مطالب بتفعيل عجلة الإنتاج
بشير فرزان
لايزال التباطؤ يسيطر على دوران عجلة الإنتاج بكل المجالات، وهذه الخلاصة محل اتفاق بين جميع الفرقاء الذين لهم علاقة بالإنتاج، فمنذ بداية العام كان هناك آلاف النداءات والأفكار التي يقدمها أصحاب الاختصاص من اقتصاديين وصحفيين وصناعيين وتجار من أجل دعم عملية الإنتاج، وتقديم كل ما من شأنه تنشيط العمل وتفعيله، وبغضّ النظر عن مصير هذه النداءات والأفكار التي لم يؤخذ بها، لابد من الإقرار بأن الإجراءات التي تتخذها الحكومة وخاصة الفريق الاقتصادي لم تنتهج مسار الحلول والإنتاج، بل غلب عليها طابع الارتجال والتعامل بقسوة وشدة، سواء مع المنتجين أو المستهلكين والتلويح بعصا العقوبات والتهديد دون أن يكون هناك بالمقابل خطوات فعلية لدعمهم إنتاجياً من جهة، والتخفيف من أعباء المواطن، حيث لم يحسن الفريق الاقتصادي إدارة الدفة الإنتاجية التي استمرت بإيصال الاقتصاد إلى القاع من خلال قرارات ارتجالية متضاربة بعيدة كل البعد عن آليات الدعم الإنتاجي!!.
وطبعاً قد تمنح الظروف الحالية الشرعية لمطالبات الصناعيين برفع القيود والطلبات والاشتراط عن كل شيء (تجارة، صناعة، زراعة، صناعة دواجن، حركة أموال) وترك الناس تعمل دون ضرائب ودون سجلات تجاريه ودون رخص ومراجعات، ودفع أموال هنا وهناك وترميم جيوب المواطن برفع الأجور بسخاء لدعم القوة الشرائية وتحريك السوق والعمل الإنتاجي، إلى جانب التشديد على الغش والتدليس وتفعيل الرقابة، وذلك ضمن مسارات “دعه يعمل دعه يمر..”.
ولاشك أن زيادة الإنتاج والتشغيل تشكل التحدي الأكبر الذي يشغل بال الكثير من الجهات العاملة على إعادة دوران عجلة الإنتاج وتسريع وتيرتها، ورغم الاهتمام الكبير بهذا الموضوع إلا أنه يسير بخطى متثاقلة غير منتجة أو ملبية للتطلعات والآمال، وعلى ما يبدو تسير الآن في ظل الواقع الإنتاجي ومؤشراته الرقمية بعكس الجهود المبذولة التي تراوح وللأسف على خط البداية دون إقلاع حقيقي بالعملية الإنتاجية، وتجاوز هذا التحدي ليس بالأمر السهل في مشروع العودة للإنتاج، ولكن في الوقت نفسه لا يشكّل تجاوزه عملاً مستحيلاً، فهناك الكثير من الحلول وفي مقدمتها إنشاء مناطق تجمع صناعات صغيرة ومتناهية الصغر (حرفية) مجهزة ببنية تحتية جيدة (ماء، كهرباء، خدمات أخرى) قريبة من مركز مدينة كلّ محافظة ودعوة أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للعمل فيها لقاء أجور رمزية لمدة ثلاث سنوات ويعاد النظر بها بعد ذلك، على أن يكون لهذه التجمعات أنظمة مالية وإدارية خاصة وبسيطة تشجع على مساهمتها الفاعلة في زيادة الإنتاج.
باختصار العودة للإنتاج تحتاج إلى تفاعل كافة الجهات من وزارة الصناعة وغرف الصناعة ورجال الأعمال من مختلف القطاعات لتنشيط واقع التشغيل والإنتاج في المؤسسات والشركات العامة والخاصة، وانطلاقاً من الوقع الحالي للإنتاجية وأرقامها المتواضعة يمكن القول إن الإجراءات التي تتمّ في هذا المسار جوفاء وغير صالحة للعمل والتنفيذ، وبذلك يتم النفخ في القرب المقطوعة كما يقولون، وللأسف سنسمح أيضاً لأنفسنا بتشخيص حال القطاع العام الصناعي العالق منذ أكثر من عشرين عاماً إلى الآن في مرحلة تشخيص وتوصيف حالة القطاع العام الصناعي، وبالتالي لن يكون هناك إنتاجية حقيقية بل مجرد دوران في حلقات التسويف والمماطلة والبقاء على خط البداية الإنتاجية لسنوات طويلة، ولذلك لابد من وضع منهجية وطنية تضبط الواقع الإنتاجي وتؤمن عبوراً آمناً وصحيحاً لشعار “دعه يعمل دعه يمر”، وبشكل يضمن النهوض بالعمل المنتج ويمهد لانتعاش اقتصادي معيشي فاعل على ساحة الواقع.