مجلة البعث الأسبوعية

أزمة النقل تزداد تعقيداً وتعديلات غير قانونية و تركيب GPS في مطلع الشهر القادم

البعث الأسبوعية – محمد غالب حسين

ينتظر عشرات المواطنين  في مركز انطلاق خان أرنبة أكثر من ساعة لقدوم أحد السرافيس، فيتسابقون إليه في منظر منفر، ويتكرر هذا المشهد يومياً من الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة وهذا الواقع ينطبق على الركاب المنتظرين بمركز انطلاق السومرية حيث نشاهد منذ الساعة السادسة صباحاً مئات طلبة المعاهد والجامعات ينتظرون وسيلة نقل، ليصلوا كلياتهم ومعاهدهم دون تأخير، كما تبدأ المعاناة للمواطنين بمركز السومرية أيضاً من الساعة الثانية عشرة ظهراً، وتمتد حتى الساعة الخامسة مساء دون جدوى. فعشرات الركاب من أبناء محافظة القنيطرة، كانوا في مركز انطلاق السومرية بانتظار  سرفيس القنيطرة، ليندفع الركاب نحوه، ليزيد سرعته بعيداً عن موقف القنيطرة، يقول ضاحكاً : ( مالي طالع . ما في مازوت).

هذا المشهد الذي عاينته بنفسي مع العشرات من أبناء القنيطرة، وجدته المدخل المناسب للحديث عن أزمة النقل الخانقة بمحافظة القنيطرة والتي تتضح مرتساماتها يومياً على (٥٥٦٥) طالباً وطالبة يدرسون بالكليات الجامعية بمحافظة القنيطرة، ومئات الطلاب الملتحقين بالمعاهد ،ناهيك عن ثانوية المتفوقين بمدينة البعث التي تضم طلاباً من أغلب قرى المحافظة فضلاً عن مئات الموظفين والعاملين الذين يتجهون من القنيطرة لدمشق.

تعديل التعرفة

رغم أن تعرفة خطوط النقل المركزية هي من صلاحيات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فقد أصدر المكتب التنفيذي لمحافظة القنيطرة قرارين بتعديل أجرة الركوب على خط دمشق القنيطرة، وبذلك أصبحت الأجرة بباصات مجلس مدينة القنيطرة التي تصل للبرامكة ( 2000 ) ليرة، أي ارتفعت من (1200) ليرة إلى ألفي ليرة، وكذلك ارتفعت تعرفة الركوب للسرافيس العاملة على خط دمشق القنيطرة وباصات مجلس مدينة القنيطرة التي تصل للسومرية فقط (1500) ليرة.

وإذا كان المكتب التنفيذي لمحافظة القنيطرة قد اعتمد على مسوّغ قانوني لتعديل تعرفة الركوب إلى ألفي ليرة لباصات مجلس مدينة القنيطرة بعد تعديل مسار ذلك الخط من مركز انطلاق السومرية إلى البرامكة، لكن المحافظة قد زادت تعرفة السرافيس وباصات مجلس المدينة أبضاً من( 1200) ليرة إلى( 1500) ليرة دون مبرر قانوني، فهي لم يتغير مسار خطها، وظلت تصل لمركز انطلاق السومرية فقط، ولم ترتفع أسعار المازوت!!!!.

عضو المكتب التنفيذي المختص حسن البكر أشار إلى إنصاف سائقي السرافيس بهذه الزيادة، نظراً للغلاء الفاحش لقطع الغيار، متمنياً على السرافيس الالتزام بالتعرفة الجديدة، لأن أي زيادة ستقمع فوراً.

وأوضح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس حمدي العلي أن دائرة الأسعار في المديرية، وضعت بين يدي المكتب التنفيذي أسس ومبادئ تعديل التعرفة للباصات والسرافيس والمسافة الكيلومترية المعتمدة لاعتماد أجرة الركوب، وتمّ اعتماد التعرفة الجديدة على ضوء ذلك، مضيفاً أن تعرفة الركوب على جميع الخطوط الداخلية للمحافظة لم يطرأ عليها أي تعديل، وبقيت على حالها، مبيّناً أن المديرية ستسيّر دوريات لمتابعة تقيّد السرافيس بالتعرفة الجديدة، كما أنها تتلقى شكاوى المواطنين عن أي مخالفة أو زيادة بالأسعار.

ارتياح مواطنين

لقد عبّر كثير من المواطنين عن ارتياحهم بوصول باصات مجلس مدينة القنيطرة للبرامكة عبر سفرتين، الأولى تنطلق الساعة السادسة صباحاً من القنيطرة، وتعود من البرامكة حاملة طلبة الكليات الجامعية والمعاهد، والثانية تنطلق الساعة الثانية من القنيطرة، وتعود الرابعة من البرامكة، ويتمنون تسيير رحلة ثالثة الساعة التاسعة صباحاً من القنيطرة، وبذلك تكون المحافظة قد قامت بتأمين الركاب من خلال ثلاث سفرات إلى البرامكة، وهناك سفرات لباصات مجلس المدينة تصل كراج السومرية فقط، وذكر أمين سر مجلس مدينة القنيطرة سامر قات أن هناك باصين لمجلس المدينة جاهزان للتدخل فوراً عند غياب السرافيس من مركز الانطلاق، وتسييرهما لدمشق فوراً.

غض النظر

مدير نقل محافظة القنيطرة المهندس زهير الصلاح بيّن أن هناك (356) سرفيساً مسجلاً على خط دمشق القنيطرة والخطوط الداخلية بالمحافظة، لكن هذه الأرقام نظرية توثيقية مسجلة بأرشيف مديرية النقل فقط، ولا وجود لها على الواقع، فكثير من السرفيس تركت خط دمشق القنيطرة، وتمّ فرزها لخطوط سير بريف دمشق، ومنها متعاقد مع جهات عامة وخاصة، وبعضها يحصل على مادة المازوت المدعوم، ولا يعمل على الخط، لأن هناك من يغضّ البصر عنه بعد أن يبيع المازوت.

أما آخر إحصائية عملية للسرافيس العاملة على خط دمشق القنيطرة والخطوط الداخلية بالمحافظة بلغت (239) سرفيساً، منها (72) سرفيساً على خط دمشق القنيطرة، و(15) سرفيساً على خط خان أرنبة سعسع،  و(34)سرفيساً على خط خان أرنبة مدينة البعث، و(15)سرفيساً على خط خان أرنبة الكوم، و(29) سرفيساً على خط خان أرنبة نبع الصخر، و(21 )سرفيساً على خط خان أرنبة سويسة، و(6 )سرافيس على خط رويحينة بئرعجم بريقة، وسرفيسان على خط كودنة،  و(5 )سرافيس على خط جبا، و (8 )سرافيس على خط جباثا الخشب، و( 4 )سرافيس على خط الرفيد، و(25) سرفيساً على خط حضر.

وتحصل سرافيس دمشق بكل سفرة على(17) ليتراُ من المازوت، وسرافيس خطوط جبا ومدينة البعث وكوم الويسية على (15) ليتراً يومياً، وعليها أن تعمل ست سفرات على الأقل بالنهار، وسرافيس سويسة وقرقس على (13) ليتراً لكل سفرة بينما تنال سرافيس صيدا (15) ليتراً استناداً للمسافة الكيلومترية بين مركز الانطلاق في خان أرنبة وتلك القرى.

لكن الأهم من ذلك هل هناك من يراقب حركة هذه السرافيس التي حصلت على المازوت، هل قامت بنقل الركاب أم باعت المازوت دون عناء أو خوف من المسؤولية.

معاناة بالجملة

من يتسنى له مراقبة مئات الركاب المجتمعين ببلدة خان أرنبة منتظرين وسيلة نقل لقرى جبا ومسحرة وأم باطنة وممتنة ونبع الصخر، يشعر بالأسى والحزن، ويتأكد من فشل المعنيين بمرفق النقل على تنظيم السرافيس والباصات العاملة على خط دمشق القنيطرة.

ويلاحظ المتابع المنظر ذاته أي عشرات الركاب المنتظرين للذهاب إلى رويحينة وبئر عجم وبريقة وكودنة والقحطانية والأصبح وغدير البستان وصيدا والرفيد وسويسة وعين التينة وقرقس وقصيبة بالريف الجنوبي للمحافظة.

أما سكان مدينة البعث وقرى الحميدية والحرية ورسم أبو شبطة ورسم الرواضي والصمدانية الغربية ومدينة القنيطرة، فتغيب وسائط النقل عنها بعد الساعة الثالثة عصراً. لذلك يضطر المواطن مكرهاً لدفع أكثر من سبعة آلاف ليرة أجرة تكسي لمدينة البعث، وتسعة آلاف لقرية الحميدية، وعشرة آلاف لرسم أبو شبطة وقرية الحرية والصمدانية الغربية ومدينة القنيطرة، كما أكد المواطنون فوزي محمد وأحمد طه وعلي السعد ومنصور الأحمد، لأن سيارات التكسي بالمحافظة ترفض تشغيل العدادات، وتعمل حسيب أو رقيب يقمع جشعها الكبير!!.

وخلال الدوام يوجد بضعة سرافيس تعمل على خط خان أرنبة مدينة البعث وتخالف التعرفة المحدّدة أمام بصر وسمع جميع المعنيين، وتأخذ ثلاث مئة ليرة أجرة الراكب بينما التعرفة المحدّدة من قبل المكتب التنفيذي للمحافظة ثمانون ليرة فقط. ومع ذلك تغيب هذه السرافيس جميعها عن الخط خلال يومي الجمعة والسبت، وبعد الساعة الثالثة في باقي الأيام؛ لتعمل على خطوط أخرى كما يحلو لها كما ذكر المواطنون الذين يقعون فريسة جشع سيارات التكسي.

السائقون عاتبون

وجّه أغلب سائق السرافيس العتب لنقابتهم التي لا تدافع عنهم، ولا تستمع لشكواهم، لافتين أنهم يدفعون شهرياً أربع آلاف ليرة شهرياً لاتحاد عمال محافظة القنيطرة، ويشترون “المينافست” بألف ليرة إضافة لبيعهم بطاقة للمحروقات، لا يستفيدون منها أبداً فضلاً عن الأتاوت التي تُفرض عليهم آحياناً، وتقف نقابة عمال النقل البري دون أن تدافع عنهم، أو تحرك ساكناً من أجلهم.

دور المواطن

مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمحافظة القنيطرة المهندس حمدي العلي تحدث عن تنظيم مئات الضبوط التموينية بالسرافيس المخالفة باستيفاء زيادة عن التعرفة المحددة أو عدم الإعلان عن التعرفة، لكنه تمنى مزيداً من التعاون من قبل المواطنين بالإبلاغ عن أي مخالفة تتعلق بزيادة التعرفة المحددة عبر الاتصال الهاتفي، وذكر رقم السرفيس وخطه ، لتتم مخالفته أصولاً. وأشار لضرورة قيام المواطن بتقديم شكوى للمديرية عندما يستوفي السائق أية زيادة على التعرفة المقرّرة، لتتمكن من ضبط المخالفة وتحرير الضبط التمويني اللازم.

  الحل قادم

وفي تصريح لمحافظ القنيطرة المهندس معتز أبو النصر جمران أن المحافظة ستبدأ بتطبيق نظام GPS على وسائط النقل بعد استكمال عمليات التركيب مطلع الشهر القادم، لخط دمشق القنيطرة والخطوط الداخلية بالمحافظة، ومن المتوقع ان يؤدي هذا الأمر لانفراج أزمة النقل، والقضاء على كل تجاوزات ومخالفات السرافيس.

كما أجمع عشرات المواطنين على أن الحل ليس عسيراً، بل هو سهل وميسور إذا توفرت النوايا، وتعاونت جميع الجهات الفاعلة بالنقل والمرور كلجنة نقل الركاب ومديرية النقل وشرطة المرور ونقابة عمال النقل البري. ويكمن الحل المنشود بقمع كل التجاوزات والشفاعات، وإلزام السرافيس التي تحصل على المازوت المدعوم بالوصول لنهاية خطها المسجل بميكانيك السرفيس عبر ختم سجل الركاب من مخافر الشرطة في نهاية كل خط، إضافة لحجز كل سرفيس يتغيب عن الخط لأكثر من ثلاثة أيام دون عذر مبرر كإصلاح السرفيس، وإلغاء تسجيل السرفيس بمديرية نقل القنيطرة إذا زادت مدة غيابه عن شهر دون إذن مسبق من الجهات المعنية، وإنهاء فرز كل سرافيس القنيطرة لخطوط خارج المحافظة.