وفد تضامني أوروبي في ندوة حوارية بدمشق: تعلمنا من صمود سورية ونسعى لرفع الحصار عنها
دمشق – بشار محي الدين المحمد
في إطار جهود اتحاد كتاب العرب، والقيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، الهادفة إلى توسيع العلاقات مع شركاء الكلمة والوطنيين الشرفاء في جميع أنحاء العالم، للتعاون والتآزر في سبيل وضع حدّ للهيمنة الأمريكية وتعزيز العمل المشترك ضدّها، تمت استضافة وفد أوروبي اليوم في مبنى الاتحاد بدمشق ضمن لقاء حواري مفتوح، تحت عنوان “هل يتوقف الأوروبيون عن السير وراء السياسة الأمريكية؟”، ويتألف الوفد التضامني من عددٍ من الإعلاميين والناشطين الاجتماعيين والسياسيين الأوروبيين، ويعدّ الوفد الخامس والعشرين من نوعه الذي يزور سورية.
إعلام بديل
الناشط، دومينيك ديليوارد، من فرنسا، قال: إن عدوّنا يمتلك الإمكانات الكبيرة “حلف الأطلسي”، كما يمتلك الإعلام والأموال، إلا أن هذا لن يمنعنا من العمل، فنحن نملك إرادتنا ومعلوماتنا للتأثير في الرأي العام الأوروبي، الذي تسير شعوبه في طريق خاطئ دون إرادة، كما نمتلك الإعلام البديل، حيث أصبح لدينا أكثر من 150 قناة تبث الأخبار على حقيقتها، خارج عباءة الإعلام الأوروبي الرسمي، المسيّس لمصلحة الهيمنة الأمريكية والأنغلوساكسونية، موضحاً: وعلى سبيل المثال فإن صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية أصبحت تمتلك 9 آلاف قارئ فقط، بعد أن كانت تطبع وتنشر ملايين النسخ من صحيفتها.
ولفت إلى أن ما جرى في الفترة الأخيرة هو أن الشارع الأوروبي بدأ يشعر بوطأة الحرب ويعاني من ضائقات اقتصادية واجتماعية ومالية بعد أن اعتاد الرفاهية، وبمجرد شعوره أن حياته قد قلت رفاهيتها بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الأحادية المفروضة على روسيا، خرج ليقاوم حكوماته المسبّبة لأزماته الخانقة، مؤكداً أن “الشارع الأوروبي لم يكن ليتحرّك في ظل الأزمات الدولية ولكنه الآن تحرّك في ظل أزماته”.
وأشار إلى أن “سورية بلد مقاوم والصمود الذي صمدته هو المحرّك لما نقوم به، وكانت جزءاً من التحول الكبير الذي يجري في العالم لكسر قطبيته”.
من جهةٍ أخرى بيّن ديليوارد أن الكيان الصهيوني ومنذ أن وجد يضرب يميناً ويساراً، ولم يأبه للسيادة الوطنية سواء لسورية، أم لغيرها من دول المنطقة، مؤكداً أن الضربات الإسرائيلية التي نشهدها اليوم ليست بالحدث الجديد، لافتاً إلى أن عدم تدخل الأمم المتحدة حتى الآن يعني أنها أداة مرتهنة “لإسرائيل”، ولا يمكنها القيام بمهامها في نصرة الشعوب.
وتابع: إن أوروبا وفرنسا بشكل خاص تتحمّلان مسؤولية ما يجري في سورية نظراً لخصوصية تاريخها، منوهاً بأن “سورية أحيت لدينا مفهوم سيادة الشعوب، بعد أن أعاقت زحف الأيديولوجية الغربية القائمة على السيطرة على العالم.. تعلّمنا من صمودكم في سورية، وجهودنا تنصبّ على فعل كل ما نستطيع لرفع الحصار عنكم”.
قبلة للأحرار
من جهته، عدنان عزام، عضو اتحاد الكتاب العرب، ومدير “المنظمة العالمية لدعم سيادة الشعوب.. مع سورية لكسر الحصار عن الشعب السوري”، وهي منظمة مقرّها في فرنسا ومسجّلة أصولاً وفق قوانينها، أشار إلى أن هذا الوفد الشعبي الأوروبي حضر إلى سورية لتقديم التعازي بضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب عدداً من المحافظات، وبضحايا الحرب والإرهاب والحصار على سورية، موضحاً أن الوفد ينتمي إلى المعارضة الأوروبية للنظام الرسمي الأوروبي المرتهن لأمريكا و”إسرائيل” وغيرها من قوى الغطرسة والهيمنة في العالم.
ولفت إلى أن الوفد جاء إلى سورية ليقول لكل السوريين: “إن صمودكم في وجه الإمبريالية الأمريكية أوحى لنا بالثبات والبقاء على موقفنا المعارض لهذه الغطرسة”، حيث يعدّ هذا الوفد دمشق قبلة كل الوطنيين والأحرار والمناضلين في العالم، موضحاً أن الوفد يمثل أيضاً المعارضة التي تنزل يومياً إلى الشوارع والساحات في مظاهرات واحتجاجات في أوروبا الغربية، والمناهضة للسياسة الرسمية، حيث تشهد جميع الأوساط الشعبية الأوروبية نضالاً حقيقياً من الوطنيين والأحرار ضدّ النظام الإمبريالي.
وفي تصريح خاص لـ”البعث” قال عزام: من الممكن أن تؤثر هذه الفعاليات الشعبية الأوروبية في الرأي الرسمي والنظام الأوروبي، مستشهداً بقول، ماو تسي تونغ، “رُبّ شرارةٍ أشعلت النار بالسهل كله”، فنحن اليوم على أبواب تحوّل تاريخي، مشيراً إلى أنه من خلال تردّده إلى أوروبا على مدار 40 عاماً يلحظ الآن تغيّراً غير مسبوق في بنية دولها وكيانها، حيث يوجد شرخ وانقسام حقيقي وواضح داخل مجتمعهم، كما توجد معارضة حقيقية تنتمي إلى محور المقاومة؛ سورية وروسيا والصين وإيران والعراق والمقاومة اللبنانية، إضافةً إلى وجود عدد من المنبطحين أمام الهيمنة الإمبريالية على المقلب الآخر، الذين سيكتشفون في القريب العاجل أنهم من أكبر الخاسرين.
تحوّل تاريخي
ودعا عزام الإعلام وجميع المثقفين السوريين إلى استغلال هذا التحوّل التاريخي ما أمكن عبر العديد من الوسائل، ومن أبرزها تطوير متابعة الإعلام للقضايا الغربية، والتركيز على دور “المنظمة” ودعمها، مؤكداً أن العديد من أبناء أوروبا الغربية يقولون اليوم: “دمشق قبلتنا والسيد الرئيس بشار الأسد زعيمنا”، كما لفت إلى أن تضحيات الشعب السوري وجيشه وقيادته أعطت ثمارها ليس فقط في سورية، بل حتى في أوروبا الغربية، مؤكداً أن كلامه لا يحمل أي شكل من أشكال المبالغة، ومؤيداً ذلك بالقول: إن المواطن الأوروبي لم يعُد لديه أي دليل، وأما الآن فقد أصبح يرى دليله في شخصيتَي السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأردف: إن هذه المعارضة الأوروبية تمتلك أدواتٍ قوية ومؤثرة، في مقدّمها الإرادة، والإعلام البديل للإعلام الرسمي الأوروبي الذي فقد صدقيته ومتابعيه بشكل كامل، مضيفاً: إنه سيطلق في غضون شهر مع منظمته قناةً فضائية في فرنسا ستسلّط الضوء على سورية وشعبها وأخبارهم ومعاناتهم، وإرثهم الحضاري وكل ما يتعلق بحياتهم الاجتماعية، وذلك لأن الإعلام الفرنسي حذف سورية من كل قواميسه بعد أن حقق غايته في نشر التحريض والقتل والدمار في أرجائها في بداية الأزمة، وذلك بهدف إعادة سورية الحضارة والثقافة والتاريخ إلى الإنسان الفرنسي الذي يتطلع إلى ثقافتنا بعين الاحترام.
من ناحيته، الشيخ نواف طراد الملحم، في مداخلة له، رحّب بالوفد معتبراً أن حضورهم سيفتح آفاقاً جديدةً في العلاقات السورية الأوروبية، ويسهم في رسم ونقل الصورة الصحيحة للشعب العربي عموماً والسوري خصوصاً، المحب للسلام والقيم الإنسانية، بعد أن قام الإعلام المرتهن للهيمنة الأمريكية بتشويه صورة شعبنا، وعكس الصورة السيئة عن موروثه في أذهان شعوب أوروبا.
حضر الندوة مجموعة من المفكرين والأدباء والباحثين والمحللين السياسيين والاقتصاديين ورجال الدين وشيوخ العشائر.