ثقافةصحيفة البعث

سهير رمضان في “مرايا”.. تركيز على الوجه الأنثوي وتجزيء اللون

ملده شويكاني

العين مرآة الروح تظهر كل المشاعر وما يخفيه القلب، من هذا المنطلق اتخذت الفنانة التشكيلية سهير رمضان العين نقطة ارتكاز من خلال الوجه الأنثوي الذي توسط لوحاتها، كعنصر أساسي ضمن الفضاء التشكيلي لتكوينات المدينة وروحها المتجسدة بأشخاص وأمكنة وهياكل، وذلك في معرضها الأول بعنوان “مرايا”، والذي أقيم في المركز الثقافي العربي – أبو رمانة.

وقد جسدت التشكيلية سهير رمضان بأسلوبها التعبيري البسيط وبفنية مباشرة حالات تعيشها المرأة في مراحل حياتها، فكان اللون دلالة لتعزيز الفكرة، مركزة على الأزرق والأخضر والبنفسجي بتقنية تجزيء اللون الذي يرمز إلى مراحل تطور المرأة الذاتي، واعتمدت على دلالات رمزية تشابكت مع التأثيرات اللونية والمربعات كشكل هندسي يعبّر عن جزء من المضمون.

الطربوش وأحجار الشطرنج

والملفت أن الطربوش وأحجار الشطرنج والرقعة بمربعاتها بين الأبيض والأسود، إضافة إلى النرد وأوراق الشدة و”الدومينو”، كانت علامات بارزة في لوحاتها، وقد تكررت هذه العناصر في المشهد التشكيلي الحالي من خلال فنانين عدة. وتكتمل الصورة مع الإطار الذي يحيط بالوجه الأنثوي، وبالأقفاص لتوصل الفكرة المتعلقة بالقيود والصعوبات التي تواجهها الأنثى في الحياة عامة.

وفي المقابل، ارتبط الوجه الأنثوي بالطير رمز السلام و بالشجرة رمز الحياة، والتفاحة الحمراء أسطورة الكون، كما أفردت في حيز خاص لوحات تميزت بطغيان الألوان الترابية وحضور المرأة القوي عبْر الحضارات المتعاقبة على سورية.

النوافذ والخيالات مرايا

وفي حديث خاص لـ “البعث”، أوضحت سهير رمضان أن العيون هي مرايا والخيالات التي وراء النوافذ هي مرايا، وتابعت: ركزتُ على الأنثى وأضفت لها الكثير من أحاسيسي التي انسكبت مع اللون على سطح اللوحة كون المرأة والكون موضوع معرضي. والفكرة وليدة اللحظة فمن الممكن أن تراودني من مشهد أو من موقف، أجسدها وأخرجها “كروكي” على ورقة بيضاء، ثم أنفذها على اللوحة، وهذا المعرض استغرق التحضير له ثلاث سنوات، وجاء بعد مشاركات عديدة بمعارض جماعية في دمشق، وبعد أن اتخذت مساري الفني الخاص مع أستاذي الفنان الكبير أيمن الدقر.

لعبة وسجّان

ونوّهت بأنها لم تتأثر بأحد من الفنانين الذين وظّفوا الطربوش والشطرنج وأوراق الشدة بلوحاتهم، لأنها جسدت هذه العناصر بدلالات من رؤيتها الخاصة تجاه المرأة، فالطربوش دلالة على أنها قوية وتستطيع أن تقوم بدور الرجل الفعّال بالمجتمع. أما أحجار الشطرنج والنرد والدومينو فرمزية لاستغلال الرجل الأنثى التي يراها مجرد لعبة وتنتهي وينتقل إلى لعبة أخرى، في حين رمزت مربعات رقعة الشطرنج إلى التناوب بين القوة والضعف.

كما تعمقت بالفكرة أكثر بإظهار قضبان السجن خلف أوراق الورد، والتي يشكّلها ساق الوردة الرقيق رغم كل المشاعر الوجدانية التي يحملها. ثم توقفت معها عند لوحة الأقفاص التي تلتقي مع اللوحات التي يظهر فيها الوجه الأنثوي داخل إطار دلالة على تحجيمها.

القوة والسلام 

أما عن التناغم بين الأزرق والأخضر والبنفسجي فيوحي بمراحل تطور المرأة العمري والفكري والنفسي، فمن الأزرق فضاء السكينة والسلام، إلى الأخضر الحياة ومن ثم البنفسجي المعبّر عن القوة. كما شغلت الألوان الحارة جزءاً من التقسيم الهندسي كمربعات ومستطيلات في بعض اللوحات، وترى أن الأحمر لون ناري يعبّر أحياناً عن الغضب.

حبات الكرز

السمة البارزة في المعرض هي الاهتمام بزينة المرأة، فبدت بشفاه حمراء مثل حبات الكرز، إضافة إلى إظهار الحلي كنوع من التجميل كما في اللوحة التي ركزت فيها على التاج والأقراط. فعقبت بأن الأنثى رغم كل معاناتها وانكساراتها تبقى جميلة وهي الكون كله، تبحث بداخلها عن السلام. ومن حيث التقنية، استخدمت الريشة وألوان الإكريليك ورغم أن أغلب سطوح اللوحات ملساء، إلا أن بعضها تشوبه ضربات السكين الخفيفة وكثافة العجينة اللونية.