مجلة البعث الأسبوعية

أساتذة جامعيون يدافعون عن أبحاث الجامعات السورية وآخرون يسجلون ملاحظات!

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

يرى العديد من أساتذة الجامعة وطلبة الدراسات العليا أن الانتقادات الموجهة للأبحاث المنجزة في الجامعات السورية خلال السنوات العشر الأخيرة ليست كلها منطقية ويصفونها بالظالمة قياساً للظروف الصعبة التي مرت بها سورية ولا زالت، مؤكدين أن كل باحث سوري سواء كان في مرحلة الدراسات أو الدكتوراه تلقى نقداً لاذعاً فيما يخص بحثه لجهة العنوان ولجان التحكيم والدرجة النهائية وغيرها من انتقادات لم تكن في محلها لأنها لم تراعِ الظروف الصعبة للباحث ولا ظروف الجامعات التي كانت مستهدفة بشكل مركّز في محاولة واضحة لتشويه سمعتها والنيل من هيبتها بغض النظر عن التقصير الذي حصل من إدارات الجامعات أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذين يتحملون جزءاً من مسؤولية تراجع تصنيف جامعاتنا عالمياً، وإهمال تنفيذ وتطبيق الأبحاث العلمية المميزة.

يحتاجان كل الدعم

وفي دفاعها عن أبحاث طلبة الدراسات في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في الجامعات السورية طالبت أستاذة جامعية من على منبر “دكاترة الجامعات في سورية” الأساتذة الذين حصلوا على درجات الدكتور من الخارج  أن يكونوا منصفين في تقييمهم لنتاج زملائهم في الداخل، فهم عانوا كثيراً حتى أنجزوا أبحاثهم، بينما من سافر موفداً للخارج توفرت له كل سبل الراحة للبحث والنشر مجاناً دون عناء، مضيفة: الطالب والأستاذ في الجامعات السورية يحتاجان كل الدعم، فالظروف التي مرّا بها خلال العشر سنوات الماضية كانت قاسية، ورغم ذلك استطاعا أن يصمدا وينجزا أبحاثاً جيدة وإن كان عليها بعض الملاحظات لكن هذا لا يفقدها قيمتها العلمية، لذا علينا أن نشجع حركة البحث العلمي في جامعاتنا.

رسائل جاهزة

وهناك العديد من الأساتذة أيدوا هذا الكلام السابق معتبرين أن هناك عددا من الأساتذة حصلوا حديثا على درجة الدكتوراه قدموا رسائل في غاية الأهمية رغم ظروفهم القاسية، ورغم قلة الحافز المادي في الجامعات، فيما لم ينفِ آخرون وجود حالات فساد وصلت إلى درجة شراء شهادات الدكتوراه والماجستير الجاهزة من مكاتب معروفة تعمل بجوار حرم الجامعات!، عدا عن تدخل المحسوبيات الداعمة للطالب الباحث والأستاذ المشرف أثناء منح الدرجات للبحوث.

مزمار الحي لا يطرب!

أستاذ جامعي مخضرم رأى أن الباحثين سواء كانوا طلبة دراسات أم أساتذة لا يحظون بالدعم الكبير في جامعاتنا رغم ما يقدمونه من أبحاث جيدة ويمكن الاستفادة منها في حال دعمها وتطبيقها على أرض الواقع، لكن المشكلة أن “مزمار الحي لا يطرب” بحسب قوله، محملاً المسؤولية للجهات التنفيذية التي لا تدعم البحث العلمي التطبيقي، الأمر الذي ساهم بإحباط الباحثين وجعل البحث العلمي مجرد وسيلة لتحقي الترقية العلمية، في الوقت الذي يحظى فيه البحث العلمي لطالب سوري موفد للدراسة في الخارج بكل الاهتمام وتُقدم لها الإغراءات الكثيرة ليبقى في بلد الايفاد.

آداب النقد!

ولا ينفي أستاذ جامعي آخر جودة الأبحاث التي ينجزها الموفدون للخارج وإن كانت قليلة، مشيراً بذات الوقت إلى وجود بعض الموفدين لا ينجزون أبحاثهم، بل يكلفون آخرين بكتابة بحوثهم التي لا ترقى لمستوى الأبحاث التي ينجزها طلبة وأساتذة الجامعات السورية.

وبرأيه من يحاول الإساءة بطريقة ما لأبحاث جامعاتنا، عليه أن يتوقف عند عدة اعتبارات حتى يكون النقد بنّاء وايجابي منها:

أن يكون النقد موضوعياً، ولا تدخل فيه أي مشاعر خاصة على الإطلاق، وأن يكون لدى الناقد أمانة شديدة، ويقوم بذكر الإيجابيات والسلبيات أيضًا، فلا يكتفي بواحدة دون الأخرى، وعلى الناقد أن يوضح نقده بأسلوب علمي جيد، بعيداً عن التحدي أو الجدال غير المُجدي.

استفهام وتعجب!

الكلام السابق أيده عدد من الأساتذة مشيرين إلى أن هناك دكاترة من خريجي جامعات غربية عندما عادوا من الإيفاد وتم تقييم نتاجهم العلمي كانت النتيجة أن بعض الأبحاث لا ترتقي إلى الدرجة المطلوبة وتم تكليفهم بأبحاث لترميم الفاقد العلمي، ناهيك عن الواسطات التي تتدخل بهذا الخصوص مما يرسم أكثر من إشارة استفهام وعلامة تعجب حيال ذلك!!.

جهد عظيم ولكن!

ولا يشكك أحد الأساتذة بالجهد العظيم الذي يبذله طالب الدكتوراه في سورية في هذه الظروف التي تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة وشروط البحث العلمي السليم ( كانقطاع الكهرباء ووسائل النقل)  لكن هذا لا يعني –بحسب قوله- أن كل من ينهي بحثه (دكتوراه) في سورية يجب أن يعطى له علامة تتجاوز التسعين فالعلامة العالية تعطى على الإنتاج العلمي من حيث نوعيته و كميته و أصالته والجدوى من استثماره، لا من أجل تكريم لجنة التحكيم!، مشيراً إلى كثرة “الغمز واللمز” حول هذا الموضوع بسبب المزاجية بعيداً عن التقييم العلمي الصحيح!.

سوس الفساد!

وأبدى أحد الأساتذة أسفه على حال البحث العلمي في جامعاتنا، مشيراً إلى أن المناخ الأكاديمي في جامعاتنا عبارة عن باحثين يكافحون في طريق البحث العلمي مقابل وجود “سوسة” فساد تنخر في بنية المؤسسات البحثية وهي بالنتيجة تقتل  روح العلم والبحث عند الباحث وفي المؤسسات لدرجة فقدان الثقة بجدوى البحث، لذلك لا عجب أن يهاجر الباحث للخارج لانجاز بحثه الذي يلقى دعماً مالياً مجزياً.

بالمختصر، هناك أبحاث سورية متميزة ينجزها الطلبة داخل الجامعات السورية تحتاج للدعم من خلال تطبيقها، وبذات الوقت هماك أبحاث جيدة أيضاً ينجزها الموفدون للخارج تحتاج لتقييم جدّي على غرار معادلة الشهادات بهدف أن تكون بذات الجودة والجدوى التي نريدها، خصوصاً بعد أن كثرت الانتقادات على الشهادات الخارجية!.