا الغاز تسمم الجسم وحرمان الخلايا من الأكسجين والذي يؤدي إلى حصول اختلال في وظائف الدماغ وفي بعض حالات التسمم الشديدة إلى الوفاة.
كما لفت الى أن البعض يستخدم أسلوب خاطئ في إشعال مدافئ الحطب، حيث يستخدم مواد أخرى لتشغيلها، ومنها المواد البلاستيكية كالملابس والأحذية والنفايات المنزلية المختلفة، محذرا مما ينجم عنها من أضرار على صحة المواطنين، حيث يصاب الكثيرون بأمراض صدرية وأمراض الجهاز التنفسي, ناهيك عن التسبب بتلوث البيئة.
ودعا إلى تجنب إشعال الحطب داخل المنزل في غرف قليلة أو معدومة التهوية، وعدم استخدام الكثير من المواد البتروكيميائية في إشعال الحطب، وعدم وضعها قريبة من أثاث المنزل لأنها قد تسبب في نشوب حريق داخل المـنزل .
وعن الأضرار البيئية التي تتسبب بها التدفئة بالحطب, أشار المحمد إلى أن استخدام مدافئ الحطب تسهم في سرعة القضاء على الثروة الحراجية والأشجار المثمرة بشكل سريع ويحيل مساحات من الأراضي المشجرة إلى أراض جرداء صحراوية بما ينجم عنه خسائر فادحة في الغطاء النباتي, لافتا إلى فقدان الأراضي للأشجار جراء التحطيب غير المسؤول، والذي يعمل على تفكك التربة جراء الجفاف وبالتالي فقدانها والتي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لنمو النباتات مجددا ، إلى جانب آثار بيئية أخرى عدة.