“ضد” سوق سمك طرطوس.. الجديد!
وائل علي
لا نستطيع حقيقة تقدير حجم الارتجال والتسرّع والاستهتار والاستهانة التي يمكن استشفافها وتلمسها في كثير من القرارات التي تصدر عن مجلس مدينة طرطوس المحلي “المنتخب” رغم الخبرات والتجارب عالية المستوى التي تسم غالبية أعضائه وموظفيه وكوادره الإدارية والهندسية والقانونية!.
آخر هذه القرارات ما تمّ إعلانه مؤخراً عن تخصيص نحو مليار ليرة لبناء سوق للسمك جنوبي مدينة طرطوس..!.
في الشكل، يبدو الأمر حضارياً ومشروعاً استثمارياً معقولاً للمدينة “البحرية” التي لم تتمكن حتى الآن من الرسو على رصيف آمن ومستقر لأهم منتج بحري يميزها، وهو صيد وتجارة السمك، والذي شهد ويشهد الكثير من التدخلات والتنقلات الجغرافية المكانية وتجاذبات المصالح والنفوذ الواضحة المعالم على مدى نصف قرن من الزمن المعلوم.. إلى جانب أن المدينة لم تتمكن لتاريخه من جني ثمار استثماراتها بالشكل الذي يجب رغم كثرتها وتنوعها، لكن الغريب حقاً ألا تتوافق حسابات حقولها مع حسابات بيادرها مع الأسف، والأمثلة أكثر من أن تُحصى، ولعل أهمها وأسطعها استثمارات مشاريعها السياحية كجونادا والمارينا والكونكورد ومشروع الكورنيش البحري “المخيب” بكل تفاصيله الإنشائية والجمالية والتخديمية التي حرمت طرطوس من أجمل شاطئ بحري وبلاج رملي فريد مجاني على طول الساحل الشرقي للمتوسط.. إلخ، فضيعت المدينة -بالمعنى الاعتباري للكلمة- الأرض والمال، ودخلت في حيص بيص التفسير والتسويف والمماطلة والتأخير والتعثر، دون أن تتمكن مجالسها المحلية المتعاقبة من أن تحصّل من الجمل.. ولا حتى أذنه!!.
والحال يتراءى كذلك ويتبدى في مشروع سوق السمك الجديد “المزمع” بناؤه، والذي اختير موقعه عند بوابة المنطقة السياحية الجنوبية الموعودة، في حين أن هناك العشرات من المواقع البديلة القريبة من البحر وموانئ الصيد والأسواق الشعبية التي أنفق مجلس المدينة عليها عشرات ومئات الملايين، وكأنها تغرفها من البحر، مثل السوق المحاذي لنهر الغمقة قرب الكراج أو غربي شارع الثورة والسوق المجاور لمبنى التموين أو السوق القريب من دوار الفندارة شرقي مبنى التأمينات وغيرها، دون أن تحقق الغاية، ولا أن تعوض الخسارات الهائلة التي يتسبّب بها التسرع والارتجال وقلة الدراية التي يدفعها بالنهاية جيب المواطن، وغياب الرؤية لدى ممثلينا المنتخبين!.
باختصار ووضوح شديدين.. نحن “ضد” سوق السمك الجديد، وكفانا لعباً وترويجاً وتقاذفاً بهذا الملف، وعلى السلطة المحلية والمركزية الأعلى التدخل لوقف هدر مليار ليرة بلا معنى، والاستدارة نحو البدائل الأخرى المتاحة.. وما أكثرها!.
ALFENEK1961@YAHOO.COM