سورية تدعو لعدم استغلال مجلس الأمن لأغراضٍ سياسية
نيويورك – سانا:
أكّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ ضرورة تخلّي بعض الدول عن نهجها العدائي والخاطئ حيال سورية، وعدم استغلال نقاشات مجلس الأمن بشأن ما يسمّى “ملف الكيميائي” فيها لأغراض سياسية، مشدّداً على وجوب تعامل الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بحسن نية وحيادية واحترام التفسيرات العلمية التي تقدّمها اللجنة الوطنية السورية بشأن بعض المسائل قيد المناقشة.
وأوضح صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن مساء أمس حول “ملف الكيميائي” في سورية أن احتفال العالم أمس باليوم الدولي للتوعية بنزع السلاح وعدم الانتشار، يشكّل مناسبة للتذكير بأهمية الجهود التي بُذلت للتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي مثّل استخدامها جرائم ضد الإنسانية، وخلّفت عبر التاريخ مآسي للبشرية من أبشعها إلقاء الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان عام 1945 تسبّبتا بمقتل مئات الآلاف، كما يذكر اليوم الدولي بأول حادثة استخدام أسلحة كيميائية في التاريخ ببلدة إيبر البلجيكية خلال الحرب العالمية الأولى ونجم عنها مقتل عشرات الآلاف.
وأشار صباغ إلى أن سورية شهدت في الـ19 من آذار عام 2013 أول حالة استخدام لأسلحة كيميائية حين قامت مجموعات إرهابية بإطلاق قذيفة تحمل موادّ كيميائية سامة على منطقة خان العسل في محافظة حلب، وأدّت إلى استشهاد 25 شخصاً معظمهم من قوات الجيش العربي السوري وإصابة 110 غيرهم بحالات اختناق وإغماء، ولا تزال بعض الدول تتجاهل هذه الحادثة حتى الآن.
وبيّن صباغ أن التنظيمات الإرهابية تواصل بالتنسيق مع “الخوذ البيضاء” الإرهابية التحضير لمسرحيات استخدام أسلحة كيميائية لاتهام الحكومة السورية، وكان أحدثها ورود معلومات عن قيام تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابي بالتنسيق مع هذه الجماعة بنقل براميل بلاستيكية تحتوي على مادة الكلور بين مستودعين في ريف إدلب، مؤكداً أن استمرار بعض الدول في التغاضي عن التهديد الخطير الذي تمثله حيازة تنظيمات إرهابية أسلحة دمار شامل، يثير مخاطر جدية لجميع الدول الأعضاء، الأمر الذي يستوجب الإدانة والتحرّك الفوري والجدي لمنع وصول تلك الأسلحة إلى الإرهابيين.
ولفت صباغ إلى أن سورية وإيماناً منها بنزع السلاح وعدم الانتشار اتخذت قراراً استراتيجياً وطوعياً في عام 2013 بالانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وكانت من أوائل الدول التي انضمّت لاتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، كما وقّعت على اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وتسهم بفعالية في جهود إنشاء المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، مبيّناً أن سورية أعلنت مراراً إدانتها القاطعة لاستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أيّ كان، في أي زمان ومكان، وتحت أي ظروف، وتعاونت بكل شفافية وانفتاح مع منظمة الحظر، ودمّرت كامل مخزونها الكيميائي ومرافق إنتاجه في عام 2014.
وأوضح صباغ أن سورية استمرّت في تعاونها البنّاء مع منظمة الحظر حيث قدّمت اللجنة الوطنية تقريرها الـ111 بخصوص الأنشطة التي تم إجراؤها، كما استقبلت اللجنة الفريق المصغّر من فريق تقييم الإعلان الذي قام بزيارة إلى سورية في كانون الثاني الماضي تم خلالها إجراء مشاورات بين الجانبين ومناقشة العديد من الجوانب المتصلة ببعض المسائل العالقة، وتيسير زيارة بعض المواقع وجمع عينات ومقابلة شهود إضافة إلى تيسير اللجنة الوطنية الزيارات نصف السنوية لفرق التفتيش من الأمانة الفنية للمنظمة إلى مركز الدراسات والبحوث العلمية في برزة وجمرايا التي بلغ عددها حتى الآن تسع جولات.
وأكّد صباغ استعداد اللجنة الوطنية السورية للتواصل مع نظيرتها في منظمة الحظر للتحضير للاجتماع رفيع المستوى بين وزير الخارجية والمغتربين رئيس اللجنة الوطنية السورية والمدير العام للمنظمة، وهي تتطلع إلى عقد هذا الاجتماع في أقرب وقت ممكن، كما زوّدت اللجنة الأمانة الفنية للمنظمة مؤخراً بصور للموقع الذي جرى فيه تدمير أسطوانتي الكلور المرتبطتين بحادثة دوما المزعومة حيث تم تدميرهما في عدوان إسرائيلي على هذا الموقع، الأمر الذي أكّدته مصادر في كيان الاحتلال الإسرائيلي بينها وزير الاستخبارات.
وشدّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة على أن تجاهل التعاون البنّاء والمثمر الذي قامت به اللجنة الوطنية خلال السنوات الماضية وكل التسهيلات التي قدّمتها لفرق المنظمة المختلفة، واستمرار بعض الدول في إطلاق حملات التشكيك بالإعلان السوري الأولي، وتوجيه الاتهامات الباطلة بشأن عدم تنفيذ سورية التزاماتها، والتنصّل من الإشارة إلى النتائج الإيجابية التي يتم إحرازها، كلّها مؤشرات واضحة على حجم التسييس الذي طغى على عمل المنظمة وابتعادها عن الغرض السامي الذي وُجدت لأجله.
وأشار صباغ إلى أن التقارير غير المهنية التي أصدرتها الأمانة الفنية والمستندة إلى معلومات لا تحظى بأيّ صدقية، ولم تتبع فيها المنهجية المنصوص عليها في الاتفاقية، سمحت للدول الغربية باستخدامها منصّة لاستهداف سورية، وتجلّى ذلك بوضوح في مسرحية تعليق حقوق وامتيازات سورية في المنظمة، وذلك من خلال وضع أطر زمنية مصطنعة لمتطلبات غير قابلة للتنفيذ ما شكّل حالة غير مسبوقة في تاريخ المنظمة.
كذلك، أكّد ضرورة تخلّي بعض الدول عن نهجها العدائي والخاطئ حيال سورية ومحاولتها إثارة الرأي العام لاستغلال نقاشات مجلس الأمن بشأن “ملف الكيميائي” لأغراض سياسية، مشيراً إلى ضرورة أن تتعامل الأمانة الفنية لمنظمة الحظر بحسن نية وحيادية واحترام التفسيرات العلمية التي تقدّمها اللجنة الوطنية السورية بشأن بعض المسائل قيد المناقشة، فقد آن الأوان لإعادة عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى طابعه التقني.