الدور التخريبي لـ ”إسرائيل” في أحداث الشغب بإيران
تقرير إخباري:
منذ بداية أعمال الشغب التي شهدتها إيران مؤخراً، سارعت الآلة الإعلامية والاستخباراتية للكيان الإسرائيلي، بالترادف مع النشاط السياسي المكثّف، إلى تصوير ما جرى على غير حقيقته، وبالشاكلة التي تخدم هدفهم بتأليب الرأي العام الداخلي الإيراني ضدّ قيادته ودولته من جهة، وتأليب الرأي العام العالمي من جهة أخرى كنوعٍ من المحاولة للتأثير في سمعة إيران، ومكانتها الدولية.
الأدلة كثيرة على الجهود الإسرائيلية للسعي الحثيث إلى العمل على دهورة الأمن والاستقرار الداخلي في طهران للحدّ من تقدّمها وتقييد تحرّكاتها الوطنية ومناصرتها للقضايا الإنسانية العادلة الخارجية، وإشغالها بشؤونها الداخلية على غرار ما حصل في بعض الدول العربية عبر استهدافها من الداخل بتطبيقاتٍ وخطط تهدف إلى التدمير الذاتي عبر ضخّ الإشاعات والأكاذيب والترويج لمظاهر الإخلال بأمن الدولة، بدليل التصريحات العديدة للطرف الإسرائيلي التي عمد من خلالها إلى تصوير الدولة الإيرانية بمظهر “القلقة” من القائمين بأحداث الشغب، وذهب إلى تشجيعهم على ذلك، علماً أنّ هذه الأحداث أودت بحياة العديد من رجال الأمن والشرطة الإيرانية، الأمر الذي يعدّ خرقاً واضحاً للقانون المحلي.
وفيما يخص الدور العسكري التخريبي، جنّدت تل أبيب العديد من الشبكات التجسسية التابعة لـ”الموساد” للقيام بدور تحريضي في المدن الكبرى، ونقل الأسلحة والمواد المتفجّرة وتجنيد الكثير من العملاء في الداخل الإيراني، وكان آخر هذه المحاولات ما كشفت عنه دائرة العلاقات العامة في وزاره الأمن والاستخبارات الإيرانية من إلقاء القبض على شبكه تجسس تابعة لـ”الموساد”، علماً أنّ محاولات التجنيد هذه تأتي ضمن سلسلة من المحاولات السابقة للأغراض المذكورة.
وفيما يتعلّق بالدور الإعلامي، لعل هذا لا يحتاج إلى إثباتات أو أدلة، فقد نشط إعلام العدو وحلفائه في متابعة الأحداث التي أطلقوا عليها تسمياتهم الخاصّة، وترجموها على النحو الملائم لأجنداتهم المعادية لإيران، كما أكثروا من التحقيقات والتقارير والجلسات الحوارية حول أحداث الشغب، وتأثيراتها “السلبية” من وجهه نظرهم في إيران ومستقبلها، معتبرين أن ما تواجهه طهران اليوم أمر غير مألوف ويهدّد استقرار واستمرار ”حكم الجمهورية الإيرانية بصيغته الإسلامية الراهنة بقيادة قائد الثورة”، وهذا ما عبّر عنه وزير الحرب السابق في حكومة العدو الإسرائيلي الجنرال أفراييم سنيه بقوله: ”الوضع مزمن لم يعُد اضطراباً محلياً بل ممكن له أنّ يغيّر وجه إيران.. ولن يكون هناك عودة إلى الوراء”.
بالمجمل، وعلى الرغم من المسعى الإسرائيلي الحثيث لتصوير الأمور في إيران على عكس ما هي، ودورهم الواضح في أحداث الشغب، وكل ما من شأنه أن يهدّد وحدة وأمن واستقرار إيران، وثنيها عن مشاريعها ولا سيّما ملفها النووي، والحدّ من شبكة تحالفاتها مع القوى الصاعدة الجديدة التي تمنحها مجالاً أكبر للمناورة على الساحة الدولية، حيث ذهب العديد من قيادات “إسرائيل” إلى القول والتأكيد أنّ الدولة الإيرانية لديها الكثير من الأدوات للدفاع عن نفسها، ولا مجال لتغيير نظامها السياسي بشكله الراهن، مؤكّدين أنّ ما كان يجري التخطيط له لا يصبّ في مجال نقد الممارسات الحكومية، بل كان بداية لمشروع كبير هدفه الأساسي تغيير نظامها الذي تعدّه “إسرائيل” بعقيدته وقوته وسياساته خطراً على وجودها الذي قام أصلاً على العدوان، الأمر الذي يفسّر الدور الإسرائيلي في استغلال أي حدث يتعلق بإيران لتحقيق ما يمكنه من مكاسب سياسية، ولكن دون جدوى، وهنا يمكن القول في الحالة الإيرانية إن “ربيع إسرائيل الفارسي” قد تحطّم على أعتاب صخرة الجمهورية الإسلامية في إيران.
د. ساعود جمال ساعود