لا خوف على الأبنية البرجية في طرطوس.. نقابة المهندسين تؤكد مطابقة البيتون المجبول للمواصفات القياسية
أدّت كارثة الزلزال لانهيار العديد من المباني في المحافظات، وخاصة في اللاذقية وحلب وحماة ومدينة جبلة وغيرها من المناطق، في حين قاومت أبنية محافظة طرطوس الهزات، فكانت نسبة التصدعات والتشققات في المباني قليلة ولا تدعو للقلق، هنا ثمّة أسئلة تطرح نفسها عن أسباب المقاومة والثبات، وهل يشمل أبنية القطاع العام والخاص على السواء؟.
“البعث” ناقشت الحالة مع المعنيين بالمحافظة، إذ بيّن نقيب مهندسي طرطوس المهندس حكمت إسماعيل أن أبنية طرطوس بشكل عام جيدة، مشيراً إلى تشكيل لجنة منذ عام 2015 بقرار من محافظة طرطوس لمتابعة ومراقبة المجبول البيتوني، بدءاً من عملية الجبل وانتهاء بعملية الصبّ مع أخذ عينات من المجبول واختبارها بمخبر نقابة المهندسين ومراقبة ومتابعة المواد الداخلة، وهذا أعطى نتائج ممتازة من حيث مقاومات البيتون التصميمية، ومن خلال الاختبارات تبيّن أن ما يزيد عن 98% من تلك العينات كانت محققة للمقاومة التصميمية للبيتون، وهذا ما جعل منشآتنا البرجية في المحافظة، والتي تعدّ من أعلى الأبراج في سورية والمؤلفة من طوابق تصل إلى 31 طابقاً، تصمد أمام الزلزال نتيجة وجود البيتون بمقاومات تصميمية عالية محققة للمواصفات القياسية السورية، إضافة إلى المتابعة الهندسية من خلال وجود مهندسين مقيمين ومتابعين.
التنفيذ الصحيح
وأشار إسماعيل إلى أن أبنية طرطوس يفترض ألا تتأثر بزلزال أو هزات تتراوح شدتها بين 5-6 ريختر، وهذا ما حدث، ولاسيما في الأبنية البرجية، فلم تتأثر على الإطلاق، والتأثر طال الأبنية القديمة المتصدعة بالحالة العادية، فجاء الزلزال ليكشف النقاط السلبية الموجودة فيها، وخاصة من حيث صدأ حديد التسليح، لافتاً إلى نسبة الرطوبة العالية في الساحل السوري والتي تصل إلى 95% صيفاً وشتاء، وتؤثر على حديد التسليح من حيث الصدأ، وأن الحديد عندما يتعرّض للأكسدة يزداد حجمه عدة أضعاف، وبالتالي فإن زيادة الحجم تؤدي لتشكل إجهادات قوى داخلية تؤدي إلى تفتيت البيتون حول الحديد، لذلك فإن معظم الأبنية التي تأثرت هي القديمة، لكن ذلك لا يعني أن بعض المباني التي فيها متابعة لم تتأثر، لافتاً إلى أن الدراية الصحيحة والتنفيذ الصحيح هو ما يعطي نتيجة سليمة.
دراسات جيدة
وذكر إسماعيل أن الدراسات التي تقوم بها نقابة المهندسين جيدة، وإن وجد بعض الخلل فهو قليل جداً، وأن التنفيذ يعود إلى المنفذ، وأثناء التنفيذ يجب أن يكون هناك مشرف يشرف على أعمال التنفيذ، مشيراً إلى نقطة سلبية تتجلى بقيام منفذ البناء في بعض الأحيان بالاستغناء عن المهندس المشرف لأسباب مختلفة، مبيناً أن هذا الأمر من الناحية الهندسية والفنية ينعكس سلباً على البناء.
الأكثر تضرراً
وحول أكثر الأبنية التي لحق بها الضرر، أوضح نقيب المهندسين أن مناطق العشوائيات هي أكثر المناطق تأثراً، كما في أبنية بعض المناطق التي بُنيت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والأبنية الريفية التي بُنيت دون أي مراقبة وبشكل مخالف، إضافة إلى الأبنية التي تمّ صبها بعيارات إسمنتية ليست جيدة، مشيراً إلى أنه يتم اليوم تشييد وبناء بعض الأبنية بمناطق المخالفات باستخدام حديد مستعمل وهذا مخالف وممنوع وغير جائز لأنه يكون قد أصبح في مرحلة الإجهاد أو الصدأ، وكلتا الحالتين تؤثران على الحديد المستعمل الذي يفترض أن يؤخذ إلى معمل الصهر لينصهر من جديد.
ضعف المراقبة!
وأشار إسماعيل إلى أنه كلما ابتعدنا عن مركز المدينة كلما خفّت المراقبة والمتابعة من قبل الإشراف الهندسي، علماً أن الإشراف مهمّ وضروري في متابعة وتنفيذ جميع المشاريع الهندسية، وهو مهمّ بأهمية الدراسة من بدء العمل إلى نهايته، إن كان لمرافق عامة أو بنية تحتية أو جسور أو طرقات، مبيناً أنه في العمل الهندسي لا نستطيع القول إننا وضعنا جدراناً حاملة قوية وأعمدة ضعيفة لأن الزلزال يتبع النقاط الضعيفة ويصيبها في المنشآت، فالبناء يجب أن يكون مدروساً ومنفذاً بشكل متكامل كي يتحمل القوى الأفقية الناتجة عن الزلزال أو الرياح.
ثقافة غائبة!
وحول نسبة الضرر في المباني، أوضح النقيب أنها لا تتعدى تشققات وتصدعات ولم تحدث انهيارات في المحافظة، والقسم الأكبر من الأبنية التي حدثت فيها تشققات تعالج، ومعظمها عائد للأبنية القديمة التي هي بالأساس مهترئة، فالبناء يزداد عمره بمتابعته وصيانته المستمرة والدورية وعزله عن الرطوبة للمحافظة عليه، لكن مع الأسف، ثقافة المجتمع لدينا بصيانة المباني غائبة!.
وفيما يخصّ أعمال الكشف على المباني ومتى يتمّ الانتهاء منها والنتيجة الحاصلة، بيّن إسماعيل أن الأعمال انتهت في التاسع من الشهر الجاري، وفي حال طلب منا فنحن جاهزون لمتابعة الأعمال والكشف، وينحصر دور النقابة، حسب رئيسها، بالإشراف على أبنية القطاع الخاص، في حين أن الإشراف في القطاع العام يعود للشركات والقطاعات الإدارية.
مقاومة للزلازل
من جهته مدير الخدمات الفنية بطرطوس المهندس أحمد سليمان أفاد بأن مهمتهم تنحصر بالإشراف على مشاريع الأبنية المدرسية ومشاريع الطرق ضمن المحافظة، إضافة إلى بعض الحالات الطارئة والإسعافية عند حدوث انهيارات. وأشار سليمان إلى أنه تمّ الكشف على جميع المدارس، وقد تبيّن أن مشكلاتها قديمة وظهرت عيوبها نتيجة الهزات التي حدثت، وتجلّت العيوب بتسلخات طينية وتسلخات في بعض أماكن طبقة التغطية في البيتون المسلح، وهي تسلخات قديمة، علماً أنها مصمّمة لمقاومة الزلازل، مؤكداً حاجتها إلى معالجة وتدعيم، ولأجل ذلك قامت الخدمات الفنية بإعداد الدراسات المطلوبة، أما موضوع المباشرة والمعالجة فيتمّ التنسيق مع مديرية التربية وفق رصد الاعتمادات اللازمة.
جهاز مشرف
وأكد مدير الخدمات أن الأبنية الحكومية مراقبة كاملة ومنفذة بشكل جيد وفق المواصفات والشروط الفنية، أما الأبنية الخاصة فلا دور للمديرية بمراقبتها وإنما تعود لمجالس المدن، وتقوم الخدمات الفنية، كسائر الجهات العامة، بوضع جهاز مشرف يتقيد بالشروط والمواصفات الفنية للمشاريع الحكومية، ويقوم بإجراء اختبارات على عناصر التسليح على البيتون والمواد المستخدمة، مؤكداً أن جميع التجارب تُجرى بشكل دقيق، موضحاً أن العناصر الإنشائية التي تقاوم الزلزال تكون على ثلاثة أنواع، جملة جدران قص أو جملة إطارات أو جملة مختلطة، وجميع المدارس مصممة كجملة إطارات.
سليمة ١٠٠%
بدوره أكد مدير فرع المؤسّسة العامة للإسكان بطرطوس معمر أحمد أن الجملة الإنشائية لمباني السكن العمالي والشبابي والادخار سليمة مئة بالمئة، لأن مباني المؤسسة مدروسة ومبنية لمقاومة الزلازل.
دارين حسن