ثقافةصحيفة البعث

بسام الحجلي يشيد بدور الفنانين والمثقفين بالدفاع عن الإنسانية

ملده شويكاني

المحبة، الأمان، السلام، الاحتواء، الانتصار، كلها عوالم أوجدها الفنان بسام الحجلي في معرضه الجديد “عوالم” الذي أقيم في صالة الشعب، واتخذ طابع قصيدة شعر موحدة بقافيتها ورويها، حملها الطير المرفرف بجناحيه نحو البعيد يبحث عن طيف حلم، أو يستكين إلى غصن شجرة برمزية إلى الروح التواقة للجمال.

وقد ضمّ المعرض اثنتين وأربعين لوحة اختارها الفنان الحجلي من سبعين عملاً للموضوع ذاته، ورغم اختلافها بالأحجام والألوان والتوزيع، إلا إنها جاءت بروح واحدة بمشهديات متباينة، لكن يربطها تغريد الطير على غرار المتصل- المنفصل في غابة تزدهي بتفرعات أغصان الأشجار والأزهار اليانعة رغم تسرّب الرماديات إليها مع الضوء المشرق، إضافة إلى أشكال إبداعية وتوشيحات وأبعاد بعيدة للأشجار تتبع لمدلولات التعبيرية السريالية، التي تغوص بعمق الذات والآخر، وبطبيعة الحياة التي تجمع بين الشر والخير بنسب متفاوتة بين البشر، وهذا يبدو بالأشكال الإبداعية التي تبدو غرائبية، وبالطير ذاته الذي بدا يشبه الصقر بنظراته الثاقبة وقوة حضوره بمشهدية إحدى اللوحات، إضافة إلى وجود اللون الأسود في لوحات متعدّدة.

وبالمقابل يتوق الطير في عوالمه التي أوجدها بمساحات مدروسة وبصيغ لونية ارتبطت بمسار بسام الحجلي إلى الحلم والحب والسلام والأمان والاحتواء، فومضة الحلم غردها الطائر الأزرق المتناغم مع تموجات الخلفية بتدرجات لون الأزرق أيضاً.

ويقترب من الواقع الحالي بلوحة طائر الفينيق الذي ينهض من الرماد، وتكتمل المشهدية بلوحة كبيرة للطيور الجماعية التي تغرد فرحة، في حين هيمن اللون الأزرق العميق على الخلفية، لتومئ بحلم تحقق بانتصار وطن بعد سنوات الحرب بشدتها، وباللقاء بعد سنوات التشتت، وفي زاوية أخرى يجسّد الحصان بشموخه دلالة على التحدي والشجاعة والانتصار.

وقد عمل الحجلي على التوازن بين الموضوع الإنساني الوجداني والتقنية بالاشتغال المدروس على سطح اللوحة والعجينة اللونية والانسدالات وهالات اللون الأبيض.

الانتماء والحوار

“البعث” توقفت مع الفنان بسام الحجلي عند بعض اللوحات، أولها لوحة الطير الذي يشبه الصقر، فعقب بأن الطائر لا يصنّف باسم فهو ليس بصقر ولا بغراب ولا بنسر، هذا الطير يدلّ على حالة عدم التوازن في الحياة والبحث عن الاستقرار في لحظة محاولة خروجه من دائرته بمشهدية الخروج من اللوحة. أما اللوحة الثانية التي تملك سحر الاحتواء وتمثل عائلة، فتلامس حياته الخاصة بعد تجربة انفصاله عن زوجته وابتعاده عن أولاده وسفرهم، ومن ثم تحقيق حلمه بارتباط جديد يعيد الفرح إلى روحه المتعبة، وعبّرت لوحة الطير المنفرد المتمسّك بالغصن بعيداً عن أجواء الغابة عن حالة الإنسان الصوفي الذي يكتفي بعالمه المبني على النور والسلام الداخلي ضمن فراغ العزلة. وينتقل إلى لوحة الطيور الجماعية، فهي مملكة الطيور الذين يمثلون الأفراد ويؤكدون على الانتماء والحوار برمزية إلى الوطن.

الطير والحصان

وعن ظهور الحصان وربطه مع الطير، أوضح أن هذا الربط يرمز إلى التحرّر من الواقع، فالطير يمثل حالة الروح المحلقة، والحصان يجسّد حالة الروح المادية الموجودة في الجسد دون إمكانية التحرّر من الجسد، ويضيف أن كتلة الحصان والتشكيل الجميل بجسده وحركته وكتلته تشدّ عين المتلقي لعدة مراحل وصولاً لقراءة المشهد، فهذه الكائنات موجودة لتعبّر عن الكيان الإنساني في جسد الحصان والطير كحالة تقمص.

دور الفنانين والمثقفين

ونوّه في نهاية حديثه بدور الفنانين والمثقفين والمفكرين بالدفاع عن الإنسانية والحياة، وبدورهم كمرشدين للخير والسلام، وبالتمسّك والاعتزاز بالهوية السورية التي نفتخر بها.

أقام بسام الحجلي معارض في دبي ودول عدة، وله أعمال مقتناة في البنك الدولي في واشنطن وكثير من الدول.