يخدم 5% من المنشآت فقط .. قرار “الإدخال المؤقت بقصد التصنيع” ما له وما عليه.. يشمل “المخصصة للتصدير” دون غيرها!
البعث الأسبوعية – محمد العمر
في وقت يعتبر فيه البعض أن القرار رقم “٣٣٦” القاضي بالإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير، بأنه منقذا لبعض الصناعيين، لا بل ويشكل – من وجهة نظرهم- عامل منفعة لجهة إيجاد أسواق خارجية وتشغيل المنشآت الصناعية في زمن الركود وضعف القدرة الشرائية، يجد البعض الآخر أنه جاء محملاً بشروط صعبة وتقييدات لها أول وليس لها آخر، ولا يغطي سوى المنشآت التي لها عقود خارجية ما يعني أنه لا يغطي سوى ٥ بالمئة من المنشآت الصناعية أو أقل من ذلك، وهي منشآت مصنفة ضمن مناطق حرة مؤقتة لا تعمل إلا للتسويق الخارجي فقط، أما المعامل والمنشآت الصغيرة فلا محل لها من هذا القرار، لتبقى التحديات أمامها من التمويل والرسوم والضرائب كما هي، لم يتغير عليها شيء!
تقييدات..!
الصناعي محمد الأشقر في ريف دمشق يرى أن عددا محدودا من المنشآت الصناعية من يشملها الإدخال المؤقت للمواد الأولية أي أنه محصور بفئة قليلة، مشيراً إلى أن هناك تقييدات لمن يريد العمل به ومنها تعهد الصناعي المصدر بإعادة ١٠٠ بالمئة من قيمة القطع الأجنبي المعادلة لكلفة المواد المحلية الداخلة في تصنيع المواد المعاد تصديرها وتعهده خلال شهر من تاريخ خروج البضاعة المثبت من الجمارك على نسخ التعهد كتاريخ فعلي للتصدير، فضلاً على تسديده لتأمين نقدي بالليرة السورية يودع في حساب مجمد لدى المصرف في منظم للتعهد التصدير بنسبة معينة من القيمة المضافة والأرباح المرفقة بالتعهد وفق سعر نشرة المصارف والصرافة الصادرة عن مصرف سورية المركزي بتاريخ تنظيم التعهد.
وأشار الأشقر إلى أن من شروط قرار الإدخال المؤقت وضع ضوابط لعمليات التسجيل وتنظيم المعاملات من مديرية الجمارك العامة ومنها تقديم كفالة نقدية أو مصرفية لحقوق الخزينة، ناهيك عن إجراء تجارب تشغيل وعرض نتائجها على نسب النفايات الناتجة عن عمليات التصنيع على المديرية العامة الجمارك ليتم اعتمادها بالتنسيق مع وزارة الصناعة، لكن الأهم من هذا كله أن يكون هناك كشوف مفاجئة على المنشأة يقوم فيها أحد الكشافين ومندوب مديرية الصناعة للتأكد من وجود المواد الأولية والتحقق من صحة وسلامة عمليات الإدخال المؤقت مع تنظيم محاضر الضبوط اللازمة، وقبل هذا كله لابد من إجراء التحاليل عند الإدخال المؤقت من إعادة تصدير البضاعة المصنعة.
ويتفق وليد حورية نائب رئيس القطاع الغذائي في غرفة صناعة دمشق والريف مع غيره من أن الإدخال المؤقت لا يشمل إلا نسبة محدودة من المنشآت والمعامل الصناعية في وقت باتت كل المنشآت بحاجة لهذا القرار، إلا أن وجود المصانع الصغيرة وفق رأيه أوجد مشكلة بالتكاليف والتحديات التي تقف أمامهم، لتزيد قرارات البنك المركزي من التعقيدات سواء كان عبر التمويل أو الإدخال، حتى باتت هذه الفئة ونسبتها ٨٠ بالمئة خارج المنافسة وغير قادرة بالتالي على التصدير والاستيراد.
من ناحية أخرى فإن هذه المنشآت التي ستدخل في عملية التصنيع والتصدير ستعطى قوة تنافسية بما يسمح لهم الإعفاءات من الرسوم والضرائب كون الأجور والتكاليف التي يدفعها الصناعي أصبحت مرهقة بالنسبة لهم بما فيها أسعار الشحن والرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، لافتاً إلى أنه يتم إعفاء كل مدخلات الإنتاج من الرسوم الجمركية لأي عقد اليوم ويصبح صفراً، ويحق للصناعي أن يعيد تصديره أيضاً دون أية عقبات، داعياً الصناعيين إلى إعادة العمل بالإدخال المؤقت بقصد التصنيع لإعادة إنعاش الحرف اليدوية واليد العاملة التي تضررت بسبب الأزمة وخاصة في ريف دمشق.
ذو منفعة مؤقتة
مهما تعقدت شروط التخصص بالإدخال المؤقت للمعامل والمنشآت الصناعية إلا أنه يحول البلد خلال الفترة الوجيزة “٦ أشهر” إلى ورشة عمل لجميع الماركات والعلامات حيث يجد بسام سلطان عضو غرفة تجارة ريف دمشق أن الصناعي له منفعة من الإدخال المؤقت بتوريد العقود مع التاجر خارج البلد الذي بدوره يورد المواد الأولية مثل القماش ليتم تصنيع ألبسة متفق عليها مقابل أجور التصنيع، لتدخل القطر بالوزن ويحسم منها ٢٠ بالمئة تقريبا كنسبة هدر وقص وغيرها ومن ثم يعاد تصديرها للتاجر المورد للمواد الأولية.
وبين سلطان أن جميع القطاعات يمكن أن تستفيد من القرار ضمن تحقيق شروط ومواصفات في منشآتهم والتي يجب أن تكون مخصصة للتصدير، كما أن المنشأة يجب أن لا يكون فيها منتجات للأسواق المحلية حيث هناك تفتيش دائم من قبل الجمارك، موضحاً أن نسبة المعامل العاملة بهذا الإدخال لا تتجاوز ٥ بالمئة وغالبها بالمناطق الحرة، ويسمح للصناعي خلال هذه الفترة المحددة استيراد المواد الأولية وتمويلها من الخارج وتصنيعها وإعادة تصديرها من دون أن يكون مسموحاً لهذه المنشآت خلال هذه الفترة التصنيع والتوريد للسوق المحلية.
أما انطوان بيتنجانة عضو غرفة تجارة دمشق فاعتبر أن قرار الإدخال المؤقت مهم جدا وهو موجود بقانون الجمارك منذ 20 سنة، وسيسمح للصناعيين بتمويل مستورداتهم المخصصة للتصنيع بهدف التصدير من خارج المنصة ما يحقق سرعة في تمويل هذه المواد وعدم الخضوع لآلية التمويل، مشيراً إلى ارتفاع تكاليف العملية الإنتاجية وانعكاس ذلك على فقدان كثير من المنتجات في الأسواق، معتبراً أن جميع الصناعيين والتجار بحاجة إلى قرارات أكثر جرأة لتحريك دورة الإنتاج.
متنفس..!
ومن وجهة نظر اقتصادية اعتبر الخبير الاقتصادي محمد القاسمي أن قرار الإدخال المؤقت الذي أصدره البنك المركزي كان متنفسا وجيزا ومرحليا لبعض الصناعيين، خاصة بعد أشهر عدة من مطالبات أمام الحكومة ووزارة الصناعة بإيجاد منافذ لتسويق البضائع والمنتجات للخارج وتحريك وإعادة دوران المعامل خاصة في قطاعات الكونسروة والبلاستيك والكهربائيات، أي أنه جاء ليكون منقذا لهم بعد معاناة توقف إنتاج معاملهم، فالذين كان لهم ثلاث ورديات تم تقليصها إلى وردية واحدة، ومنهم إلى اثنتين، فالأيدي العاملة هي من تدفع الثمن في توقف المعامل وقلة الإنتاج، ناهيك على أن الإدخال المؤقت رغم شروطه القاسية من الإيداعات المصرفية والبنكية وإعادة القطع، فهو يغني عن منصة التمويل لمرحلة قصيرة ويعفي من الرسوم والضرائب ما يعيد بالتالي بعض من التوازن لبعض المعامل، ودعا القاسمي الحكومة لتوسيع مظلة القرار والتخفيف من القيود التي وضعتها لأن جزء كبير من المنشآت وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها يعاني في ظل هذه الظروف، ولديه التزامات عديدة للأيدي العاملة وفي جلب المواد الأولية التي باتت تكلفتها مرتفعة جدا اليوم.