الآمال تتبدد بانخفاض أسعار السيارات المستعملة.. قرار افتتاح صالة السوق الحرة لم يلقَ الرضا!!
مرة أخرى فتح موضوع السيارات المستعملة، والمعروضة في صالة السوق الحرة التابعة للمؤسسة العامة للتجارة الخارجية، باب الحديث عن السيارات على مصراعيه، ففي وقت كان الشارع السوري ينتظر أي بشارة أمل بانخفاض سعر السيارات المتهالكة التي تغصّ شوارعنا بها، بفتح باب استيراد السيارات الحديثة، وبالتالي خفض سعر القديم منها، أتت مؤسسة التجارة الخارجية بهذا القرار الذي لم يلق الكثير من الرضا من الشريحة الكبرى من المواطنين الحالمين بامتلاك سيارة خاصّة وبتقسيط مريح يتناسب مع أجورهم الخجولة.
دوامة المستعمل
افتتاح صالة السوق الحرّة أحاطه الكثير من الغموض واللبس حول آلية البيع والدفع وأنواع السيارات المعروضة وقطع الغيار المتوفرة لها، ناهيك عن الاستفسارات والتخمينات بأن هذا العرض أغلق الباب أمام أي طرح جديد لفتح باب استيراد السيارات وبقاءنا في دوامة المستعمل والكلف الباهظة التي يتكبدها روّادها من قطع تبديل ومحروقات يزداد استهلاكها بشكل يتناسب طرداً مع قدم عمر السيارة لاسيّما وأن أغلب موديل السيارات المعروضة في الصالة يعود لـ 2010، أي أن الأعطال وقطع الغيار وغيرها من المشاكل التي تتكبد مالكي السيارات ذات الموديل القديم ستواجه زبائن هذه السيارات المعروضة، بالتالي فإن لبّ المشكلة لازال برسم انتظار الحل، كما أن تحكم تجار الغيار والتبديل سيزداد مع ازدياد عدد السيارات القديمة المطروحة من جديد، خاصّة وأن حماية المستهلك لا تزال مغيّبة جزئياً -لأسباب مجهولة- عن فرض رقابة جدّية وإحالة التجار المخالفين في هذا السوق للقضاء بغية حماية مالكي السيارات القديمة والحديثة من لصوص قطع الغيار المتزايد عددهم والمتناثرين في جميع الأحياء بتسعيرة مخالفة ومعروضة للزبون على عين حماة المستهلك.
جمود سوق السيارات
حال سوق السيارات لم يكن مُرضياً للشاري والبائع خلال السنوات العشر الماضية، إذ يجد محمد النجار “تاجر سيارات” أن خلخلة سوق السيارات ليس وليدة اليوم، ففي الوقت الذي بدأت العقوبات الاقتصادية تنهال على البلد بدأت الصعوبات تعترض جميع مفاصل الحياة في سورية ورافقها ارتفاع سعر الصرف والذهب وحملقة سوق العقارات وصولاً إلى سوق السيارات والتي هي الأخرى شملها جزء كبير من العقوبات بوقف الاستيراد وارتفاع سعر قطع الغيار المستوردة وانحسار الشراء بموديلات قديمة محددة موجودة في السوق منذ عشرات السنين متهالكة ومليئة بالأعطال، ولفت النجار إلى عدم تحرك الجهات المعنية بخصوص سوق السيارات بعد انتهاء الحرب وتلاشي الكثير من الصعوبات، بل على العكس استمرت بإيقاف الاستيراد ظاهرياً في حين لا زالت السيارات بأحدث الموديلات تتجول في شوارعنا الراقية، ولم ينف تاجر السيارات جمود حركة البيع والشراء والتأجير بسبب انعدام القدرة الشرائية للغالبية العظمى للمواطنين وارتفاع سعر السيارات المطروحة للبيع بعشرات الأضعاف عن ما كانت قبل الحرب، كذلك لم يجد النجار بخطوة طرح المؤسسة العامة للتجارة الخارجية سيارات مستعملة للبيع أي توجه إيجابي كون الأسعار لا زالت بعيدة عن دخل المواطن في القطاعين العام والخاص، فاليوم لا بدّ من التوجه لفتح باب استيراد سيارات حديثة وطرحها بالتقسيط كما كنّا في السابق لا إعادة تدوير المستعمل في السوق بعباءة جديدة.
الحل بالاستيراد
في المقابل، وجد عامر ديب، نائب المدير العام لمؤسسة رجال الأعمال العرب والسوريين، أهمية هذه الخطوة، لاسيّما وأننا بحاجة اليوم لتدخل القطاع العام في سوق السيارات وقطع الغيار كون هذا القطاع هو الضامن الوحيد للمواطن، موضحاً أن الشراء من هذه الصالة ينحصر بغير مالكي أي سيارة أخرى، بالتالي عدم السماح بالمتاجرة بهذه السيارات، لافتاً إلى أن توقف استيراد السيارات سببه أولويات ورؤية معيّنة للحكومة لاسيّما في ظل نقص المحروقات الكافية لتغطية حاجة السوق، لكن المطلوب في المرحلة القادمة فتح باب الاستيراد بآليات تختلف عن السابق وتتناسب مع هذه المرحلة من خلال إضافة رؤية جديدة لهذا الموضوع تحقق التوازن بين حاجة قطاع النقل الفردي وحاجيات الدولة، ولفت ديب إلى أن قرار وقف الاستيراد أدى لوجود سيارات مستهلكة يزيد عمرها عن عشرات السنين، متسائلاً عن الوفورات التي حققتها الحكومة بقرار إيقاف استيراد السيارات، وما تكبدته من خسائر جراء صيانة سيارات القطاع العام واستيراد قطع غيار وغير ذلك من تكاليف، أي أننا في حال قارنا بين هذه التكاليف والخسائر مع وفورات عدم استيراد السيارات سنجد أن كلفة استيراد قطع الغيار أو دواليب السيارات تعادل استيراد 200 سيارة سنوياً، بالتالي فإن موضوع استيراد السيارات مهم جدا لتخفيض نسب التضخم، لاسيّما وأننا نشاهد الكثير من حالات السيارات الخاصة والحديثة تجوب في شوارعنا بالتالي لا بدّمن فتح باب الاستيراد لعدد محدد ضمن معايير ورؤية ووفقاً لموازنة تدور بين السوق الداخلية وسعر الصرف.
تلاعب بالأسعار
ولفت ديب إلى ضرورة التفكير بالسيارات القديمة والتي عددها يفوق المليون سيارة تم شراءها منذ عام الـ 2008 كسيارات جديدة ، فالاهتراء اليوم وصرف البنزين وزيادة الطلب على الوقود من قبل هذه السيارات يجب أن يوضع بحسابات الحكومة وقراراتها، ناهيك عن ضرورة إعطاء صلاحيات في موضوع سيارات الكهرباء.
وتحدث نائب المدير العام عن موضوع قطع غيار السيارات القديمة والتي تأتي مستوردة كنخب خامس وتُباع للمواطن على أنها نخب أول لتفوق أرباحها الـ 200% وسط غياب الرقابة عن تسعيرها وبيعها، بالتالي فإن الحاجة اليوم ماسّة لفتح باب الاستيراد لخفض أسعار السيارات وقطع الغيار والتبديل أيضاً والحد من التلاعب والمتاجرة بها، على أمل أن يكون في المرحلة القادمة سيارات جديدة تُباع في صالات القطاع العام للاستفادة في هذا المجال التجاري وتحقيق تنافسية في سوق السيارات.
سعر منطقي
مدير المؤسسة العامة للتجارة الخارجية شادي جوهرة بيّن في رده على سؤال “البعث”، بخصوص آلية الشراء من الصالة، أن الشاري يدفع مبلغ قيمته ثلاثة ملايين ليرة كدفعة مقدمة إلى حين تقديم شيك مصدق بتتمة قيمة السيارة وبموجبه يُعطى فاتورة يقدمها إلى مديرية النقل لاستكمال عملية الشراء ودفع رسوم الفراغ والرفاهية بدون رسوم جمركية، فحالة البيع في الصالة مشابهة لحالة البيع في المزاد إلّا أن بعض المواطنين لا يرغبون بالشراء عن طريق المزاد لذا تم افتتاح هذه الصالة، لافتاً إلى أن السيارات في الصالة مستعملة وهي سيارات جهات العامة وفي طور سبر السوق، وكانت تُباع عن طريق مزادات تُقام مرتين كل شهر، وحول المعايير التي يتم وضعها عند التسعير أوضح جوهرة قيامهم بدراسة الوضع الفني للسيارة والخوض في جميع تفاصيلها الفنية، إضافة إلى دراسة حالة السوق والأسعار الموجودة فيه للوصول إلى سعر منطقي بكل شفافية، مشيراً إلى أن الأسعار الموجودة في الصالة تبقى ثابتة لمدة 15 يوم وهي قابلة للزيادة أو النقصان حسب المعايير التي تم ذكرها سابقاً، بالتالي فإن افتتاح هذه الصالة لن يؤثر على أسعار السيارات خارج سور الصالة كون تسعيرة السيارات في البلد تقوم على معايير خاصة لا يمكن تغييرها بافتتاح صالة بيع مباشر.
ميس بركات