أطفال العيد ..أحلام صغيرة تتزاحم على أبواب الفرح.. ومعايدات بطعم الأمل
دمشق – البعث
تمضي أيام العيد تاركة خلفها الكثير من الأحلام الطفولية التي بقيت عالقة في ذاكرتهم بانتظار تحقيقها رغم بساطتها فهم يتمنون أن يحتفلوا بالعيد بعيداً عن المشكلات، والهموم، والأزمات التي تحيط بواقعهم المؤلم وبمعاناة ألاف الأسر التي لم تستطع تامين متطلبات العيد وخاصة ملابس العيد الجديدة لأطفالهم الذين ينتظرون قدوم ذلك اليوم بلهفة فيبدأ صباحهم بمباركة للأهل وطلب للرضا ومعايدات لطيفة يتمنون فيها الخير ويطلبونه من الله لعائلتهم ثم ينطلقون إلى حيث وضعوا ملابسهم الجديدة وثياب العيد التي تمنح المناسبة تلك النكهة الخاصة، رغم ما يؤكده آباء كثيرون أن عيد الفطر هذا العام مر على أطفالهم دون ملابس جديدة نتيجة واقع اقتصادي صعب حيث يؤكد محمد النعيم “أبو عماد” أب لأربعة أطفال أنه عود أطفاله تدريجيا أن تمرالأعياد وتنقضي دون ملابس جديدة فالملابس ليس بالضرورة أن تحضر في كل عيد المهم العيدية وزيارة الأهل والأقارب وأن يحفظ الله عائلته من كل مكروه، ورغم عدم اقتناع الرجل تماماً بما عود أطفال عليه حين استذكر أياما مضت من طفولته كان يفرح فيها بملابس العيد الجديدة، ويكمل أبو عماد حاولت هذا العيد وبقدر المستطاع أن اشتري ثيابا جديدة لأطفالي لكن ليس جميعهم بمعنى أن أقوم بهذا الأمر على دفعات فمثلا أشتري لولدين منهم هذا العيد وفي العيد الآخر تكون الثياب الجديدة من نصيب الولدين الذين حرما هذا العيد من الملابس وفي النتيجة فالسعادة الحقيقية تكون حين يحفظ الله أطفالنا وتستعيد بلادنا عافيتها.
وتبدو الظروف الاقتصادية الصعبة التي طال أمدها لن تنتهي دون أن تترك تلك البصمات المؤلمة على واقع جديد بدأ يظهر حتى في فرحة الأطفال بالعيد وأنماط الألعاب التي باتوا يلعبونها ودخلت ضمن طقوس العيد لديهم، وتفاجئ حين ترى مجموعة أطفال يدخلون إلى دكان إحدى الحارات الشعبية فلا تغريهم كل الحلويات والأكلات الطيبة الموزعة لجذبهم بقدر ما تجذبهم ألعاب القتال وترى مجموعة أطفال يتأملون بلهفة المحتويات والألعاب البسيطة المعروضة التي وزعها صاحب الدكان على بسطة صغيرة تناسب مستوى نظر الأطفال القادمين إليه. ودون تردد يتناول أحدهم مسدسا بلاستيكيا يضع ثمنه في يد البائع ويمضى، رامي البالغ من العمر 9 سنوات لم يكن حالة مختلفة عن باقي أصدقائه جميعهم ابتاعوا مسدسات ورشاشات بلاستيكية بعضها من الخرز، وأخرى من الكبسول، يشرح الطفل الذي لم تعد تعنيه كل السيارات البلاستيكية والألعاب الأخرى عن اللعبة الجديدة كيف أن إطلاق الخرز على أصدقائه يكون بغرض اللهو والمرح فقط دون أي نية للإيذاء، ويتم الاتفاق المسبق أن يكون توجيه فوهات مسدسات الخرز نحو الأرجل فقط تجنبا لأي ضرر.
مجموعة أطفال آخرين منهم وائل وباسل وهادية وغالية يعتزمون أن يلعبوا اللعبة نفسها لكن الكترونياً هذه المرة وبقواعد قد تبدو مختلفة شكلاً لكنها متفقة مضمونا، فالعيدية التي حصل عليها هؤلاء الأولاد المراهقين يعتزمون إنفاقها في دكان “الكونتر” لعبة الحرب الشهيرة بين صفوف الفتية والأطفال التي تُلعب على أجهزة كمبيوتر تم ربطها شبكيا، يقول باسل البالغ من العمر 15 عاما أشعر وأنا ألعب هذه اللعبة أنني أقاتل فعلا على الأرض وأشعر أني في جو الحرب والمعركة فعلا.
ورغم كل هذه المظاهر المؤلمة التي يمكن أن نشاهدها ونلمحها في أعياد أطفالنا التي تمر عليهم عاما بعد عام في ظل الضائقة الاقتصادية، لكن البهجة التي يرسمها الأطفال لا تزال ترسم ملامح العيد ومضامينه، لا زال هناك متسع للحظات البهجة والفرح التي يمكن أن ترها على وجه طفل ينفق عيديته على قطعة من الحلوى، ويطعمها لفمه وثيابه على حد سواء، لا زال هناك متسع برغم كل الظروف لمشهد ترى فيه طفلاً تتزايد دقات قلبه كلما ارتفعت في الهواء مرجوحة تحضن جسده الصغير وأحلامه البريئة، ما زال هناك من يمنحك منهم العزيمة والإصرار على التحدي والمتابعة حين ترى طفلا صغيرا يراعي ظروف والديه ويتنازل عن أمور مبهجة كثيرة في العيد أولها ثيابه الجديدة تقديرا لوضع أهله وظروفهم المعيشية.