العنف عنصر مهيمن في المجتمع الأمريكي
عناية ناصر
ازدادت جرائم الكراهية في الولايات المتحدة بسبب العنصرية المتجذّرة، والعنف المتزايد في السنوات الأخيرة. هذه الجرائم تسبّب أرقاً للحكومات الاتحادية والمركزية لا نهاية له، حيث ستستمر هذه القضية في إفساد التنمية والاستقرار في المجتمع الأمريكي، والتسبّب بألم للأقليات في البلاد بسبب عجز الولايات المتحدة عن إدارة الحكم.
ووفقاً لتقرير لم يتمّ نشره، وحصلت عليه إذاعة “صوت أمريكا”، تظهر البيانات الأولية للشرطة أن حوادث جرائم الكراهية ارتفعت في ست مناطق على الأقل في الولايات المتحدة في عام 2022، مسجلةً مستويات غير مسبوقة منذ التسعينيات، ويأتي هذا قبل أشهر من استعداد مكتب التحقيقات الفيدرالي لإصدار تقريره حول جرائم الكراهية السنوي لعام 2022.
في مدينة نيويورك، على سبيل المثال، سجلت الشرطة 619 جريمة كراهية في عام 2022، بزيادة 18 بالمائة مقارنة بعام 2021 وهو أعلى رقم منذ عام 1992. كما تمّ تسجيل 643 ضحية لجرائم الكراهية في لوس أنجلوس، بزيادة بلغت 13 بالمائة عن عام 2021 وهو أعلى رقم منذ عام 2001.
تجدرُ الإشارة إلى أن جرائم الكراهية قد اشتدت وتصاعدت حدّتها بشكل كبير في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2020، تمّ الإبلاغ عن أكثر من 7700 حادث جريمة كراهية إجرامية إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو أعلى رقم منذ 12 عاماً.
تتركز العديد من القضايا المحلية التي تواجهها الولايات المتحدة في المدن الكبرى، حيث يوجد تنوع أكبر، سواء أكان عنصرياً أم عرقياً، إضافة إلى التفاوتات في تلك المناطق. وبناء على ذلك، يمكن المشاهدة بسهولة كيف أصبحت الولايات المتحدة منقسمة مع نظام مختلّ بشكل أكثر وضوحاً من خلال تصاعد جرائم الكراهية في المدن الكبرى.
تُظهر البيانات من مكتب التحقيقات الفيدرالي أن معظم جرائم الكراهية التي يسجلها المكتب كانت مدفوعة بالتحيّز العنصري، وخاصة ضد الأمريكيين من أصل أفريقي، فوفقاً للإحصاء الوطني شكل السود منذ عام 2020، (13.4) بالمائة من سكان الولايات المتحدة، ومع ذلك فقد شكلوا نحو 35 بالمائة من جميع ضحايا جرائم الكراهية. علاوة على ذلك، ازدادت جرائم الكراهية المعادية للسامية والآسيوية بشكل حاد في السنوات الأخيرة. لذلك يمكن القول إن العنصرية المتجذرة في الثقافة والمجتمع الأمريكي هي السبب الجذري لمعظم جرائم الكراهية.
لقد أصبح العنف هو العنصر المهيمن في السياسة والمجتمع في الولايات المتحدة، فمع ظهور الحركة الشعبوية وتناميها في الولايات المتحدة، يُشاهد التطرف بشكل متكرر، حيث يشجع عدد كبير من المحافظين، والعديد منهم لديهم تحيزات عنصرية شديدة المتطرف، الناس على استخدام العنف للتنفيس عن غضبهم واستيائهم بشأن حياتهم، حتى أصبح الشعور بالأمن ترفاً بالنسبة للعديد من الأقليات.
وعلى الرغم من كلّ ذلك، فإن معظم السياسيين الأمريكيين الذين كان يتوجب عليهم المساعدة في كبح ومواجهة هذه المشكلات، وخاصة العنصرية، مشغولون بشنّ حروب حزبية وتعزيز حياتهم السياسية، بدلاً من العمل على تلبية حاجة الأمريكيين للعدالة والمساواة أو البحث عن حلول لتلك المشكلات، كما أنهم يقومون من خلال وضع المصالح الشخصية فوق مصالح الناخبين، بتعريض حياة العديد من الأقليات العرقية والإثنية لخطر أكبر.
في الوقت الحالي، لا يوجد علاج لقضية العنصرية الممنهجة للولايات المتحدة، حتى لو أظهر بعض الأمريكيين في البلاد استعدادهم، بل واتخذوا إجراءات لمحاربة العنصرية، إلا أنهم سيجدون أنفسهم يقاتلون ضد نظام مصاب بهذا المرض منذ فترة طويلة منذ تأسيس الولايات المتحدة.