بوريل يعترف بفشل الأوروبيين في الاتفاق على محاصرة روسيا اقتصادياً
موسكو – بودابست – تقارير:
تحت ضغط الشارع الأوروبي الذي خرج بمظاهرات حاشدة رافضاً الاستمرار في السياسة الأوروبية الحالية في التعاطي مع روسيا، بدأت العقوبات الغربية تفقد بريقها حتى على المستوى الرسمي، وذلك أن مزيداً من هذه العقوبات يأتي بمزيد من الاحتقان في الشارع الذي بدأ يعارض بشدّة هذه السياسة التي جاءت بنتيجة عكسية على مستوى الاقتصادات الأوروبية كافة، حيث انعكست تضخماً في أسعار السلع وغلاء في المعيشة وارتفاعاً في معدّلات البطالة، الأمر الذي بات ينذر بإثارة القلاقل داخل هذه المجتمعات، وخاصة بعد مشاهد الاحتجاجات والإضرابات التي حدثت في الشارع الفرنسي.
فقد اعترف الممثل السامي لشؤون السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعدم استعداد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للاتفاق على حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا.
جاء ذلك في بيان له لدى وصوله إلى لوكسمبورغ لحضور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أذاعته خدمة السياسة الخارجية بالاتحاد، حيث أضاف بوريل ردّاً على سؤال عمّا إذا كان الاتحاد الأوروبي سيدرج شركة “روس آتوم” في الحزمة الحادية عشرة من العقوبات المفروضة على روسيا: إن الاتحاد الأوروبي الآن “ليس في الوضع المناسب للاتفاق على عقوبات جديدة ضد روسيا، وسوف نواصل المناقشة”.
وأكّد بوريل أن الاتحاد الأوروبي ليس مستعدّاً بعد لتقديم الحزمة الحادية عشرة من العقوبات ضد روسيا، ولا يعرف ما إذا كانت “روس آتوم” ستدرج ضمن هذه العقوبات.
إلى ذلك، كتبت مجلة “Focus” الألمانية أن سعي الاتحاد الأوروبي للتأثير في الوضع العالمي هو خداع للذات، لأن الاتحاد هو “قزم” من الناحية السياسية و”دودة” من الناحية العسكرية.
وأضافت المجلة: “لا يعدّ الاتحاد الأوروبي لاعباً كاملاً في العلاقات الدولية ولم يكن كذلك منذ عقود”.
وأشارت في الوقت ذاته إلى أن الاتحاد الأوروبي يلعب دوراً مهمّاً في الاقتصاد العالمي، لكنه لا يتمتع بوحدة سياسية ولا يمكنه الدفاع عن نفسه بشكل مستقل. لذلك لا يمكن للاتحاد التأثير دبلوماسياً في العلاقات الدولية.
وتابعت: “لهذا السبب يعدّ (الاتحاد الأوروبي) قزماً سياسياً في العالم. ومن الناحية العسكرية يعدّ متخلفاً بشكل كبير أيضاً. لا يمكن لأي دولة أوروبية الدفاع عن نفسها بشكل مستقل وضمان أمن واستقرار الدول المجاورة، كما لا يمكنها عمله معاً. الاتحاد الأوروبي دودة كبيرة. لذلك لا يمكنه ممارسة أي تأثير دبلوماسي معين في النزاعات الدولية”.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقاً البلدان الأوروبية إلى التحرّك للاستقلال الاستراتيجي والتوقّف عن التكيّف مع “الإيقاع الأمريكي”. وأضاف: إن الأوروبيين بحاجة إلى “الاستيقاظ” والتفكير في مصالحهم.
في سياق متصل، شهدت 32 مدينة في بلغاريا أمس الأحد فعالياتٍ تحت شعار “بلغاريا – منطقة سلام” احتجاجاً على مشاركة البلاد في النزاعات المسلّحة.
وجرت أكبر المظاهرات في العاصمة صوفيا، حيث بلغ عدد المشاركين فيها 12 ألف شخص، حسب المنظمين، بينما تحدّثت الشرطة عن نحو 5 آلاف متظاهر.
وأصرّ المتظاهرون على أنه لا ينبغي لبلغاريا المشاركة في النزاعات المسلحة، ودعوا سلطات البلاد إلى رفض تزويد أوكرانيا بالأسلحة، كما طالبوا بالدفاع عن سيادة بلغاريا وإغلاق قواعد الناتو العسكرية في أراضيها.
ووضع آلاف المتظاهرين توقيعاتهم على مقترح إجراء “استفتاء من أجل السلام والسيادة”، من شأنه أن يحمي بلغاريا من التورّط في النزاعات المسلّحة ويمكّن الشعب البلغاري من حل مشكلاته وبناء مستقبله بشكل مستقل.
ويأمل المنظمون في جمع حوالي 600 ألف توقيع بحلول 10 حزيران.
ومن المقرّر إجراء جولة جديدة من فعاليات حملة “بلغاريا – منطقة سلام” في 21 أيار المقبل.
من ناحيتها، رفضت هنغاريا اليوم اقتراح دول البلطيق فرض عقوبات جزئية على قطاع الطاقة النووية الروسية.
وقال وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو: “إذا كان هناك قرار بفرض عقوبات على مجال الطاقة النووية الروسية فسيعني استحالة تحقيق أمن إمدادات الطاقة لهنغاريا”، مؤكداً “استحالة موافقة بلاده على دعوة دول البلطيق لفرض هذه العقوبات”.
وشدد على أن كل من يعرض هنغاريا للخطر، فيما يخص إمدادات الطاقة، سيجد نفسه في حالة صعبة، مذكراً بأن بلاده وقعت اتفاقية مع روسيا لتطوير المحطة النووية الوحيدة التي تم إنشاؤها ضمن مشروع سوفييتي في ثمانينات القرن الماضي.