تركيا تحسم أمر رئيسها اليوم
علي اليوسف
قد يقلب المرشّح السابق والقومي المتشدّد، سنان أوغان الذي حاز على 5,2 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، كل الموازين في الانتخابات التركية، فقد أعلن أنه سيدعم رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية المقرّرة اليوم. لكن هذا ليس مؤكداً بعد، لأن حزبه الصغير “أتا” لم يكن موجوداً سوى منذ بضعة أشهر فقط، ويبدو أن معظم من دعمه كان مستاءً من أردوغان ومنافسه كليجدار أوغلو البالغ من العمر 74 عاماً.
لقد ساعدت الأصوات التي حصل عليها أوغان في إجبار تركيا على إجراء جولة إعادة للانتخابات، وهو بذلك حرم أردوغان من تحقيق نصر كامل لأول مرة في فترة حكمه التي استمرت 20 عاماً. يصوّر أوغان نفسه على أنه من المؤيدين المتحمسين للقومية التركية التي تبناها مصطفى كمال أتاتورك مؤسّس الجمهورية التركية، ويطالب بطرد ملايين اللاجئين، ويتخذ مواقف حازمة من الجماعات الانفصالية التي تقاتل من أجل حكم ذاتي أوسع في جنوب شرق تركيا.
حظوظ أردوغان
حتى الآن، وبعد إعلان أوغان دعمه لأردوغان، فإن حظوظ الأخير في الجولة الثانية تبدو أقوى من حظوظ مرشح المعارضة، وذلك بسبب حصول حزب “العدالة والتنمية” على الأغلبية في البرلمان، وفارق النقاط الكبير بين المرشحين في الجولة الأولى، وهو ما يعطي دفعة أكبر لفوز أردوغان في الجولة الثانية، رغم أن هناك تشكيكاً بمسألة قدرة أوغان على السيطرة على ناخبيه وإقناعهم، وفي الحسابات إذا منح 50 بالمائة من مناصري أوغان أصواتهم لمرشح المعارضة، فإنّ النصف الآخر ربما يصوّت لمصلحة أردوغان أو يمتنع عن التصويت، لذلك يبدو حظ أردوغان أكبر بكثير.
ماذا عن كليجدار أوغلو؟
تراجع الزخم الشعبي الذي كان حاضراً في الشارع خلال انتخابات الجولة الأولى، والذي كان داعماً بقوة لمرشح المعارضة، وأصيب هؤلاء بخيبة أمل وحالة من الإحباط بعد إعلان نتائج الجولة الأولى التي تقدّم فيها أردوغان على مرشح المعارضة، الذي كان يعول عليه مناصروه في حسم السباق من الجولة الأولى.
يستغل كليجدار أوغلو الوضع الاقتصادي المتردي والسياسة الخارجية لمهاجمة أردوغان، متعهداً بالعودة إلى النظام البرلماني، وأنّ يترك منصبه في حال فوزه بعد انتهاء ولايته لمصلحة جيل جديد من القيادات الشابة، لكن الرجل يفتقد الكاريزما التي تستطيع جذب الناخبين، على عكس أردوغان، خاصةً وأن هناك شكوكاً في أن يصوّت الناخبون بكثرة لكليجدار أوغلو في المرحلة الثانية، لأن هناك حالة تشاؤم وخيبة أمل. وحتى لو تحالف كلجدار أوغلو مع سنان أوغان، فلا يظنّ أحد أنّ جميع أنصار أوغان سيصوتون لمصلحة مرشح المعارضة، وعليه فإنّ الأصوات سوف تتشتت بين المرشحين، وبالتالي، فإنّ المستفيد هو أردوغان، بلغة الأرقام.
آلية الجولة الثانية
انتخابات الرئاسة والبرلمان في تركيا تقرّر من يقود البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، وكيفية حكمه في السنوات المقبلة. ولا تشمل الجولة الثانية الانتخابات البرلمانية التي جرى الانتهاء منها، واختيار 600 عضو في مجلس الأمة حتى 5 سنوات قادمة، وتصّدر فيها تحالف الجمهور الحاكم بنسبة 49% من الأصوات، و267 نائباً، يليه تحالف الأمة المعارض بنسبة 35،02 بالمئة.
يفرض عدم وصول أي مرشح للنسبة المطلوبة 50%+1 اتجاه السباق الرئاسي نحو جولة ثانية، وهو ما نصّ عليه الدستور ضمن المادة 101. عادة ما تأتي الجولة الثانية بعد 15 يوماً من الأولى، بين أول اثنين من المرشحين اللذين حصلا على العدد الأكبر من الأصوات، لكن القرار النهائي بخصوص الموعد تحدّده الهيئة العليا للانتخابات.
ينظم الدستور التركي كلّ ما يرتبط بقوانين الانتخابات سواء الجولة الأولى أو الثانية وقد رصدت أوراق تركيا أبرز الأحكام الصادرة حول ذلك. تجري الجولة الثانية من الانتخابات التركية بين المرشح الأول والثاني ممن حصلوا على أكبر نسبة من الأصوات. لكن في حال عدم مشاركة أحد منهما في تلك الجولة يشارك المرشح الحائز على الترتيب الثالث من الجولة الأولى.
وإذا انسحب أحد مرشّحي الجولة الثانية وبقي مرشح واحد فقط يتمّ التصويت على شكل استفتاء، وفي حال حصل المرشح على أغلبية الأصوات يفوز بمنصب الرئاسة. وفي حال عدم حصول الاستفتاء على غالبية الأصوات الصحيحة يتمّ تجديد الانتخابات. عند عدم اكتمال العملية الانتخابية يواصل الرئيس الحالي مزاولة مهامه حتى تولي رئيس منتخب للسلطة.
يجب أن يحصل أحد المتنافسين في الجولة الثانية على غالبية الأصوات الصحيحة المطلقة أي نسبة 50%+1. ولم يقرّر حتى الآن ما يمكن فعله في حال تساوي الأصوات 50% لكلّ متنافس. وغالباً ما تجتمع الهيئة العليا للانتخابات وتقرّر ما يمكن فعله في حال حصل ذلك. تنطبق معظم الإجراءات التي تجري في انتخابات الجولة الأولى على الثانية من بدء التصويت وانتهائه وفترة الصمت الانتخابي وغير ذلك. كما يشارك في الجولة الثانية من الانتخابات حملة الجنسية التركية من مختلف الجنسيات.
يُذكر أن الجولة الأولى من الانتخابات التي عاشتها تركيا انتهت من دون حصول أي من المرشحين على نسبة 50+1، إذ حصل أردوغان على 49.51 بالمائة من أصوات الناخبين، مقابل 44.88 بالمائة لـ كليجدار أوغلو، أي بفارق 2,5 مليون صوت، وهي الأصوات التي يتنافس عليها المرشحان.