في عيدهم.. عمالنا يستحقون الاستجابة
بشير فرزان
لم تتوقف عجلة العمل، ولم تكسر الأحداث وضخامة التحديات والتداعيات الكبيرة عزيمة الطبقة العاملة في متابعة العمل والإنتاج الذي كان شريان الإمداد الأكثر حضوراً في تغذية الأسواق، وخاصة الدوائية منها، بالمنتجات الوطنية. وفي مقابل هذا العزم والتصميم خلف خطوط الإنتاج، لم يكن هناك تفكير جديّ لدى العديد من الجهات في البحث عن كيفية مواكبة المتغيّرات المختلفة، وتطويع الكثير من الصعوبات والمشكلات التي تواجه العمال، وفي مقدمة ذلك تحقيق الانسجام ما بين واقع العمل والقوانين الناظمة لعلاقاته من خلال تعديل الكثير من القرارات والأنظمة التي تشكّل بمجموعها الحاضنة الضامنة للحقوق والواجبات، ويحقق توافرها الأمان الوظيفي داخل بيئة العمل ويحيّد علاقاتها عن سكة الاضطراب والفوضى.
ولا شكّ في أن جلسات الحوار الدائرة منذ سنوات بين العديد من الجهات لتعديل بعض القوانين التي تهمّ الطبقة العاملة السورية يمثل وجهاً من وجوه التشاركية التي يتجلّى فيها الفكر المؤسّساتي الحقيقي الذي يأخذ بجميع وجهات النظر دون إقصاء لأي فكرة أو رأي قد يخدم أو يفيد مشروع تطوير القوانين والأنظمة سارية المفعول، لترتقي إلى مستوى مقبول ينسجم مع تطور العمل ويخرج منظومته القانونية من شرانق المماحكة والكيدية التي تكون في الكثير من الأحيان سبباً في تعكير أجواء العمل وعرقلة الإنتاج وضياع الحقوق والعدالة الوظيفية، ولكن ذلك كله بقي حبراً على ورق وداخل قاعات مغلقة للاجتماعات الماراثونية التي عُقدت بغاية التعديل!.
وهنا نسأل عن مصير الكثير من القوانين التي مازالت “في العهدة”، ولم تدخل دائرة التنفيذ، أو بالأحرى لم تتعدَ بعد مرحلة التعديل النظري؟!
واليوم، مع انشغال الجميع في الاحتفال بعيد العمال العالمي، لا بدّ من الإقرار بأن الطبقة العاملة استطاعت من خلال التفاني والإخلاص تطوير العمل الإنتاجي والاقتصادي، وصنع القرار الوطني وكلّ ما من شأنه خدمة المجتمع السوري، ومراقبة الواقع الحياتي للناس وتقديم الحلول التي من شأنها المساهمة في معالجة الكثير من القضايا العالقة، والتعامل مع تداعيات الحصار الاقتصادي بنهج الاعتماد على ما هو موجود فعلاً على أرض الواقع، وتفعيل العمل والإنتاج واقتراح ما يمكن إدراجه ضمن دائرة معالجة واقع المؤسّسات والشركات العامة، وذلك حسب الأولويات التي تفرضها جملة من التحديات الكبيرة وفي مقدّمتها ضعف الدخل الوظيفي مقارنة بالغلاء.
ولن نعود كثيراً إلى الوراء لنثبت الدور الفاعل للسواعد السمراء داخل الحياة الاقتصادية والإنتاجية والمجتمعية، فالاستجابة السريعة من عمال سورية لتداعيات كارثة الزلزال واستنفارهم على مدار الساعة يثبت أنهم الرديف الحقيقي في كلّ الظروف، فهم من قدّموا أرواحهم في سبيل بلدهم، وهذا ما يستدعي التعامل بجدية وسرعة أكبر مع سلّة المطالب العمالية التي تنتظر الاستجابة من المؤسّسات التنفيذية التي وعدت بمعالجة الكثير من الملفات والقضايا العمالية والإنتاجية.