سورية: تزامن اعتداءات “إسرائيل” و”داعش” على أراضينا يؤكّد أنهما وجهان لعملة واحدة
نيويورك – سانا
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية وتزامنها مع اعتداءات تنظيم “داعش” الإرهابي تظهر أوجه التشابه بين إرهابهما، وتنسيقهما هذه الاعتداءات، وتثبت أنهما وجهان لعملة واحدة، والهدف إطالة أمد الأزمة في سورية واستنزاف مقدراتها.
وقال صباغ في بيان اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية، مساء الخميس: إنه “في الوقت الذي يكافح فيه الشعب السوري لمواجهة الوضع الإنساني الصعب بسبب الزلزال المدمر، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدى الأسابيع والأيام الماضية اعتداءاتها على الأراضي السورية، وأمعنت القوات الأمريكية الموجودة بشكل غير شرعي في شمال شرق البلاد في اعتداءاتها على سيادة سورية ونهبها موارد وثروات السوريين، ناهيك عن قيام المجموعات الإرهابية بالاعتداء على المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى أهلنا في المناطق المتضررة في الشمال الغربي، إضافةً إلى استمرار إجراءات الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي المفروضة على الشعب السوري، والمتمثلة بالإجراءات الأحادية غير الشرعية التي تحول دون الارتقاء بالوضع الإنساني وتلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين”، موضحاً أن “إسرائيل” واصلت اعتداءاتها على الأراضي السورية والتي طالت مباني سكنية ومطارات مدنية وبنىً تحتية في دمشق ومحيطها والمنطقة الجنوبية وحلب وحمص وريفها، وأدّت الى استشهاد عدد من المدنيين وإصابة آخرين ووقوع أضرار مادية جسيمة، وفي تزامن واضح مع ذلك استمر تنظيم “داعش” الإرهابي على نحو متكرر باستهداف المدنيين، حيث شنّ في الـ 16 من الشهر الجاري اعتداء على الأهالي في ريف حماة الشرقي خلال جمعهم الكمأة وذهب ضحيته 26 مواطناً، ومؤكداً أن هذه الاعتداءات المتزامنة والمنسقة تظهر أوجه التشابه بين إرهاب “داعش” وإرهاب “إسرائيل”، وتثبت أنهما وجهان لعملة واحدة، وتهدف بما لا يدع مجالاً للشك إلى إطالة أمد الأزمة في سورية واستنزاف مقدراتها.
وجدد صباغ تحذير سورية لـ إسرائيل ورعاتها من مخاطر هذه السياسات الرعناء التي تدفع المنطقة نحو تصعيد شامل ومرحلة أخرى من غياب الأمن وعدم الاستقرار، وضرورة تحمل مجلس الأمن مسؤولياته في إدانة هذه الانتهاكات، والعمل على وقفها وضمان عدم تكرارها، ومساءلة “إسرائيل” عنها، لافتاً إلى أنه في سياق متصل شنّت قوات الاحتلال الأمريكي اعتداءات على مناطق في محافظة دير الزور أدّت إلى سقوط عدد من الضحايا وإلحاق أضرار مادية، ما يمثل تجسيداً فعلياً لجريمة العدوان التي تتفرع عنها مختلف الجرائم والانتهاكات الأخرى التي ترتكبها تلك القوات في سورية، ومشيراً إلى أن أي ذرائع تروج لها الإدارة الأمريكية بهذا الخصوص هي محاولة فاشلة لتبرير انتهاكها الفاضح لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، ومخالفتها لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية.
كذلك جدد صباغ مطالبة سورية للولايات المتحدة بالتوقف عن نهجها العدائي وإنهاء وجودها العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية ورعايتها الكيانات الإرهابية والجماعات الانفصالية، والتوقف عن نهبها المنظم للموارد الطبيعية والثروات الوطنية، ووجوب قيام مجلس الأمن بإدانة جميع أشكال انتهاك سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها والتدخل في شؤونها الداخلية، بما في ذلك محاولات التسلل المتكررة إلى أراضيها والتي تقوم بها وفود بعض الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن، وآخرها قيام عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي نهاية الشهر الماضي بالتسلل بطريقة غير شرعية إلى شمال شرق سورية في خرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة، وانتهاك موصوف لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية.
وبين “صباغ أن الجهود التي بذلتها سورية لإيصال المساعدات الإنسانية من الداخل إلى جميع محتاجيها بما في ذلك إلى أهلنا في الشمال الغربي، وخاصةً خلال فترة ما بعد الزلزال، واجهت تحدياً رئيسياً نتيجة رفض التنظيمات الإرهابية الموجودة في تلك المنطقة مرور قوافل المساعدات، ناهيك عن قيامها باعتداءات عسكرية على المناطق الآمنة وعلى قوات الجيش العربي السوري الموجودة في منطقة خفض التصعيد، والمؤسف هو الصمت المريب وحالة الشلل التي يظهرها مجلس الأمن حيال هذه الممارسات، مؤكداً أن سورية بذلت جهوداً استثنائية للتعامل مع تداعيات الزلزال، من بينها فتح معبرين حدوديين إضافيين (باب السلامة والراعي) بقرار سيادي لمدة ثلاثة أشهر، لضمان تدفق ووصول المساعدات الإنسانية العاجلة لأهلنا في الشمال الغربي، وقدمت موافقات مفتوحة لإيصال المساعدات من الداخل، إضافةً إلى منحها تأشيرات دخول لموظفي الأمم المتحدة بسرعة قياسية لأداء المهام الموكلة إليهم، إلا أن الاستجابة الإنسانية للتداعيات الناجمة عن الزلزال لها جوانب بعيدة الأمد وأوسع من مجرد تلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين، ومن المهم تكثيف الجهود واتخاذ مبادرات حقيقية لتوسيع نطاق الأنشطة الإنسانية، بما في ذلك مضاعفة حجم مشاريع التعافي المبكر، مبيناً أن الحكومة اعتمدت قبل يومين خطة العملة الوطنية للتعامل مع تداعيات الزلزال، بهدف توحيد جهود مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لإعادة تأهيل المناطق المنكوبة، وانطلقت هذه الخطة من الإنسان وتأمين متطلبات عيشه الكريم”.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الإجراءات الاقتصادية القسرية الغربية غير الشرعية تمثل تحدياً متعاظماً للارتقاء بالوضع الإنساني، وأداة عقاب جماعي بحق الشعب السوري، والحديث عن تعليق جزئي ومؤقت لها هو محاولة دعائية لتخفيف الضغوط والانتقادات الموجهة للدول التي تفرض هذه الإجراءات، لافتاً إلى أن التعقيدات التي تنطوي عليها أنظمة العقوبات لا تساعد على تبديد حالة عدم اليقين لدى الدول الأعضاء والجهات الإنسانية الفاعلة أو الجهات المانحة أو المؤسسات المالية التي قد ترغب بالانخراط في عملية تقديم المساعدة لسورية، وبالتالي لا تجعل هذه الاستثناءات أدوات مناسبة أو كافية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية، وخاصة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية التي تتطلب استجابة أكثر شمولاً، ما يتطلب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي احترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وصكوك حقوق الإنسان، وأن يرفعا فوراً وبشكل غير مشروط إجراءاتهما القسرية غير الشرعية.
وأشار صباغ إلى مواصلة بعض الدول التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، وآخرها قيام مجموعة من الدول بالسعي لفرض آلية تزعم أنها لكشف مصير المفقودين فيها، مؤكداً رفض سورية إنشاء أي آلية لا تخدم المصالح العليا للشعب السوري ودون موافقتها، وأنها ستستمر في القيام بدورها الوطني في البحث عن المفقودين على أيدي المجموعات الإرهابية أو نتيجة جرائم واعتداءات القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، كما ستواصل انخراطها في مسار أستانا الذي يتضمن محوراً خاصاً بموضوع المفقودين.
وتابع صباغ: إنه انطلاقاً من حرص سورية على علاقات الأخوة التي تربط الدول العربية فإنها تعمل على إعادة تعزيز وتوثيق علاقاتها معها، والذي يعكس مصلحة عربية وإقليمية، ويلعب دوراً ضرورياً في دعم ومساعدة الشعب السوري على تجاوز التحديات الراهنة، بما في ذلك إعادة الاستقرار إلى ربوع سورية وتحرير كامل أراضيها، موضحاً أنها سعت للانخراط في عملية تهدف إلى تفعيل العمل العربي المشترك وتعزيز علاقاتها الثنائية مع الدول العربية الشقيقة، حيث أجرى السيد الرئيس بشار الأسد زيارات مهمة إلى سلطنة عمان ودولة الإمارات، كما قام وزير الخارجية والمغتربين ومسؤولون سوريون آخرون بزيارات عمل إلى مصر والسعودية والجزائر وتونس، تم خلالها البحث في توحيد الجهود العربية المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمات التي تواجهها شعوبنا، وبما يحفظ وحدتها وسلامة أراضيها ويدعم مؤسسات دولها، وجرى خلال هذه الزيارات التأكيد على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والإتجار بها.