الشغب والقرارات الانضباطية سيدا الموقف في مرحلة الذهاب من الدوري الكروي الممتاز.. كل الأندية تعرضت للعقوبات والغرامات بلغت 63 مليون ليرة
البعث الأسبوعية- ناصر النجار
انتهت مرحلة الذهاب من الدوري الكروي الممتاز وتوزعت فرقه الأحد عشر على مواقعها بعد أن عوقب فريق الجزيرة بالاستبعاد وشطب نتائجه نتيجة تخلفه عن مباريات الدوري الكروي لمرتين.
الدوري بشكل عام بحاجة إلى حلقات منفصلة ومفصلة للحديث عن تفاصيله وسماته ومستواه والمواقف الغريبة التي حصلت به وأرقامه، لكن الأكثر جدلية في هذه المرحلة كانت لجنة الانضباط والأخلاق التي واجهت الكثير من الانتقادات من كل جماهير الأندية بسبب (القرارات) التي أصدرتها وما تضمنت من عقوبات وغرامات مالية، وسبب هذه الانتقادات أن أنديتنا لم تتعود على المحاسبة الجادة، فكل اللجان الانضباط السابقة كانت متهاونة مع كل شيء بل كانت تابعة لكل من يداريها، لكن اللجنة الحالية أقسمت من خلال تأديتها اليمين القانونية على أن تكون نزيهة بعملها تتوخى العدالة وتعطي كل ذي حق حقه وقد فعلت وكانت أمام القانون حريصة على أن تكون على مسافة واحدة أمام الجميع.
اللجنة مستقلة تماماً ولا أحد له سلطة عليها إلا سلطة الضمير، ولم تقبل في أي حالة تدخلاً أو توصية أو مراعاة خاطر صاحب أو صديق، لذلك خسرت كل من حولها من الكرويين وكسبت رضا ضميرها، لذلك يتوقع مع أول جمعية عمومية لاتحاد كرة القدم أن يحجب الجميع الثقة عنها لأنهم يريدون لجنة كما يحبون وتشتهي مصالحهم.
والشغب كان سمة الدوري في كل مراحله فلم يمض أسبوع إلا وواجه الدوري مشكلة وللأسف فإن المشاكل الكبيرة كانت كثيرة ومتنوعة وارتكبها أكثر من نادٍ، وتنوعت المخالفات بين شتم وسب الحكام وشتم وسب الفريق المنافس ولاعبيه ورمي الحجارة والزجاجات الفارغة على أرض الملعب، ورمي الألعاب النارية والشماريخ وما في حكمها، وتطور الشغب فأصيب أكثر من حكم بحجارة الجمهور، لكن غير المقبول هو محاولة الاعتداء على الحكام وهذا المشهد شاهدناه في كل أسبوع بكل الدرجات والفئات، وشاهدنا في الأسبوع الأخير كيف قام لاعب الجيش أحمد الصالح بضرب الحكم! والموضة الجديدة تمثلت (بالحرد) من قرار الحكم والتوقف عن اللعب ضمن المدة القانونية ثم استئناف اللعب وهذا حصل بلقاء جبلة مع الوحدة وقبلها امتنع لاعبو الكرامة عن الامتثال لحكم المباراة الذي أعلن عن ركة جزاء لجبلة ولولا إصابة الحكم برأسه من الحجارة لاتجهت المباراة إلى المجهول، وربما اعتبر الكرامة منسحباً وكان حتماً سيهبط إلى الدرجة الأولى.
والمضحك المبكي أن الأعمال السيئة صارت منهجاً وبات يتبعها بعض الفرق مثل الكرامة والوحدة وهما يشكلان قدوة لبقية الأندية ولجيل المستقبل الجديد ، وعلى مبدأ (ما حدا أحسن من حدا) قام شباب حرجلة بالاعتراض على قرارات حكم مباراتهم بدوري شباب الدرجة الأولى وامتنعوا عن اللعب ضمن الفترة القانونية وبعض القليل من الرجاء والكثير من التمني عاد اللاعبون الصغار إلى أرض الملعب!!
المخالفات الكلاسيكية قد نكون اعتدنا عليها في ملاعبنا رغم أنها تدل على ثقافة مهترئة وخُلُق ليس بالقويم، لكن أن يصبح هناك تماد بالمخالفات فتلجأ بعض الفرق إلى التزوير فهذا يعني أنه (بلغ السيل الزبى) وأنه لا بد من إجراءات أكثر تشدداً مع هذه الحالات التي يرتكبها القائمون على الأندية ما يدل على استهتارهم بالقوانين والأعراف الرياضية السائدة وهؤلاء يشكلون خطراً على البنية الرياضية خصوصاً أن التزوير يحدث في المباريات التي هي بعيدة عن الأضواء.
وتصدرت الفرق المنافسة على اللقب قائمة العقوبات ما يجعلها أكثر الأندية مخالفة للقوانين وللأسف فإن بعض الأندية صمدت أغلب المباريات لكن زمامها انفلت في مباراة واحدة لتعبر عن سلوك غير مقبول بكل الأحوال كما فعل مدافع الجيش أحمد الصالح في المباراة الأخيرة مع الوثبة وقد رسم الصورة الأبشع للاعبينا الدوليين من خلال تصرفه الذي لا يمت للأخلاق الرياضية والأخلاق العامة بصلة وقد دمر مستقبله بيده وأنهى مسيرته الكروية بأبشع ما يكون بصورة ستبقى عالقة في الأذهان لأجيال قادمة.
فريق الجزيرة يتصدر قائمة الفرق المخالفة والتي تعرضت للعقوبات، فالعقوبة الأشد نالها بهبوطه إلى الدرجة الأدنى وشطب نقاطه واستبعاده عن الممتازة وفرضت عليه غرامة مقدارها عشرة ملايين ليرة سورية، وكان مدربه شيخموس أوسي فرضت عليه عقوبة الإيقاف وغرامة مئة ألف ليرة لاعتراضه على الحكم بلقاء الفريق مع المجد.
وبعيداً عن الفرق المتنافسة على صدارة الدوري فقد تصدر الكرامة قائمة الفرق التي تعرضت للعقوبات وقد فًرض عليه وعلى لاعبيه غرامة بلغت ثمانية ملايين ليرة سورية، وما قام به الكرامة لم نعتد عليه من ذي قبل وبغض النظر عن قرار الحكم بركلة الجزاء إن كان صحيحاً أو غير ذلك فإن ما قام به الكرامة كان سيئاً جداً ويتجاوز كل خطأ يرتكبه أي حكم، وكما نرى فإن ما أقدم عليه لاعبو الكرامة سيجنون ثماره السيئة من خلال توقيف أفضل لاعبيهم لثلاث مباريات بدءاً من مرحلة الإياب، الكرامة كان أفضل الأندية لعدم ارتكابه لأي مخالفة سابقاً لكن جمهوره شتم لاعب الوثبة أنس بوطة بمباراة ديربي حمص وفعل ما فعل بمباراة جبلة فانتقل من صدارة اللعب النظيف إلى قاع اللائحة وبات أكثر المتضررين من العقوبات.
بعد الكرامة يأتي فريق أهلي حلب وفرضت عليه غرامات مالية بأكثر من سبعة ملايين ونصف المليون نتيجة أعمال الشغب بمباريات الفريق مع الفتوة والوحدة والوثبة وحطين، فيما الوثبة المتصدر تعرض لغرامة ستة ملايين وتوقيف طال لاعبيه إبراهيم العبد الله ومحمد كرومة وكل ذلك حصده بلقاء تشرين وباقي المباريات كان الوثبة مثالاً للفريق النظيف أيضاً.
فريق الجيش تعرض لغرامة ستة ملايين ليرة لمخالفات ارتكبها بلقاءي تشرين والوثبة، والمباراة الأخيرة جرّت على الفريق الويلات بعقوبة لاعبيه أحمد الصالح ومازن العيس وتسببت باستقالة مدرب الفريق حسين عفش.
فريق الفتوة تعرض لعقوبات متنوعة بلغت غراماتها قرابة الخمسة ملايين ونصف المليون، في مباريات الفريق مع أهلي حلب وتشرين والطليعة، وفرضت بحق رئيس النادي عقوبة الإيقاف لثلاث مباريات حسب تقرير المراقب ومع اعتراض النادي على العقوبة تم إلغاؤها لاعتبار التقرير المقدم من المراقب كيدي بشهادة حكام المباراة الأربع الذين أنكروا وجود أي إساءة من رئيس النادي.
فريق حطين تعرض لغرامات بلغت قيمتها خمسة ملايين ليرة في مباريات الفريق مع تشرين والمجد وأهلي حلب، وتنوعت العقوبات بين رمي المفرقعات النارية على أرض الملعب أو شتم لاعبي الفريق المنافس.
غرامة الملايين الخمسة التي فرضت على المجد لم تكن بسبب الشغب أو الشتم أو ما شابه ذلك، إنما كانت بسبب انسحاب فريق الشباب من الدوري الممتاز وهي عقوبة إدارية أسفرت عن هبوط الفريق إلى الدرجة الأولى وتنم عن وضع غير صحي في النادي لأن فريق الرجال قد يلحق بالشباب إن لم تتدارك إدارة النادي وضع فريقها، وسبق أن قال بعض المراقبين: إن ثوب الدوري الممتاز أكبر من إمكانيات فريقي الجزيرة والمجد!
فريق تشرين تعرض لغرامة مالية مقدارها أربعة ملايين ونصف المليون وذلك لرمي أرض الملعب بالحجارة وشتم الحكام والفريق المنافس في مباراتيه مع حطين والوثبة، وفريق الوحدة فرضت عليه غرامة ثلاثة ملايين ونصف المليون لشتم الفريق المنافس والحكام في مباراتي الفريق مع أهلي حلب ومع الجيش وللتأخر بالخروج إلى أرض الملعب مع حطين.
بينما فريق جبلة تعرض لغرامة مقدارها مليونين ونصف المليون ليرة نالها بسبب استخدام الألعاب النارية ولقذف أرض الملعب بالحجارة والزجاجات الفارغة بمباراتي الفريق مع حطين والفتوة، ليكون الطليعة الفريق الوحيد الذي لم يتعرض لعقوبة الغرامات المالية فحاز على لقب اللعب النظيف، ولكن اسمه اندرج في عقوبات اللاعبين.
العديد من المباريات يمكن الوقوف عندها طويلاً وقد أدت إلى عقوبات جماعية وفردية كثيرة، أول هذه المباريات مباراة الوحدة مع أهلي حلب ومباراة الوثبة مع تشرين ومباراة الوثبة مع الجيش.
فريق الكرامة أكثر الأندية تضرراً من العقوبات الفردية فقد أصدرت لجنة الانضباط والأخلاق عقوبة التوقيف لثلاث مباريات لكل من: عبد الملك عنيزان وهمام أبو سمرة وتامر حاج محمد ومصعب بلحوس، واللاعبون الأربعة استحقوا العقوبة لمحاولتهم الاعتداء على الحكم إضافة لشتمه وذلك في مباراة الكرامة مع جبلة، وبالمباراة نفسها تعرض عضو مجلس الإدارة إياد مندو لعقوبة الإيقاف لمباراة واحدة أما المدير التنفيذي بنادي الكرامة عمر الترك فكانت عقوبته لثلاث مباريات والسبب الذم والقدح على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر يجب الانتباه له فإن التطاول على المؤسسة الرياضية والمؤسسة الكروية على وسائل التواصل الاجتماعي يستوجب العقوبة سواء كان التصريح صادراً من لاعب أو مدرب أو إداري أو أي إنسان له صفة رسمية في النادي.
فريق الوثبة تعرض ثلاثة لاعبين من صفوفه إلى عقوبة الإيقاف، أولهم أدهم غندور بلقاء الوحدة، وتم توقيفه لمباراة واحدة لنيله إنذارين، أما اللاعبين إبراهيم العبد الله ومحمد كرومة فقد تم توقيفهما لثلاث مباريات بسبب محاولة الاعتداء على الحكم وشتمه بلقاء الفريق مع تشرين.
لاعبو فريق أهلي حلب تعرضوا للإيقاف في مباراتين للاعبين اثنين أولهما المهاجم محمد كامل كواية بلقاء الفريق المشهود مع الوحدة وعوقب بالإيقاف لأربع مباريات، ثانيهما محمد ريحانية تعرض للإيقاف ثلاث مباريات بلقاء جبلة بسبب الإشارات المستفزة للجمهور وتم تخفيضها إلى مباراة بعد الاعتراض وظهور دلائل جديدة أكدت أن هذه الإشارات لا ترتقي إلى السخرية والاستهزاء.
في فريق الوحدة تعرض كل من خالد إبراهيم وأنس بلحوس إلى الإيقاف لمدة عام مع الفصل من المنظمة لاعتدائهما على لاعب أهلي حلب محمد كامل كواية ولغيرها من أعمال الشغب، بعد الاستئناف تم تخفيض عقوبة انس بلحوس إلى أربع مباريات وخالد إبراهيم إلى ست مباريات مع غرامات مالية.
وخرج لاعبان من فريق المجد بالبطاقة الحمراء وهما: مصطفى قطرميز بلقاء الوحدة وخالد المصري بلقاء جبلة وتم توقيف اللاعبين مباراة واحدة، ولاعبان من فريق الجيش في مباراة واحدة تعرضا للإيقاف أولهما احمد الصالح الذي تعرض لعقوبة الإيقاف مدى الحياة مع اقتراح الفصل من المنظمة وثانيهما مازن العيس فصدرت بحقه عقوبة الإيقاف لثلاث مباريات.
مازن العيس بدأ قبل الصالح (بالتهجم على الحكم) والاعتراض الشديد وكأنه حرّض الصالح ليقوم بفعلته السوداء، أما أحمد الصالح فقام بأفعال لم يقم بها أحد من اللاعبين منذ سنوات عديدة واعتدى عليه بالضرب ثلاث مرات وقام بتحطيم أحد الكراسي ولحق الحكام إلى غرفتهم لمواصلة اعتدائه ولما لم يستطع الوصول إليهم تناولهم بأبشع العبارات.
أحمد حمو لاعب جبلة تعرض لعقوبة الإيقاف لمدة ثلاث مباريات لخروجه عن أدب الملاعب بعد خسارة فريقه أمام الفتوة، وهادي المصري تم إيقافه لست مباريات بلقاء فريقه مع تشرين لركله اللاعب المنافس بلا كرة، وتم تخفيف العقوبة إلى مباراة واحدة من لجنة الاستئناف، وكانت هذه العقوبة الوحيدة التي يتعرض لها فريق الطليعة.
بالمحصلة العامة نجد أن العقوبات أجهزت على فرق الصدارة وأضرت بها على مستوى اللاعبين والغرامات المالية، وقد يكون ذلك بسبب حساسية المنافسة وأهميتها، والمتهم الأول بأسباب هذه المخالفات هم الحكام، فقضاة الملاعب وراء كل شغب كما يدعي البعض.
عموماً مرحلة الإياب ستكون أكثر تنافساً وإضافة إلى الفرق الخمسة المتنافسة على اللقب فقد يدخل تشرين دائرة الصراع وقد بات قريباً من نادي الكبار، وعلينا ألا ننسى المنافسة التي قد تشتد على موقع الهبوط بين بقية الفرق مع العلم أن الفوارق بين فرق المؤخرة بسيطة.
الحكمة مطلوبة من الجميع والهدوء والتركيز على الأداء بعيداً عن كل تشويش خارجي هو من يدعم طموح الفريق الذي يخطط لنيل اللقب، وعلينا أن ننسى نظرية المؤامرة، وأن نبني فرقنا على الثقافة الكروية المحترفة التي تؤمن بالأداء الجيد داخل المستطيل الأخضر، فالمطلوب المزيد من الاهتمام بالتدريب لتقديم أداء كروي بتركيز عال، والمزيد من ضبط النفس، فكما شاهدنا كيف تكبدت الفرق الخسائر الجسيمة نتيجة شغبها واعتراضها على التحكيم كما حدث مع فريقي الجيش والكرامة.