ذا هيل: حق حيازة السلاح في الولايات المتحدة قبضة موت تلتفّ على أعناق الأمريكيين
واشنطن- سانا
حذّرت صحيفة ذا هيل الأمريكية من خطورة تفشّي ظاهرة حمل السلاح في الولايات المتحدة بحماية من الدستور، مشيرة إلى أن الأمريكيين أصبحوا مسلحين بشكل استثنائي، وهم في الوقت ذاته عرضة لإطلاق النار أينما تحرّكوا سواء في دور السينما أم الحفلات الموسيقية أو الكنائس والمعابد أو المدارس.
وتساءلت الصحيفة عن السبب الذي يسمح للأمريكيين المدنيين منهم والمسؤولين بمثل هذا “الجنون الجماعي” من حمل الأسلحة والاحتفاظ والتجوّل بها بذريعة أنه حق يضمنه الدستور، واصفة الأمر بأنه “مزيج من المعلومات المضللة والسلطة السياسية والتهاون والتطرّف”.
وعن حالة الهلع التي انتشرت في المجتمع الأمريكي نظراً لكثرة حوادث إطلاق النار والقتل الجماعي، قالت الصحيفة: إن الآباء والأمهات في الولايات المتحدة يرسلون أطفالهم إلى المدرسة كل صباح، وهم يخشون من عدم رؤيتهم أحياء مرة أخرى، وأصبح التعرّض لإطلاق النار أمراً شائعاً عند قرع جرس الباب بطريق الخطأ أو دخول السيارة أو عند انفعال رجال الشرطة وإطلاقهم الرصاص.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى حقيقة أن السلاح المفضّل للمجرمين الذين يرتكبون عمليات القتل الجماعي هو سلاح قتالي ذو معدل فتك هائل، فإن فرصة البقاء على قيد الحياة بالنسبة للمواطنين الأمريكيين انخفضت بشكل كبير.
وفي هذا السياق، أوضحت وكالة اسوشيتد برس الأمريكية أن عمليات القتل الجماعي التي تصنّف على أنها حوادث إطلاق نار بعدد قتلى أو مصابين يتجاوز الأربعة تفاقمت على نحو خطير، مسجّلة 19 حادثة منذ مطلع هذا العام وهو أكبر عدد منذ عام 2006.
وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن عام 2023 سجّل وتيرة قياسية في هجمات إطلاق النار الجماعي في أمريكا بمعدل هجوم واحد تقريباً كل أسبوع، ما أسفر عن مقتل 97 شخصاً على الأقل حتى الآن.
وعثرت الشرطة الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي على أربعة أشخاص مقتولين بالرصاص في بلدة موهافي الصحراوية في كاليفورنيا، كما قتلت فتاة وأصيب خمسة آخرون في إطلاق نار بولاية كاليفورنيا أمس.
ووجدت دراسة نشرت في دورية “انترنال ميديسن” الأمريكية مؤخراً أن 7.5 ملايين أمريكي بالغ أصبحوا مالكي أسلحة جدداً، وجعل هذا بدوره قرابة 11 مليون شخص عرضة لخطر الإصابة أو القتل بالأسلحة النارية من بينهم 5 ملايين طفل.
إلى ذلك، قُتل تسعة أشخاص وأصيب آخرون في حادث إطلاق نار عشوائي، داخل مركز تجاري في ولاية تكساس الأميركية أمس.
ونقلت وكالة فرانس برس عن جوناثان بويد رئيس جهاز الإطفاء في (آلن) إحدى ضواحي مدينة دالاس التي شهدت إطلاق النار قوله: “إن مسلحاً مجهولاً فتح النار بشكل عشوائي على رواد مركز تجاري في الضاحية، ولدى وصول سيارات الشرطة والإسعاف عثرنا على سبعة أشخاص في مكان الحادث وقد فارقوا الحياة، وتم نقل تسعة أشخاص آخرين إلى المستشفى، توفي اثنان منهم لاحقاً”.
وفي كاليفورنيا، قتلت فتاة وأصيب خمسة أشخاص آخرين في حادث إطلاق نار، في حفلة منزلية في مدينة شيكو بالولاية أمس.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن قائد شرطة المدينة بيلي اولدريدج قوله: تم استدعاء الشرطة أمس إلى حفلة في شارع كولومبوس على بعد أبنية قليلة من حرم جامعة ولاية كاليفورنيا، حيث اتضح أن ستة أشخاص أصيبوا بالرصاص وفارقت إحدى الضحايا وتبلغ من العمر 17 عاماً الحياة لاحقاً، بعد إطلاق أحد الحضور النار خلال شجار.
من جهة ثانية، كشفت مؤسسة “غان فيولنس أرغايف” التي تعمل على أرشفة العنف المسلّح في الولايات المتحدة، أن 14600 شخص قتلوا في عمليات عنف مسلح في أنحاء الولايات المتحدة خلال أربعة أشهر، منذ مطلع العام الجاري.
وحسب المؤسسة فإن الولايات المتحدة شهدت منذ مطلع العام الجاري 199 هجوماً مسلّحاً جماعياً، قُتل خلالها 14600 شخص، بينهم 521 شاباً و93 طفلاً.
ولفتت إلى أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، كان هناك أكثر من 600 حادثة إطلاق نار جماعي، بمتوسط مرتين في اليوم.
وليس لدى الولايات المتحدة تعريف واحد لإطلاق النار الجماعي، حيث إن أرشيف قاعدة البيانات يعرّف إطلاق النار الجماعي بأنه حادث أصيب أو قتل فيه أكثر من أربعة أشخاص ليس بينهم مطلق النار ذاته، وتشمل البيانات إطلاق النار الذي يحدث في المنازل والأماكن العامة.
وكان أكثر الهجمات دموية في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، الحادث الذي شهدته لاس فيغاس عام 2017، الذي قُتل خلاله أكثر من 50 شخصاً، وأصيب 500 آخرون.
غير أن إحصائيات عدد الأسلحة التي يمتلكها المدنيون في جميع أنحاء العالم أمر صعب، وقد قدّرت أحدث الأرقام من مشروع “سمول آرمز سيرفي” البحثي ومقرّه سويسرا أن 390 مليون بندقية كانت متداولة في الولايات المتحدة خلال عام 2018.
وتشير البيانات الأحدث من الولايات المتحدة إلى أن ملكية السلاح نمت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية ووجدت دراسة نشرتها دورية “انالز اوف انتيرنال ميديسن” في شباط الماضي أن 7.5 ملايين بالغ أمريكي أصبحوا مالكي أسلحة جدداً بين كانون الثاني 2019 ونيسان 2021.
وتشير بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن أعداد البنادق التي يملكها الأمريكيون تزيد على أعداد المواطنين بنسبة 120 بندقية لكل مئة أمريكي، بينما أشار استطلاع حديث لمؤسسة “غالوب” أجري في تشرين الأول الماضي إلى أن نحو45 بالمئة من الأمريكيين يعيشون في منزل به مسدس واحد على الأقل.